ارشيف من : 2005-2008

يا لها من تحية

يا لها من تحية

الانتقاد/ نقطة حبر ـ العدد 1132 ـ 21 تشرين الاول/ اكتوبر 2005‏

من الشخصيات القرآنية الكبيرة التي لا ينبغي إغفالها في شهر رمضان المبارك, شخصية النبي يحيى بن زكريا (عليهما السلام).‏

فهذه الشخصية العرفانية العظيمة حملت معها بذور المعجزة والوحي منذ ما قبل لحظة الحمل، عندما كان والده قائماً في المحراب يصلي ويدعو ربّه: "ربّي إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباًَ ولم أكن بدعائك ربّ شقياً.. وكانت امرأتي عاقراً فهب لي من لدنك ولياً ..."، فجاءه الرد الإلهي: "يا زكريا إنّا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سمياً ..."، إلى آخر سورة مريم التي تنطق بالمعجزة من مطلعها غير التقليدي "كهيعص" الذي يمهّد لما بعده من معجزات الفعل الإلهي.‏

يستوقفك في هذه السورة المباركة الكلام المباشر الذي يوجهه الله من قبيل: "يا يحيى خذ الكتاب بقوّة"، ولا يكتفي النص القرآني بتوجيه الكلام المباشر إليه والحديث عنه ونعته بأجمل الصفات والنعوت: "آتيناه الحكم صبياً ... وكان تقيا ..."، بل يصل إلى قمة التكريم الإلهي لهذا النبي الكريم بتوجيه التحية الصريحة والخاصة مفعمة بالتقدير الذي ليس بعده تقدير.. "وسلام عليه يوم وُلد ويوم يموت ويوم يُبعث حياً"! هل هناك وسام يمكن أن يعلقه إنسان على صدره أكبر من هذا الوسام؟‏

الله عزّ وجلّ خالق كل شيء, خالق ما يُرى وما لا يُرى, يلقي التحية على عبده البكّاء الذي حفر الدمع مجاريه على وجنتيه من خشية الله، وطاف في البراري يسبح الله ويذكره ذكراً كثيراً..‏

تحية من الله إلى عبده يحيى في ساعة قدومه إلى هذه الدنيا، وساعة خروجه منها، وساعة يوم القيامة.. يا لها من تحية!‏

حسن نعيم‏

2006-10-30