ارشيف من : 2005-2008
خدع الشيطان
أيها العزيز: اليوم يوم الامهال والعمل، وقد جاء الأنبياء وأتوا بالكتب ودعوا بدعوات مع هذه التشريفات ومع تحملهم الآلام والشدائد كي يوقظونا من نوم الغفلة وينبهونا من سكر الطبيعة ويوصلونا إلى عالم النور ونشأة البهجة والسرور، والى الحياة الأبدية والنعم السرمدية واللذائذ الدائمة، ويُنجّونا من الهلاك والشقاوة والنار والظلمة والحسرة والندامة وكل ذلك لأجل أنفسنا ومن دون أن تعود اليهم ـ سلام الله عليهم ـ نتيجة، ومن دون أن تكون لتلك الذوات المقدسة حاجة بإيماننا وأعمالنا، ومع ذلك ما أثّرت فينا دعوتهم وقد أخذ الشيطان بمسامع قلوبنا وتسلط على باطننا وظاهرنا بحيث لم يؤثر فينا شيء من مواعظهم أي أثر، بل لم يصل إلى سمع قلوبنا شيء من الآيات والأخبار، وما تجاوز ظاهر السمع الحيواني.
وبالجملة أيها القارئ المحترم الذي طالع هذه الأوراق لا تكن ككاتبها خالياً من جميع الأنوار وصفر اليد عن جمع الأعمال الصالحة، ومبتلى بالأهواء النفسانية، وارحم أنت نفسك، واكتسب من عمرك نتيجة، وانظر بالدقة في حال الأنبياء والأولياء الكمّل، وارمِ الرغبات الكاذبة والوعود الشيطانية، ولا تغترّ بغرور الشيطان، ولا تنخدع بخدع النفس الأمّارة، فإن تدليسات الشيطان والنفس دقيقة، وإنهما ليعمّيان على الإنسان كل أمر باطل فيراه بصورة الحق، ويغران الإنسان حينما يأمل التوبة في آخر العمر، وينتهيان بالإنسان إلى الشقاوة. مع أن التوبة في آخر العمر وعند تراكم ظلمات المعاصي وكثرة مظالم العباد وكثرة حقوق الله أمر صعب ومشكل للغاية.
فاليوم مع ان الارادة في الانسان قوية والقوى الحيوانية على حالها وشجرة العصيان بعد لم تكبر وسلطنة الشيطان في النفس لم تستحكم والنفس الجديدة العهد بالملكوت والقريبة الأفق إلى فطرة الله، وشرائط حصول التوبة وقبولها سهلة، فهما لا يدعان الإنسان يقوم بالتوبة ويخلع جذور هذه الشجرة الواهنة ويقضي على هذه السلطنة غير المستقلة، ويعدانه بالتوبة في أيام الشيب التي تكون الإرادة فيها ضعيفة، والقوى نحيفة، والأشجار المختلفة للمعاصي ذات جذور عميقة وقوية، وسلطنة ابليس في الظاهر والباطن مستقلة ومستقرة، وألفة الانسان للطبيعة شديدة، والبعد عن الملكوت أزيد، ونور الفطرة خافتاً، وشرائط التوبة صعبة وشديدة، وليس هذا الا الغرور والافتتان.
(*) من كتاب "الآداب المعنوية للصلاة" للإمام الخميني (قده)
الانتقاد/نور الولاية ـ العدد 1156 ـ 7 نيسان/أبريل 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018