ارشيف من : 2005-2008
المجموعة اللبنانية للإعلام (إذاعة النور ـ قناة المنار) تحصد خمس جوائز في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون
العهد/ ثقافة- 1129- 30 ايلول/ سبتمبر 2005
تونس: حسان بدير
جرت في تونس أعمال الدورة الثانية عشرة للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون بين 13 و 23 أيلول، الذي ينظمه اتحاد إذاعات الدول العربية بالتعاون مع مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية.
المجموعة اللبنانية للإعلام التي تمثلت في إذاعة النور وقناة المنار شاركت في المهرجان وحصدت خمس جوائز، وفي ما يلي وقفة مع وقائع هذه المهرجان.
مساء الثالث عشر من أيلول دخلنا تونس الخضراء مع كوكبة من الوفود العربية حاملين معنا صوتنا وصورتنا في أشرطة تختزن بعضاً من أحلامنا وهواجسنا وخوفنا.. دخلت الوفود العربية المشاركة في مهرجان الإذاعة والتلفزيون الى قاعات المشاهدة في محاولة لتبرز كل دولة أنها أكبر من حجمها الصامت على امتداد الخارطة العربية الباهتة، وأنها تمتلك تراثاً وتاريخاً من الحضارات متجذراً في عمق الزمان والمكان، وهي بالتالي عصية على الاندثار أو الموت التي يحاصرها من الاتجاهات الأربع.
أربع عشرة دولة عربية قدمت أعمالها الى هذا المهرجان الذي يعقد في تونس كل عامين تحت إشراف اتحاد إذاعات الدول العربية، ليكون فرصة لرصد الاتجاهات المبتكرة والجادة في الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني العربي، في سعي لتشجيع التنافس الشريف بين البرامج الإذاعية والتلفزيونية، وكذلك النقد البنّاء والموضوعي بما يساعد على الوصول الى إنتاج عربي متميز، وتشجيع الإنتاج الإذاعي والتلفزيوني الذي يسعى الى تعريف الحضارة العربية الإسلامية، والواقع العربي والإسلامي المعاصر.
ولقد تميّزت دورة هذا العام بالندوات وورش العمل التي أقيمت على هامش المهرجان، حيث نظمت ندوة حول "فن الكتابة للتلفزيون في مجال الأعمال الوثائقية"، تناولت ثلاثة محاور هي: تطور فن الكتابة الوثائقية في الأقطار العربية (حمدي عبد المقصود العباسي من مصر)، وفن الكتابة الوثائقية وإشكاليته كما تبدو في بعض التجارب الشخصية في مستوى السيناريو والإخراج (المخرج هشام الجربي من تونس)، والمحور الثالث تناول آفاق الكتابة الوثائقية للتلفزيون انطلاقاً من أبرز الاتجاهات في العالم (مداخلة جاك بابل، مدير المركز المتوسطي للاتصال السمعي البصري).
كما نظمت ورشة عمل حول برامج الأطفال في التلفزيون بعنوان: "تسمية المعارف لدى الطفل في برامج الأطفال التلفزيونية العربية"، حاضر فيها نخبة من المتخصصين في مجال دور التلفزيون في تنمية المعارف لدى الطفل (د. محمد فهري الشلبي من تونس)، وقراءة نقدية في عينة من البرامج (هاني مبارك من فلسطين)، ومن لبنان قدم الدكتورة فاديا حطيط الأمين مداخلة بعنوان "المدرسة والتلفزيون"، ومن مصر قدمت الدكتورة فاطمة محمد يوسف مداخلة حول الأسرة والتلفزيون.
المجموعة اللبنانية للإعلام ممثلة بإذاعة النور وقناة المنار شاركت في أعمال المهرجان من خلال مجموعة من الأعمال الإذاعية والتلفزيونية التي تميّزت بنوعية المواضيع المشاركة، والتي تعكس القضايا الوطنية العربية والإسلامية التي نعيشها اليوم في ظل التحديات الكبرى التي تواجه مجتمعاتنا العربية كافة. ففي مجال المسابقة الإذاعية شاركت إذاعة النور في خمسة أعمال تنوعت بين الدراما والأطفال، وقد نالت جائزتين من البرونز على مسلسل "عز الدين القسام"، وعلى البرنامج البيئي "كي تستمر الحياة". ويقول ممثل الإذاعة في المهرجان حسن الشيخ الذي شارك في عضوية لجنة المحكمين الخاصة بالمسابقة الإذاعية، إن الأعمال المشاركة لإذاعة النور لاقت إعجاب لجنة التحكيم أثناء جلسات الاستماع، لكن المفاجأة كانت أثناء توزيع الجوائز التي أظهرت أن الرأي الذي كان يدعو اليه أعضاء اللجنة شيء والعلامات التي كانت توضع للأعمال شيء آخر، اذ ظهر ان اتفاقاً ما جعل الأعمال الخليجية ـ الكويت والسعودية ـ تحصد مجمل الجوائز، برغم تفوق الأعمال السورية والمصرية واللبنانية عليها. وكان من نتائج هذا الفوز خروج مصر وسوريا بلا جوائز، اضافة الى اليمن والبحرين والسودان، ما ولّد تشنجاً لدى ممثلي هذه الدول وارتباكاً لدى المنظمين. ويعتبر الشيخ ان الهدف من المشاركة ليس حصد الجوائز التي سبق للإذاعة ان نالت الكثير منها، بل الهدف الأول هو إيصال نتاج إعلامي مميّز ذي أهداف رسالية الى أسماع الجمهور العربي الواسع، وتبادل الأفكار مع المعنيين في الإذاعات العربية لرفع مستوى الإنتاج الإذاعي العربي.
أما قناة المنار فقد تألقت هذا العام من خلال ثلاث جوائز، هي ذهبيتان للفيلمين الوثائقيين: "الشيخ الجليل" و"أميرة الدار"، وبرونزية لفيلم "الطنطورة".
يقول الدكتور عباس مزنر عضو لجنة المحكمين في الأعمال الوثائقية: ان هذه الأعمال عبّرت عن موقف المنار الإعلامي صوتاً وصورة. ففي "الشيخ الجليل" قدمت سيرة الشهيد الشيخ أحمد ياسين الذي يختصر مكانة الشعب الفلسطيني الذي قاوم بأكفه وجسده العاري آلة الموت الصهيونية، وليصنع من الشهادة موقفاً وحياة.
وفي "أميرة الدار" قدمت سيرة المرأة والأم التي قاومت الاحتلال الصهيوني في جبل عامل والبقاع الغربي بالموقف والصمود والوجع والصبر، وضحّت بأسرتها في سبيل البقاء فوق تراب قريتها وعلى مقربة منها ولم ترحل أو تهزم.
وفي "الطنطورة" استرجاع لإحياء الذاكرة وإعادة تقديم تلك القرية الساحلية على شواطئ فلسطين، التي تعرضت في لحظة تخاذل عربي وصمت دولي الى أروع مجزرة اغتيلت فيها قرية الطنطورة بشراً وحجراً، فجاء الفيلم الوثائقي ليعيد رسم الصورة، علّ الأرواح تأنس في ثراها المسكون بالموت الخفي.
المجموعة اللبنانية للإعلام لم يكن هدفها النهائي حصد هذه الجوائز الخمسة، بل إعادة تكوين ذهنية بصرية وسمعية لإعلام يحمل رسالة متميزة صادقة بعيداً عن الإعلام المعلّب بأوامر السلطان والزعيم والحاكم.
صباح 23 أيلول غادرنا تونس التي أحببناها أهلاً وناساً وضيوفاً، وألقينا على شواطئها التي تشرق منها الشمس لغتنا صوتاً وصورة، علّ الموج يحمل الى العواصم المقفلة على أهلها بعضاً من بريق اللغات العربية التي لا تجتمع إلا أياماً في كواليس المهرجانات وعلى مآدب الاحتفالات الرسمية، والتي تنتهي سريعاً ليبقى من طعمها ولونها مذاق الحسرة والحنين والوداع المر.
حسان بدير ـ عضو لجنة المحكمين في المهرجان ـ تونس
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018