ارشيف من : 2005-2008
مدرسة الحياة
إذا كانت الحياة أكبر مدرسة, فلماذا لا نبحث عن الحقيقة في كتابها الكبير؟ ولكن هل تمنحنا الحياة حقيقتها بهذه السهولة؟
لا أعتقد أن الحياة تفرج لنا عن أسرارها ما لم نتمتع بالقدر الكافي من المحبة والطهر والبراءة، وأشك في أن تجلو عن بصائرنا سحائب الحيرة والالتباس ما لم نتزود بالقدر الكافي من الصدق والإخلاص والانسجام مع الذات.
لقد باحت الحياة للكثيرين من الجادين في البحث عن الحقيقة بأسرارها. ومن هؤلاء الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام الذي يقول في واحد من إلهاماته: "في التجارب علم مستأنف"، فدعانا إلى التفكر في أحوال الأمم السالفة والحضارات البائدة التي طوتها السنون، فاندثرت وغاب من محفل الحاضرين وجودها، وإن في ذلك ما يكفي من العبر لمن يريد أن يعتبر.
ينطق لسان الحياة بآلاف وآلاف اللغات. إنها تتحدث إلينا كل صباح ومساء، وتعتب علينا عتاباً عميقاً: أن كيف تغفلون عن كل هذا الإعجاز والإدهاش الذي لا يفتأ يحدثّكم مع كل شروق شمس وأفولها. لماذا أنتم غافلون عمّا يحيط بكم، متلهّون بقشور الأمور، غافلون عن لبابها.
تقول لك الحياة إنك قطرة ماء في هذه الأنهار الذاهبة إلى المحيطات. تقول إنك أغنية طير من هذه الطيور الهائمة في سماوات الله، إنك نسمة من نسمات هذا الربيع المتفجر روعة وبهاءً، إنك صنف من أصناف العنب العشرة آلاف، إنك مناغاة طفل لا يجيد إلاّ لغة المناغاة.
هل تسمع حديث الكائنات من حولك؟!
إذاً افتح كتاب الحياة وانهل من عِبَرِه...
حسن نعيم
العهد الثقافي/ نقطة حبر ـ العدد 1158ـ 21 نيسان/ ابريل 2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018