ارشيف من : 2005-2008
نور الولاية : تسبيح الكائنات
العدد 1117 ـ 8 تموز/يوليو 2005
تدل الآية الشريفة "سبّح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم" على تسبيح جميع الكائنات حتى النباتات والجمادات لله سبحانه. ومن خصّ التسبيح بذوي العقول من الموجودات، فهو نتيجة احتجاب عقول ذوي العقول. ولو فرضنا بأن هذه الآية المباركة تقبل التوجيه والتأويل لتسبيح الكائنات، ولكن هناك آيات شريفة أخرى لا تقبل التأويل والتفسير مثل قوله تعالى: "ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس". وإن تأويل التسبيح الى التسبيح التكويني أو الفطري، يكون من التأويل البعيد الموهون، حيث تأباه الأحاديث والآيات الشريفة، وترفضه البراهين السديدة الفلسفية، وينكره المسلك العرفاني الجميل.
والعجيب من الفيلسوف الكبير، والعالم الجليل صدر المتألهين (قدس سره) الذي لا يرى التسبيح في هذه الآيات، تسبيحاً نطقياً، مفسراً نطق بعض الجمادات مثل الأحجار الصغيرة، بإنشاء النفس المقدسة للولي، الأصوات والألفاظ حسب وضع الجماد والنبات. ورأى بأن قول بعض أهل المعرفة من أن لجميع الكائنات نطقاً، مخالف للبرهان، وملازم للتعطيل ودوام القسر.
برغم أن هذا الكلام يغاير المبادئ والأصول التي ارتآها، وانطلق منها، مع العلم بأن صريح الحق ولب لباب العرفان ينسجم مع دعوى السابق من دون أن يستلزم مفسدة، ولولا خشية التطويل والتفصيل لشرحنا ذلك بكل مقدماته وملابساته، ولكننا نرتضي الإشارة الإجمالية اليها ونقتنع بها.
لقد أشرنا في الماضي الى هذا المعنى بأن حقيقة الوجود عين الشعور والعلم والإرادة والقدرة والحياة وكافة الشؤون الحياتية، فإذا لم يكن لشيء علم ولا حياة نهائياً فليس له وجود. ومن ذاق طعم حقيقة أصالة الوجود واشتراطه المعنوي، على مسلك العرفاء مثل العلم والإرادة والتكلم و... وإذا بلغ مقام المشاهدة بواسطة ترويض النفس والحالات المعنوية، لشاهد بأم عينه وسمع دويّ تسبيح الموجودات وتقديسها. ومن المؤسف أن سُكر المادة والطبيعة قد أوهن العين والسمع والحواس الأخرى. ومنعنا من الوقوف على الحقائق الوجودية والهويات العينية.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018