ارشيف من : 2005-2008
آخر الكلام وأول الكلام
الانتقاد/نقطة حبر ـ العدد 1118 ـ 15 تموز/ يوليو 2005
مواكب الأجساد الذاهبة إلى حتفها ماذا تراها تقول قبل أن تصطدم بقدرها. ثمة تركيز صحفي على كل ما يصدر عن الشخصية المستهدفة في اللحظات الأخيرة الفاصلة بين الموت والحياة. أقل كلمة تبدر عن الشخصية تحمل أو تحمّل دلالات كثيفة تعادل ربما كل أرشيفه الكلامي. الصور الأخيرة أيضاً لا تقل أهميةً عن الكلام الأخير إن لم تفوقه أهمية.
هل هي الحشرية الصحفية تلك التي تدفع الناس إلى اقتناص آخر الأفعال والأقوال؟ أم أن وراء الأكمة ما وراءها من أسرار اللغز المحير ـ لغز الموت والحياة ـ الذي دوّخ الإنسان منذ فجر التاريخ إلى الآن، وإلى آخر الزمان.
وقد شهدنا تركيز الصحافة على آخر الصور التي أُخذت للرئيس الحريري. وربما لم تبق صحيفة إلاّ وعرضت لآخر كلام تفوّه به للصحافيين اللذين شاركاه الجلوس في المقهى القريب من ساحة البرلمان.
اليوم يشهد لبنان موجة عاصفة من الاغتيالات السياسية والتصفيات بات معها السؤال الأكثر أهميةً من تتبع آخر الكلام هو: من التالي؟ كأننا إزاء فيلم بوليسي أميركي طويل يزداد تشويقاً كلما أوغلت أحداثه في تصاعدها الدرامي. كأن أسهم بورصة آخر الكلام تراجعت إزاء أسهم أول الكلام.
حسن نعيم
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018