ارشيف من : 2005-2008
مسجد الإمام الحسين(ع) في حي السلم:بصمات للموسوي ونصر الله وشهداء المقاومة
الانتقاد/ تحقيقات ـ العدد 1130 ـ 7 تشرين الاول/ اوكتوبر 2005
باعثاً للشوق في نفوس قاصديه من مناطق قريبة وبعيدة، حاضناً لصلواتهم وأدعيتهم، ينهض مسجد الإمام الحسين (ع) وسط حي السلم، المنطقة الشعبية الأكثر اكتظاظاً بالسكان في الضاحية الجنوبية.
تأسس مسجد الإمام الحسين (ع) في حي السلم في العام 1974 شرع في تشييده مجموعة من المؤمنين تبرّعت بما تستطيع من مال وأضافت مساهمات من بعض سكان المنطقة. ومع مرور الأعوام راحت التبرعات تزداد لينمو المسجد ويتسع مزدهياً بقبته التي تضيء بالأنوار الملونة ليلاً، وتتحول نهاراً الى نقطة إرسال.
القادة الثلاثة
لم يفوّت زيارة هذا المسجد كثير من العلماء، ففي عام 1974، وبينما كان البناء يكتمل، حلّ الإمام موسى الصدر ضيفاً عليه.
ويتلوه السيد عباس الموسوي (رض) والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، اللذان قصدا المسجد في حي السلم للقاء العلماء وللتباحث في شؤون الدين والعقيدة.
المسجد وتحته توجد الحسينية المعدة لحضور الخطب والمحاضرات ولإحياء ذكرى الوفيات ومراسم عاشوراء. وفوق المسجد تقع حوزة الإمام الحسين (ع) المؤلفة من طابقين تعاقب على الدراسة فيها علماء من مناطق لبنانية مختلفة.
"كان الشيخ راغب حرب يأتي الى هنا ويشارك في الندوات والمحاضرات وكنت أقدم له الشاي دائماً، وأسأله عن أحوال الناس في الجنوب"، يروي أحد الطباخين في الحوزة ممن عاشوا تلك الفترة الذهبية.
وفي ذاكرته صورة أخرى، "السيد عباس الموسوي يأتي مع السيد حسن نصر الله ويجلسان جنباً الى جنب في أثناء الدروس وعند الطعام... أحبا المكان".
في التسعينات، استمرت أعمال البناء، فبجانب الحسينية وفي الصرح نفسه أنشأ مركز تابع لكشافة الإمام المهدي (عج) "فوج الإمام الحسين (ع)"، وفي الجهة الجنوبية هناك مستوصف لعيادة المرضى من المستضعفين في هذه المنطقة الأكثر حرماناً في الوطن.
من القافلة
كان شهداء ومجاهدون في المقاومة الاسلامية يؤمون مسجد الإمام الحسين (ع) ويخالطون الناس في حي السلم، وكانوا يصطحبون أصدقاءهم وحتى من لا يعرفونه الى "بيت الله" لأن الطريق يبدأ من هنا"، في شهر رمضان المبارك، يمتلأ المسجد بالناس من أجل إحياء الليالي، وخصوصاً ليالي القدر، ويأتيه أناس من أطراف الحي كافة.
وللشهداء ذكراهم وقصصهم وحضورهم، وهؤلاء كانوا من روّاد المسجد وأعمدته، ومنهم: موسى يحيى، عماد حيدر احمد، عماد الريحاني، هشام سلامة، عماد المولى وآخرون...
لعلّ ما يميز مسجد الإمام الحسين (ع) هو جذبه للتجمعات التي تنطلق في مسيرات "لمناسبة ولادة أحد الأئمة، ومجالس عزاء ما زالت مستمرة في الحسينية".
الشهيد عماد المولى، "الاجتماعي" والمرح، ماذا كان يفعل؟
كان يقف عند باب المسجد و"يرش" الداخل والخارج بالعطر! والشهيد المولى من "متخرجي" المسجد الحسيني في حي السلم، حصلت معه حادثة في الجنوب: دخل خطوط العدو في مهمة رصد، وصادف وقتذاك مرور دورية مشتركة للإحتلال الصهيوني وعملائه، فاختبأ الشهيد خلف صخرة، وكان برفقة تلك القوة العسكرية رأس العملاء انطوان لحد الذي وقف "يستطلع" المنطقة من على الصخرة ذاتها!!
لم يفزع عماد، بقي الى ان رحلوا ومن ثم غادر.
اجتهد الشهيدان عادل الشرقاوي ورعد فارس لاستقطاب الأولاد والشبان الى رحاب الأجواء الكشفية، كانا قائدين في الفوج منذ انطلاقته وتركا أثراً في جيل لا يستهان به من القادة اللاحقين.
وتلاهما الشهيد عبد الأمير فاضل الذي تابع في فوج الحسين (ع) عملاً وتربية للكشفيين.
وبجوار مسجد الإمام الحسين (ع) يسكن احد المجاهدين، كان السيد هادي نصر الله نجل الامين العام لحزب الله يزور ذلك المجاهد القاطن هناك مراراً.
زهو اليوم
لأذان الفجر والمغرب نكهة خاصة، لكأنّ الأذان يتجول في "زواريب" حي السلم برغم مساحته الكبيرة.
وفي هذه الأيام، تقام في معهد الحسين (ع) دورات وندوات ثقافية لتنوير الأجيال الناشئة بالأحكام والقواعد الفقهية التي يريدون معرفتها.
وبجانب مبنى المسجد، يُمضي شخصان نهارهما وقسماً من الليل يرعيان شؤون الوافدين اليه، وتظهر لديهما الرغبة والمحبة لعملهما.
وفي احدى زوايا المبنى الذي يحضن المسجد يعرف الجميع "المتوكل على الله"، مغسّل الأموات والشهداء، الفرح لأنه أشرف على تغسيل شهداء من القافلة، ولطالما حدّث من جالسه عن وفود الشهداء اليه أيام الجهاد والغزوات، وعن البركة الساكنة هناك في مغسله.
والى الآن، تُشرف لجنة الأوقاف لمسجد الإمام الحسين (ع) في حي السلم على تأمين حاجات المسجد واصلاح الأعطال الطارئة باستمرار.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018