ارشيف من : 2005-2008

قبس من هدي الإمام جعفر الصادق(ع)

قبس من هدي الإمام جعفر الصادق(ع)

الإمام جعفر بن محمّد الصادق (ع) سادس الأئمة الأطهار من أهل البيت المعصومين الذين نص الرسول (ص) على خلافتهم من بعده.‏

وُلد الإمام جعفرُ بن محمد الصادق(ع) في مثل هذه الأيام، في 17 ربيع الأول سنة 80 هجرية في المدينة المنورة، وترعرع في ظلال جدّه زين العابدين وأبيه محمّد الباقر (ع).‏

عاصر الإمام الصادق ظلم بني أميّة أكثر من أربعين سنة، وعاش في زمن بني العباس أكثر من عشرين سنة. وكان رمزا لمعارضة الظلم والطغيان الأموي والعباسي.‏

فجّر (ع) ينابيع العلم والحكمة في الأرض وفتح للناس أبواباً من العلوم لم يعهدوها من قبل حتى "ملأ الدنيا بعلمه" كما يقول الجاحظ.‏

وفي ذكرى ولادته المباركة، نحاول فيما يلي أن نضيء عتمة قلوبنا بِسَنَا كلامه النبوي الشريف:‏

* الإسلام والإيمان‏

ـ عن عبد الرحيم القصير، قال كتبت إلى أبي عبد الله الصادق (ع): أسأله عن الإيمان ما هو؟ فكتب (ع): "سألت يرحمك الله عن الإيمان، والإيمان هو الإقرار باللسان وعقد في القلب وعمل بالأركان، فقد يكون العبد مسلماً قبل أن يكون مؤمناً، ولا يكون مؤمناً حتى يكون مسلماً، فالإسلام قبل الإيمان وهو يشارك الإسلام".‏

-وعن جميل بن صالح، قال : قلت لأبي عبد الله (ع) اخبرني عن الإسلام والإيمان، أهما مختلفان؟ قال: "إنّ الإيمان يشارك الإسلام، والإسلام لا يشارك الإيمان، فقلت: فصفهما لي قال: "الإسلام شهادة أن لا إله إلاّ الله والتصديق برسول الله (ص). به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث وعلى ظاهره جماعة الناس. والإيمان الهدى، وما ثبت في القلوب من صفة الإسلام، وما ظهر من العمل. والإيمان أرفع من الإسلام بدرجة".‏

ـ وعن عبد الله بن مسكان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (ع) قال: قلت له: ما الإسلام؟ قال: "دين الله، اسمه الإسلام، فمن أقرّ بدين الله فهو مسلم، ومن عمل بما أمر الله عزّ وجل فهو مؤمن".‏

* القرآن فيه تبيان كل شيء‏

ـ فعن حمّاد، عن أبي عبد الله (ع) قال: سمعته يقول: "ما من شيء إلاّ وفيه كتاب أو سنّة".‏

ـ وعن مُرازم عن أبي عبد الله (ع)، قال: "إنّ الله تبارك وتعالى أنزل في القرآن تبيان كل شيء، حتى والله ما ترك الله شيئاً يحتاج إليه العباد، حتى لا يستطيع عبد أن يقول: لو كان هذا أنزل في القرآن، إلاّ وقد أنزل الله فيه".‏

* التفقّه في دين الله فريضة‏

ـ عن عبد الرحمن بن زيد عن أبيه عن أبي عبد الله (ع)، قال: "قال رسول الله (ص): طلب العلم فريضة على كل مسلم. ألا وأن الله يحب بغاة العلم". (أي الذين يسعون لتحصيل العلم).‏

ـ وعن أبي جعفر الأحول عن أبي عبد الله (ع)، قال: "لا يَسعُ الناس حتّى يسألوا ويتفقهوا".‏

* والعلماء بدين الله حقا هم أئمة أهل البيت(ع)‏

ـ فعن جميل، عن أبي عبد الله (ع) قال: سمعته يقول: "يغدو الناس على ثلاثة أصناف: عالم ومتعلم وغثاء، فنحن العلماء وشيعتنا المتعلمون وسائر الناس غثاء".‏

ـ وعن أبي البختري، عن أبي عبد الله (ع) قال: "إن العلماء ورثة الأنبياء. وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً، وإنّما ورثوا أحاديث من أحاديثهم. فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظّاً وافراً. فانظروا دينكم هذا عمّن تأخذونه. فإنّ فينا أهل البيت في كل خلف عدولاً، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين".‏

* وهم(ع) يعلمونه كله تنزيلا وتأويلا‏

* - فعن بريدة بن معاوية، عن أبي عبد الله (ع)، في قول الله عزّ وجل "وما يعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم"، قال: "فرسول الله أفضل الراسخين في العلم قد علّمه الله جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان الله لينزل عليه شيئاً لم يعلّمه تأويله، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كلّه، إلى أن قال: والقرآن خاص وعام ومحكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ، فالراسخون في العلم يعلمونه".‏

* علمهم هذا أخذوه(ع) عن الله وعن رسوله(ص)‏

ـ فعن أبي بصير، عن أبي عبد الله (ع) في حديث، قال: "علّم رسول الله (ص) عليّاً (ع) ألف باب، يفتح كل باب منها ألف باب، إلى أن قال: فإن عندنا الجامعة، صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول الله (ص) وإملائه من فَلْق فِيه وخطِّ علي (ع) بيمينه. فيها كل حلال وحرام، وكلّ شيء يحتاج إليه الناس حتى الأرش في الخدش".‏

ـ وعن عمّار الساباطي، قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن الإمام، يعلم الغيب؟ قال: "لا ولكن إذا أراد أن يعلم الشيء، أعلمه الله ذلك".‏

* علمهم(ع) علم من يعاين الأشياء ويراها رأي العين لا علم تخمين وظن كما هو حال سائر الناس.‏

ـ فعن عبد الأعلى بن أعين قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: قد ولدني رسول الله (ص)، وأنا أعلم كتاب الله وما فيه. وفيه بدء الخلق وما هو كائن إلى يوم القيامة. وفيه خبر السماء والأرض، وخبر الجنّة، وخبر النار، وخبر ما كان وما هو كائن. أعلم ذلك كأني أنظر إلى كفّي.‏

* علم أهل الرأي والقياس (الذين يتكلون على عقولهم في فهم الدين) فقد نهى الإمام الصادق(ع) الناس عن التفقه في الدين بأقوالهم. ذلك ان مبلغ علمهم لا يعدو الظن. وإن الظن هو أكذب الكذب كما قال رسول الله(ص). "وإن من شكّ أو ظنّ فأقام على أحدهما، فقد حبط عمله، إنّ حجّة الله هي الحجّة الواضحة" كما جاء عن الإمام الصادق(ع).‏

ـ فعن أبي حمزة الثمالي، قال أبو عبد الله (ع): إيّاك أن تنصب رجلاً دون الحجّة، فتصدقه في كل ما قال".‏

ـ وعنه (ع): "دع القياس والرأي وما قال قوم في دين الله ليس له برهان".‏

ـ وعن أبي شيبة الخراساني قال: سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: "إن أصحاب المقاييس طلبوا العلم بالمقاييس، فلم تزدهم المقاييس من الحق إلاّ بعداً. وان دين الله لا يصاب بالمقاييس".‏

ـ وجاء في رسالة له (ع) إلى أصحاب الرأي والمقاييس: "وقالوا لا شيء إلاّ ما أدركته عقولنا وأدركته ألبابنا. فولاّهم الله ما تولّوا وأهملهم وخذلهم، حتى صاروا عبدة أنفسهم من حيث لا يعلمون. ولو كان الله رضي منهم آراءهم واجتهادهم في ذلك، لم يبعث الله إليهم رسولاً فاصلاً لما بينهم، ولا زاجراً عن وصفهم".‏

اسماعيل زلغوط‏

العهد الثقافي/ تقرير ـ العدد 1158ـ 21 نيسان/ ابريل 2006‏

2006-10-30