ارشيف من : 2005-2008
في حقيقة الشكر
الانتقاد / نور الولاية ـ العدد 1118 ـ 15 تموز/ يوليو 2005
اعلم أن الشكر عبارة عن تقدير نعمة المنعم. وتظهر آثار هذا التقدير في القلب في صورة، وعلى اللسان في صورة أخرى، وفي الأفعال والأعمال بصورة ثالثة.
أما آثاره القلبية فهي من قبيل الخضوع والخشوع والمحبة والخشية وأمثالها. وأما آثاره على اللسان، فالثناء والمدح والحمد. وأما آثاره في الأعضاء فالطاعة واستعمال الجوارح في رضا المنعم وأمثاله.
نُقل عن الراغب: "الشكر تصور النعمة وإظهارها". وقيل هو مقلوب عن الكشر، أي الكشف، ويضاده الكفر، وهو نسيان النعمة وسترها. وقيل أصله من عين شكري: أي ممتلئة.. فالشكر على هذا هو الامتلاء من ذكر المنعم عليه". والشكر ثلاثة أضرب: شكر بالقلب، وهو تصور النعمة. وشكر باللسان، وهو الثناء على المنعم.
فمن نحن حتى نرجو القدرة على الثناء عليك، فيما يعترف الولي من أوليائك قائلاً: "أفبلساني الكالّ هذا أشكرك!".. مقراً بعجزه وقصوره.. فكيف بنا نحن أهل المعصية المحجوبين عن ساحة كبريائك؟ ما عسانا نقول سوى أن نحرك ألسنتنا قائلين: إن رجاءنا موكول الى رحمتك، وإن أملنا وثقتنا بفضلك ومغفرتك وجودك وكرمك، كما جاء على ألسنة أوليائك.
في الكافي بإسناده عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قال الله تبارك وتعالى: "لا يتكل العاملون لي على أعمالهم التي يعملونها لثوابي، فإنهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم ـ أعمارهم ـ في عبادتي كانوا مقصّرين غير بالغين في عبادتهم كنه عبادتي فيما يطلبون عندي من كرامتي والنعيم في جناتي ورفيع الدرجات العلى في جواري، ولكن برحمتي فليثقوا، وفضلي فليرجوا، وإلى حسن الظن بي فليطمئنوا، فإن رحمتي عند ذلك تدركهم، ومَنّي يبلغهم رضواني، ومغفرتي تلبسهم عفوي، فإني أنا الله الرحمن الرحيم، وبذلك تسميت.
ومن أسباب الخوف أيضاً التفكر في شدة بأس الله تعالى، وفي دقة سلوك طريق الآخرة، والأخطار التي تحيط بالإنسان في حياته وعند موته، ومشاق البرزخ ويوم القيامة، ومناقشات الحساب والميزان، مع ملاحظة الآيات والأخبار التي تنبئ عمّا وعد الله تعالى عباده، مما يحيي كامل الأمل والرجاء.
(*) من كتاب الاربعون حديثاً
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018