ارشيف من : 2005-2008
مشكاة البريّة
نعيت القوافي قبل ان تتولدا
متى أغفل الشادي النبي "محمدا"
لعمرك لا تحيا الروائع دونه
ولا يرتقي آذانَ منشدها الصدى
هلمّ نصوغ الدر من نفحاته
وننظم أبياتاً تضارع عسجدا
هلمّ نغذي الطرس نوراً فإنما
تراءى الربيع الطلق يحمل مولدا
أفاق الخزامى بعد طول رقاده
وبات على مرّ الزمان مشهدا
يدغدغه حب الرذاذ ترقرقا
فيرفل نشوانا، ويمرح مُزبدا
و"مكة" ترنو العندليب مُحلقاً
يرفرف في روض الحُبُور مُغردا
تجمهرت الأحداق في غمرة السّنا
تُعانق مشكاة البريّة "أحمدا"
فبدت لدى البدر البهيّ خوارق
قبالتها حكم الطغامة أرعدا
فغدا رَعِشاً إيوان "كسرى" كناقة
تمايد عطفاها على نغم الحدا
وأسقطت الأصنام تلقا وجوهها
وما جلمدٌ في الروع آزرَ جلمدا
وغاضت محياه الفرس في فلواتها
وطود من النيران ريع فأخمدا
لتنطفئ الأضواء خجلى كليلة
فنور الهدى في الخافقين توقدا
وتوراة "موسى" بالمسرة انتشت
وإنجيل "عيسى" بالبشارة أُسعدا
محمد شمس الحق يسطع نورها
بطلعته ليل الضلال تبددا
"محمد" خير الأنبياء سجية
حباه إله الكون مجداً وسؤددا
تأبط شأو العز تحت جناحه
فخرّت لعينيه الملائك سُجدا
عليه أمارات النبوة تزدهي
تلقفها القلب المتيّم مُنشدا
رسول من الرحمن أومض نجمه
بغرّته طيف العلاء تجسّدا
رأى الله العلياء أن تتجسّدا
فقال لها: كُوني، فكانت محمدا
وأقرأه "جبريل" آية ربه
فرتل آيات الكتاب وجوّدا
تروي غليل الروح من نفحاته
وتستاف من أخلاقه عبق الهدى
أباد عروش القاسطين حُسامه
وشق طريقاً بالسلاح مُعبداً
به بيرق الإسلام رفرف شامخاً
ولولا ما صلى امرؤ وتشهّدا
أيا أمة الإسلام حسبك منعة
فوحدتك الغرّاء أرعبت العدى
لئن مزّقوا القرآن حقداً فإنه
سيبقى بأعماق القلوب مخلدا
ويبقى رسول الله مشعل وحدة
وللعابد الولهان مهوى وموردا
وإن سارت الدنيا على نهج "أحمد"
فإن عدو الحق يبقى مصفدا
يا سيد الأكوان يا قبلة الحجى
غدوت على أولي السيادة سيدا
"محمد" أنت الطهر والحُب والنقا
وأشرف خلق الله خلقاً ومحتدا
نسجت على نول الولاء مدائحاً
لعل تُغَشِّيني شفاعتُكم غدا
"محمد" يا خير الأنام تحية
اليك، يُحاكي عذب أحرفها الندى
عليك سلام الله ما لاح كوكب
وما سبّح الكونُ الفسيحُ ووحّدا
عباس علي فتوني
العهد الثقافي/ قصيدة ـ العدد 1158ـ 21 نيسان/ ابريل 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018