ارشيف من : 2005-2008

الإيمان بالغيب

الإيمان بالغيب

الانتقاد/ نور الولاية ـ العدد 1127 ـ 16 أيلول / سبتمبر 2005‏

هل الإيمان بالغيب معرفة ميتافيزيقية مقطوعة الأثر عن حياة البشر أم أن نتائج هذا الإيمان تنعكس بشكل مباشر وغير مباشر على حياة الفرد والجماعة، وعلى النظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية؟‏

إذا تأملنا في أنفسنا وفي ما خلق الله حولنا من الكائنات والأفلاك من آيات بينات علمنا أن أجلى حقيقة في هذا الوجود هي الخالق الأعظم الذي لا يسعنا أن نؤمن به إلاّ بالغيب. الغيب الذي يعني كل حقيقة لا يدركها الإنسان بحواسه، فالروح التي هي جوهر كياننا غيب والله هو غيب, وهدى الله هو غيب، وصلة الإنسان بالله غيب، والملائكة غيب، ونصرة المؤمنين وتأييدهم يأتي من عالم الغيب. والعالم في حقيقته عالمان: عالم الغيب وعالم الشهادة، ولعل عالم الغيب أكبر من عالم الشهادة. يقول الله تعالى في الآية 57 من سورة غافر: "لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس, ولكن أكثر الناس لا يعلمون".‏

وهذا يؤكده قول علماء الطبيعة أن ما لا نعلمه من الكواكب والمجرات الهائلة أكثر مما نعلمه, وخصوصاً إذا أضفنا إلى ذلك ما أخبرنا الله به عن الملائكة, وعالم الجن, وما لم يخبرنا به من العوالم: "ولله جنود السماوات والأرض".‏

وفي وصف المتقين يقول الله تعالى: "الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ...". إن إنفاق الإنسان لأمواله على الفقراء والمحتاجين هو هدر لهذه الأموال, والشهادة هي انتحار إذا لم يكن الإنسان يؤمن بالغيب, وبذلك تتأصل جذور الأنانية الفردية والمادية النفعية ويغيب التضامن الاجتماعي وتنبثق النظم الاجتماعية والاقتصادية وسائر الشرائع البعيدة عن شرائع الإسلام.‏

حسن نعيم‏

2006-10-30