ارشيف من : 2005-2008

ذلُّ العبودية وعزُّ الربوبية

ذلُّ العبودية وعزُّ الربوبية

الانتقاد/ نور الولاية ـ العدد 1135 ـ 11/11/2005‏

إن من سعى بخطوة العبودية ووسم ناصيته بسمة ذلة العبودية يصل الى عزّ الربوبية، والطريق للوصول الى الحقائق الربوبية هو السير في مدارج العبودية، فما فقد من الإنيّة والانانية في عبوديته يجده في ظل الحماية الربوبية حتى يصل الى مقام يكون الحق تعالى سمعه وبصره ويده ورجله كما في الحديث الصحيح المشهور عند الفريقين. فإذا ترك العبد التصرفات من عنده وسلّم حكومة وجوده كلها الى الحق، وخلّى بين البيت وصاحبه، وفني في عزّ الربوبية فحينئذ يكون المتصرف في الدار صاحبها، فتصير تصرفات العبد تصرفاً إلهياً، فيكون بصره بصراً الهياً، وينظر ببصر الحق، ويكون سمعه سمعاً إلهياً فيسمع بسمع الحق، وكلما اكتملت ربوبية النفس وكان عزّها منظوراً في نظرها نقص بمقداره من العزّ لأن هذين: أي عزّ العبودية وعز الربوبية متقابلان "الدنيا والآخرة ضرتان"، فمن الضروري للسالك أن يتفطّن الى ذلّه، ويكون ذلّ العبودية وعزّ الربوبية نصب عينيه.‏

وكلما قوي هذا النظر زادت روحانيته في العبادة وكانت روح العبادة أقوى، حتى اذا تمكن العبد بنصرة الحق وأوليائه الكمّل عليهم السلام من الوصول الى حقيقة العبودية وكنهها، فإنه يجد حينئذ لمحة من سرّ العبادة.‏

وهذان المقامان ـ أعني مقام عزّ الربوبية الذي هو الحقيقة، ومقام ذلّ العبودية الذي هو رقيقته ـ مرموزان في جميع العبادات، وبالأخص في الصلاة التي لها مقام الجامعية. ومنزلتها بين العبادات منزلة الانسان الكامل ومنزلة الاسم الأعظم بل هي عينه، وللقنوت، من الأعمال المستحبة، وللسجدة، من الأعمال الواجبة، اختصاص بهذه الخصوصية وسنشير اليها فيما يأتي ان شاء الله.‏

(*) من كتاب الأربعون حديثاً للامام الخميني (قده)‏

2006-10-30