ارشيف من : 2005-2008
في بيان الخشوع
الانتقاد/ نور الولاية ـ العدد 1138 ـ2/12/2005
ان من الأمور اللازمة للسالك في جميع عباداته ولا سيما في الصلاة التي هي رأس العبادات ولها مقام الجامعية، الخشوع. وحقيقته عبارة عن الخضوع التام الممزوج بالحب أو الخوف، وهو يحصل من ادراك عظمة الجلال والجمال وسطوتهما وهيبتهما.
وتفصيل هذا الإجمال هو أن قلوب أهل السلوك بحسب الجبلة والفطرة مختلفة، فبعض منها عشقي، ومن مظاهر الجمال، ومتوجه الى جمال المحبوب بحسب الفطرة، فهؤلاء اذا أدركوا في سلوكهم ظل الجميل، أو شاهدوا أصل الجمال، تمحوهم العظمة المختفية في سرّ الجمال فتصعقهم، لأن في كل جمال جلالاً مختفياً، وفي كل جلال جمالاً مستوراً.
ولعله الى ذلك أشار مولى العارفين وأمير المؤمنين والسالكين صلوات الله عليه وعلى آله أجمعين حيث قال:
"سبحان من اتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته، واشتدت نقمته لأعدائه في سعة رحمته"، فتغشاهم هيبة الجمال وعظمته، ويأخذهم الخشوع في حيال جمال المحبوب.
وهذه الحالة في أوائل الأمر توجب تزلزل القلب واضطرابه، وبعد التمكين تحصل للسالك حالة الأنس، وتتبدل حالة الوحشة والاضطراب المتولدة من العظمة والسطوة الى الأنس والسكينة، وتجيئه حالة الطمأنينة، كما إن حالة قلب خليل الرحمن كانت كذلك.
وبعض من القلوب خوفيّ ومن مظاهر الجلال، وأرباب تلك القلوب يدركون دائماً العظمة والكبرياء والجلال، وخشوعهم يكون من الخوف، ومن تجلي الاسماء القهرية والجلالية لقلوبهم، كما أن يحيى، على نبينا وآله وعليه السلام، كان هكذا، فالخشوع يكون ممزوجاً تارة بالحب وأخرى بالخوف والوحشة، وإن كان في كل حبّ وحشة، وفي كل خوف حبّ.
ومراتب الخشوع على حسب مراتب إدراك العظمة والجلال والحسن والجمال، وحيث ان أمثالنا مع ما لنا من هذه الحالة، من نور المشاهدات، محرومون، فلا بد أن نكون بصدد تحصيل الخشوع من طريق العلم أو الإيمان.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018