ارشيف من : 2005-2008
الطريق المفتوحة
الانتقاد/ نقطة حبر ـ العدد 1135 ـ 11/11/2005
قديما وقديماً جداً في القرن الثالث الهجري ـ القرن الأول من قرون التدوين العربي ـ ذهب ابن سلام إلى أن من يتعاطى الشعر يسمى بالشاعر لأنه "يشعر ما لا يشعر غيره". إلى الجانب الدلالة اللغوية لكلمة شعر لا تخفى الدلالة العلمية، فالشاعر الذي يشعر بما لا يشعر به غيره يعلم ما لا يعلم به غيره, رؤية كهذه عن الشعر تشيير إلى وجود ثقافة نقدية عربية مسكونة بالهم المعرفي منذ تلك القرون السحيقة. الأمر الذي يصعب أن تمارسه الثقافة النقدية العربية المعاصرة، وذلك لأسباب باتت معروفة يأتي على رأسها غياب ثقافة عامة في مختلف مناحي الحياة المجتمعية العربية السياسية منها والإقتصادية والتكنولوجية. إزاء هذا التخلف عن الركب لم نجد مناصاً من استيراد ثقافة نقدية أنتجها الفكر الغربي كالبنيوية والألسنية والأسلوبية والمنهج التأويلي، وما إلى ذلك من هذه النظريات ومشتقاتها التي نبتت كالفطر في القرن العشرين. وهكذا رحنا نترجم النصوص النقدية الغربية ونحاول تطبيقها على المنتج الإبداعي العربي، فكان أن قصّرت هذه النصوص عن إضاءة النصوص الإبداعية العربية إضاءة وافية تأخذ بيد القارئ إلى المناطق المظلمة من تلك النصوص، والسبب في ذلك يعود إلى أن لمجتمعاتنا مشكلاتها الاجتماعية، وبالتالي الثقافية المختلفة عن مشكلات المجتمعات الغربية.
ما العمل؟ مرة جديدة رحنا نسأل. هل ندير الظهر إلى كل المنتج النقدي الغربي بالكامل ونبحر عكسياً إلى ابن سلام وابن المعتز وعبد القاهر الجرجاني؟ فنمسك بأدواتهم بقوة، ونخاطب بها العصر المتغير. هذا هروب أكثر منه حلاً. ما الحل إذاً؟
الطريق الوحيد المفتوح أمامنا برأي د. علي مهدي زيتون في كتابه الجديد "النص من سلطة المجتمع إلى سلطة المتلقي" هو محاورة الثقافة الغربية في ضوء تراثنا النقدي وتحت رقابته.
حسن نعيم
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018