ارشيف من : 2005-2008

في بيان الخوف من الحق المتعالي

في بيان الخوف من الحق المتعالي

الانتقاد/ نور الولاية ـ العدد 1126 ـ 9 أيلول / سبتمبر 2005‏

اعلم أن الخوف من الحق جل وعلا من المنازل التي قلّما نستطيع ان نجد للعوام من الناس منزلة، في مستوى منزلة الخوف من الحق سبحانه، وهذا الخوف مضافاً الى أنه يكون من الكمالات المعنوية، يعتبر منشأ لكثير من الفضائل النفسية، وعاملاً هاماً لإصلاح النفس، بل مصدر جميع الاصلاحات للنفس، ومبدأ لعلاج جميع الأمراض الروحية. ويجب على الانسان المؤمن بالله، السالك والمهاجر الى الله، أن يهتم كثيراً بهذه المنزلة، وأن يُقبل بوجهه أكثر فأكثر على ما يبعث الخشية من الله في القلب، ويعمّق جذوره فيه، مثل التفكر في العذاب والعقاب وشدة أهوال الموت وبعد الموت من عالم البرزخ والقيامة، والصراط والميزان والحساب، وألوان عذاب جهنم، ومثل التذكر لعظمة الحق المتعالي وجلاله وقهره وسلطانه ومكره وسوء العاقبة وأمثال ذلك.‏

وحيث إننا عرضنا شرحاً مختصراً لكل هذه المراحل في هذا الكتاب، اقتصرنا هنا على ذكر بعض الأحاديث في فضيلة الخوف من الله تعالى.‏

محمد بن يعقوب بإسناده عن اسحاق بن عمار قال: قال ابو عبد الله عليه السلام: "يا اسحاق خف الله كأنك تراه، وان كنت لا تراه فإنه يراك، وإن كنت ترى أنه لا يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت له بالمعصية فقد جعلته من أهون الناظرين عليك".‏

الحق المتعالي حاضر في كل مكان وحيّز، ولشاهده بالعلم الحضوري في جميع الموجودات، كما يقول الامام الصادق المصدّق عليه السلام "ما رأيت شيئاً الا ورأيت الله معه أو فيه"، وتنكشف عليه حقيقة "كنت سمعه وبصره ويده" المتوخاة من التقرب بالنوافل فيرى الحق حاضراً في جميع مراتب الوجود، حسب مرتبته ومقامه، إما علماً او ايماناً او عيناً وشهوداً. ومن المعلوم، ان السالك في أي مقام كان، يراعي حضور الحق، ويمتنع عن مخالفة ذاته المقدس، لأن مراعاة الحضور والمحضر من الأمور الفطرية التي جبل عليها الانسان، فإنه مهما كان مستهتراً ومن دون حياء، لفرّق بين حضور الطرف الآخر وغيابه، خاصة اذا كان حضوراً للمنعم العظيم الكامل، لأن فطرة الانسان تراعي حضور كل شيء بصورة مستقلة.‏

2006-10-30