ارشيف من : 2005-2008

في التوجه الى عزّ الربوبية وذلّ العبودية

في التوجه الى عزّ الربوبية وذلّ العبودية

من الآداب القلبية في العبادات والوظائف الباطنية لسالك طريق الآخرة التوجّه الى عزّ الربوبية وذلّ العبودية، وهذا التوجّه من المنازل المهمة في السلوك للسالك بحيث تكون قوة سلوك كل من السالكين بحسب قوة هذا النظر وبمقدارها، بل الكمال والنقص لإنسانية الانسان تابع لهذا الأمر، وكلما كان النظر الى الإنية والانانية ورؤية النفس وحبّها في الانسان غالباً، كان بعيداً عن كمال الانسانية ومهجوراً من مقام القرب الربوبي، وإن حجاب رؤية النفس وعبادتها لأضخم الحجب وأظلمها، وخرق هذا الحجاب أصعب من خرق جميع الحجب، وفي نفس الحال مقدمة له، بل وخرق هذا الحجاب هو مفتاح مفاتيح الغيب والشهادة وباب أبواب العروج الى كمال الروحانية، وما دام الانسان قاصراً على النظر الى نفسه وكماله المتوهم وجماله الموهوم فهو محجوب ومهجور من الجمال المطلق والكمال الصرف، والخروج من هذا المنزل هو أول شرط للسلوك الى الله، بل هو الميزان في حقانية الرياضة وبطلانها. فكل سالك يسلك بخطوة الأنانية ورؤية النفس، ويطوي منازل السلوك في حجاب الإنية وحب النفس، تكون رياضته باطلة، ولا يكون سلوكه الى الله، بل الى النفس (أمّ الأصنام صنم نفسك) قال تعالى: "ومن يخرج من بيته مهاجراً الى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله".‏

فالهجرة الصورية وصورة الهجرة عبارة عن هجرة البدن "المنزل الصوري" الى الكعبة أو الى مشاهد الأولياء، والهجرة المعنوية هي الخروج من بيت النفس ومنزل الدنيا الى الله ورسوله، والهجرة الى الرسول والى الولي ايضاً هجرة الى الله، وما دام للسالك تعلق ما بنفسانيته وتوجه منه الى انيته فليس هو بمسافر، وما دامت البقايا من الانانية على امتداد نظر السالك وجدران مدينة النفس واذان اعلام حب النفس غير مختفية فهو في حكم الحاضر لا المسافر ولا المهاجر.‏

(*)من كتاب الآداب المعنوية للصلاة للإمام الخميني (قده)‏

الانتقاد/ نور الولاية / العدد1131ـ 14 تشرين الاول/ اكتوبر2005‏

2006-10-30