ارشيف من : 2005-2008

الذكرى الخمسون لرحيل الإمام عبد الحسين شرف الدين في الأونيسكو: كلمات تؤكد على الدور التوحيدي للراحل الكبير

الذكرى الخمسون لرحيل الإمام عبد الحسين شرف الدين في الأونيسكو: كلمات تؤكد على الدور التوحيدي للراحل الكبير

نظمت المستشارية الثقافية الإيرانية في بيروت بالتعاون مع المكتب الإعلامي الإسلامي، والمراكز والحوزات العلمية والثقافية في مدينة قم المقدسة، أعمال مؤتمرها العالمي لتكريم الإمام الراحل السيد عبد الحسين شرف الدين، لمناسبة مرور 50 عاماً على وفاته، في قصر الأونيسكو، بحضور ممثل قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي، رئيس مكتبه الشيخ محمد محمدي الكلبايكاني، رئيس الجمهورية العماد إميل لحود ممثلاً بوزير العمل طراد حماده، ورئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدكتور محمود أحمدي نجاد ممثلاً برئيس المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الشيخ محمد علي التسخيري، الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله ممثلاً بنائبه سماحة الشيخ نعيم قاسم، رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثلاً بالنائب أيوب حميّد، رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ممثلاً بوزير الخارجية والمغتربين فوزي صلوخ، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، وحشد من الشخصيات النيابية والسياسية والعسكرية والعلمائية والحزبية والفكرية والقنصلية والديبلوماسية والثقافية والشعبية، ووفود من 17 دولة عربية وإسلامية.‏

أعمال المؤتمر بدأت بآيات من القرآن الكريم تلاها السيد عباس شرف الدين، فالنشيدان الوطنيان اللبناني والإيراني، فكلمة ترحيبية ألقاها أمين عام المؤتمر السيد حسن رباني، ثم تحدث رئيس مكتب مرشد الثورة الإسلامية الإيرانية الشيخ محمد محمدي الكلبايكاني فقال: "من أبرز جوانب جهاد السيد شرف الدين هو صراعه المرير ضد الاستعمار الفرنسي للبنان بعد الحرب العالمية الأولى وسقوط الدولة العثمانية، لقد فتح الاستعمار الفرنسي أبواب الفساد ودمر المظاهر الإسلامية والعقائد الدينية، وهذا ما لا يطيقه هذا الرجل العظيم، فهب لدرء المستعمر المفسد وعقد مؤتمراً في وادي الحجير دعا إليه العلماء من سائر أنحاء لبنان، وأصدر فتوى الجهاد ضد المستعمرين الأمر الذي نال استجابة مباركة من جميع المشاركين في المؤتمر، فساء هذا المستعمرين وطالت ايديهم الغادرة بيته فأحرقوا كتبه ومؤلفاته الأمر الذي آلمه كثيراً، ولكن لم تثبط عزيمته في مكافحة المستعمرين الذين لم يكتفوا بذلك بل حكموا عليه غيابياً بالإعدام، وتحمل في سن الكهولة الآلام والمصاعب حتى التحق بأجداده البررة عام 1377 للهجرة (...).‏

لحود‏

ثم ألقى الوزير طراد حمادة كلمة الرئيس لحود، وقال فيها انه كان شديد الحرص على الاهتمام بالإصلاح الاجتماعي، والسياسي، وكذلك بارتباط الدين بقضايا الإنسان وفكرة بداية القرن الماضي ومنتصفه. انه من رعيل رجال عصر النهضة، واجه الأسئلة التي واجهتهم وقدم أجوبته العالية القيمة عليها. كما تميز مع غيره من الاصلاحيين المسلمين، بالدعوة للوحدة الاسلامية بين الشيعة والسنّة، والاشتغال على الفقه المقارن وعلم المناظرة، والجدل الصاعد لمعرفة الحقيقة وآداب التناظر والحوار، رجل حوار ورجل وحدة، ورجل إصلاح، ذلك هو الإمام شرف الدين، انه صورة إنسانية أصيلة الجذور، في جبل عامل وفي لبنان، ممتدة الفروع إلى بقية مناطق شبه القارة العربية والإسلامية، ومؤتمركم كفيل أن ينشر عطر سيرته في الآفاق.‏

نجاد‏

ثم ألقى الشيخ التسخيري كلمة الرئيس الإيراني نجاد فأكد أن العلامة شرف الدين كان بحق حاملاً لتراث الأمة ومدافعاً عن الهوية الاسلامية، ولن تنسى خطبه التاريخية في بيروت ودمشق وفلسطين ومصر في هذا المجال".‏

وأضاف "لقد جمع بين اشعاع الفكر ومحورية الثقافة واعتماد الولاية في إطار الأخلاق الإسلامية والأساليب العلمية، وأبعد الحوار الديني والفكري عن المستوى الطائفي المتدني والعصبية العمياء، وقدم بذلك نموذجاً رائداً للبحث عن الحقيقة. لقد عاد فكره الرفيع نموذجاً للجيل التالي لدى الشعب اللبناني، وخلفه بحق وجدارة العالم الكبير الإمام موسى الصدر.‏

بري‏

كلمة الرئيس بري ألقاها حميد فأشار إلى انه "في عهد الاستقلال لم يوفّر الإمام شرف الدين جهداً بغية تحقيق العدالة ورفع الحرمان عن أمته. وما يسجل له في سجله المضيء هو استشرافه للمستقبل وللخطر الداهم نتيجة نشوء "إسرائيل" وعدوانها الدائم على فلسطين ولبنان. وكان همّه ان يرى من يكمل مسيرة حمل الراية في جبل عامل ولبنان، فكان اتصاله بالإمام المغيّب السيد موسى الصدر ودعوته له ليخلفه في القيام بمهمة جليلة وعظيمة ألا وهي العمل لرفع الظلم اللاحق بالعامليين جراء غياب الدولة ومؤسساتها، وتسلّط الإقطاع والأزلام، والسعي لإيجاد مجتمع المقاومة في وجه الشر المطلق "إسرائيل"، فحمل الإمام الصدر الراية غير هيّاب ولا وجل، فكانت شعلة المقاومة نوارة أضاءت درب المقاومين والمجاهدين والصابرين، وكان التحرير الذي نحتفي بذكراه في الأيام المقبلة.‏

السنيورة‏

واعتبر الوزير صلوخ الذي ألقى كلمة نيابة عن الرئيس السنيورة "أن قراءة دقيقة وشاملة لحياة الإمام شرف الدين ومواقفه المشرّفة في الدين والسياسة والأخلاق، وفي مواجهة أعداء الأمة الذين تربصوا بها شراً في كل زمان ومكان، لا بد أن يؤكد كما نعلم، عن همة شماء وقدر جليل لهذا الرجل الفذ الذي أصلح وفك القيود التي كبلت الأجيال، إذ أطلق في الدين والسياسة صرخة الحق والرجولة والتضحية في ميادين الجهاد"، وقال "نعم ان إصلاح هذا الرجل هو الذي يمتد ليشدد عزائم الماضي ويطلق أهازيج النصر في حاضرنا ومستقبلنا وبرؤى واضحة وافكار تتسامى وترتفع في قاموس الإنسانية وليس في أفق السياسة وحدها".‏

قبلان‏

ثم تحدث نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان فقال: في ذكرى الإمام المصلح صاحب الرؤى التوحيدية ندعو المسلمين إلى نبذ الخلافات والاعتصام بحبل الله تعالى والتزام دعوة السيد شرف الدين للوحدة حيث قال: "لا تقولوا بعد اليوم هذا شيعي وهذا سني بل قولوا هذا مسلم". ولطالما حذر السيد شرف الدين من التدابر بين الشيعة والسنة، واصفاً التدابر بالعبث المحض والسفه الصرف، إذ ينبغي أن يقوم التقارب بين السنة والشيعة بنظره على إيجاد مقدار من الفهم المشترك.‏

وناشد قبلان المسلمين في العراق ومن خلالهم كل المسلمين في العالم وأد الفتنة، ومواجهتها بالوحدة، ونقول لهم كما قال السيد شرف الدين: "حذار من بقاء الفرقة وتشتت الإلفة واختلاف الكلمة وتنافز الأفئدة".‏

لحام‏

وألقى المطران يوحنا حداد كلمة بطريرك إنطاكية وسائر المشرق للروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، فلفت إلى أننا اليوم في مؤتمر تكريم الإمام شرف الدين إنما نكرّم الأجيال التي عاشت في كنف التلاقي والتفاعل السليم بين أن تؤمن بالوطن وتعيش لخدمة الإنسان ونكرم ايضاً هذا البناء الكبير والصرح العلمي الذي يعمر في ذاكرة اللبنانيين من مسلمين ومسيحيين..‏

قباني‏

ثم تحدث القاضي الشيخ احمد الكردي فألقى كلمة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد قباني فقال هذه المناسبة الكريمة هي لتكريم داعية وحدة إسلامية، وأخوة إنسانية وطنية، وان الوحدة الإسلامية واجب على المسلمين، من ناحية تثبيت مبدأ الوحدة الإيمانية، وان تكون الأخوة على مبدأ المساواة، وما نريده في هذه المرحلة الراهنة، هو مواجهة العدو الإسرائيلي، الذي احتل أرضنا في فلسطين، منذ العام 1948، ويريد أن يفرق كلمة المسلمين، ويمنعنا من أن نمتلك سلاح العلم والتطور، وهذا العدو علينا أن نواجهه بالوحدة والكلمة السواء، وصون بلدنا، ودول امتنا العربية والإسلامية وشعوبهما.‏

قاسم‏

ثم تحدث نائب أمين عام حزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم، فألقى كلمة الأمين العام السيد حسن نصر الله، فعدّد مزايا المكرّم وخصاله وصفاته وقدراته الفكرية وفتاواه الدينية، وقال إننا نحيي اليوم ذكرى رجل لم يغادرنا منذ 50 عاما، بل ذكرى رجل يعيش معنا، ولا بد لنا أن نستنير بتوجهاته وأفكاره وطموحاته وآرائه، وإذا التزمنا بها، ارتحنا كثيرا وبنينا معا لبنان العزّة والمستقبل والاستقامة، وإذا ابتعدنا فإننا سوف نخسر الكثير". وأكد قاسم "اننا بالمقاومة نكون أقوياء فهي ليست سلاحا بيد طائفة أو فئة من دون أخرى، فهي ليست لخدمة احد، إنما هي مسار وخيار من اجل أن نبقى أعزاء خلقنا الله أحرارا ولو قتل من قتل من نسائنا وشيوخنا، وتعرفنا من مقاومة الاحتلال كيف نتمسك بهذه القوة من ضمن استراتيجية دفاعية، لكن نرفض أي استراتيجية يكون عنوانها استراتيجيا لكن تخفي في طياتها خدمة الأهداف الدولية المشبوهة".‏

شرف الدين‏

وفي الختام ألقى كلمة آل شرف الدين، السيد حسين شرف الدين زوج السيدة رباب الصدر فقال حياة الإمام شرف الدين بكاملها تمثّل عملية حفظ الذات في الإصرار على تحصين النفس من أن يقع في تجربة ربح العالم، ولحقت به التجارب حتى فراش الموت ليذكر مندوب الشاه إذ جاء يدعوه لحفل يقام على شرفه لسلامته، يذكره بالمأثور: "إذا رأيت العلماء على أبواب الملوك فبئس العلماء وبئس الملوك، وان رأيت الملوك على أبواب العلماء فنعم الملوك ونعم العلماء".‏

الانتقاد/ مؤتمر ـ العدد 1162 ـ 19 أيار/مايو 2006‏

2006-10-30