ارشيف من : 2005-2008
كلام في الطريق وعنه
في الطريق، كم يحلو الحديث عن الطريق، عن الطريق نفسه الذي اختطه كل واحد منا لنفسه ليصل من خلاله إلى شاطئ الأماني والأحلام الوردية التي رسمها لنفسه أو رسمها الآخرون له بمعرفته ودرايته أو بدونها.
القرآن الكريم هذه الصحيفة النورانية المتكفلة لجميع السعادات الروحية والجسمية والقلبية والقالبية يستبدل كلمة الطريق بكلمة الصراط، وعادة ما يضيف إليها صفة المستقيم، فنادراً ما تأتي كلمة الصراط في سياق الآيات القرآنية من غير نعتها.
الطريق المستقيم أو الصراط المستقيم هو أقرب الطرق بين السالك وهدفه الذي هو الله، فالوصول إلى الله يفترض طريقاً مستقيماً هو طريق رسول الله وأهل بيته، كما في الحديث أن رسول الله رسم خطاً مستقيماً ورسم في أطرافه خطوطاً وقال صلى عليه وآله هذا الخط الوسط المستقيم لي، ولعل هذا المراد من الأمة الوسط في قوله تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً".
ولكن هذا السلوك في الطريق وهذا السير ألا يتطلب إلهاماً خاصاً على ضوء الآية الشريفة: ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم". وهل ينفرد الإنسان عن بقية الكائنات بهذا السير, وهل طريقه هذه أطول أو أقصر من غيرها من الطرقات...
في كتابه "الآداب المعنوية للصلاة" يرى الإمام الخميني "رضوان الله عليه": "أن لكل من الموجودات صراطاً خاصاً به ونوراً وهداية مخصوصاً به، والطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق، وأن في كل تعيّن حجاباً ظلمانياً، وفي كل وجود حجاباً نورانياً", ويعتبر الإمام الخميني أن الإنسان مجمع التعيّنات وجامع الموجودات فهو أحجب الموجودات عن الحق تعالى. ويفسر هذا الكلام بالآية الكريمة: "ثم رددناه أسفل سافلين". ومن هذه الجهة فصراط الإنسان أطول الصُّرُط وأظلمُها...
ألم أقل لكم من البداية إن في الطريق كلاماً عن الطريق ينبغي التفكر فيه قبل الانطلاق.
حسن نعيم
الانتقاد/ نقطة حبر ـ العدد 1156 ـ 7 نيسان/أبريل 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018