ارشيف من : 2005-2008

مشاريع التخرج في كلية الإعلام:مجلات حبلى بالهموم

مشاريع التخرج في كلية الإعلام:مجلات حبلى بالهموم

الانتقاد / تحقيقات‏ ـ العدد 1121 ـ 5 آب/ أغسطس 2005‏

"أبجد"، "الهودج"، "براعم"، "مباشر"، "زوايا"، "قناديل الهدى"، "معك"، "إلى آخره"، كلمات وعبارات قد لا تعني لنا الكثير إذا ما أتت خارج إطار جملة ما، إلا أنها ستظل دوماً بالنسبة الى طلاب قسم الصحافة في كلية الإعلام والتوثيق ـ الفرع الأول دفعة العام 2004 ـ 2005، كالابن الأول لحياة حبلى بالمطبّات والصعوبات، سيخوضون خلالها غمار العمل الصحافي والإعلامي بكل "طلعاته ونزلاته".. حياة يبدو أن صحافيي المستقبل سيجعلون لها طعماً خاصاً مع ما يحملونه من أفكار جديدة ومتوقدة تتلمسها وأنت تتصفح مجلات التخرج التي تنوعت بتنوع أفكارهم وتلوّنت بتلويناتهم السياسية والثقافية والأيديولوجية المختلفة.‏‏

بين المجلات الثقافية والإعلامية والتربوية والسياحية والنسائية ومجلات الأطفال، يبدو أن لا مكان للمجلات السياسية مئة في المئة لمشاريع التخرج هذا العام، وكأن هؤلاء الشباب ملّوا "الفذلكات السياسية" وأرادوا التعبير من خلال لغة يعرفون أنها وإن كانت غريبة بعض الشيء عن "اللغة الدارجة هذه الأيام"، إلا أنها تعبّر بصدق عنهم وعن أفكارهم وعن طموحاتهم.‏‏

خلال مناقشة مشاريع التخرج أمام لجنة مؤلفة من مجموعة من أساتذة الكلية والأستاذ المشرف، مشاهد كثيرة لا يمكنك المرور عنها ببساطة: البعض يتصبب عرقاً، البعض الآخر متحمس وجاهز للرد، الارتباك ظاهر في عيون آخرين، والنتيجة ثناء ومديح من جهة وعدم رضا وانتقادات من جهة ثانية.. وفي كل الأحوال فإن المجلات جميعها تستحق الوقوف عندها للجهد الذي بذله الطلاب، كل بحسب إمكانياته المادية والفكرية.‏‏

"أبجد" مجلة تربوية شبابية شهرية، انطلقت فكرتها من كون التربية تبقى هي السر وراء تكوين شخصية الإنسان وتركيبته. اشتملت على مواضيع عديدة، منها الخطاب السياسي والتوريث السياسي في لبنان انطلاقاً من مقاربة تربوية. كما كانت وقفة لـ"أبجد" عند ملف الجامعة اللبنانية من خلال مقابلة مع رئيسها د. إبراهيم قبيسي، وموضوع المناهج التربوية الجديدة وقانون الأحوال الشخصية. كما توقفت عند العلاقة بين الكتاب والانترنت في موضوع دخل في تفاصيل وجوانب هذه العلاقة.‏‏

"مباشر" مجلة إعلامية شهرية متخصصة، "غوص كتابي خلف الرؤية" كما عبر عنها الطلاب أصحاب المجلة في افتتاحيتها، وهي كما "أبجد" لاقت إعجاب الأساتذة كعمل نوعي دل على الحرفية والتقنية العالية لدى الطلاب.‏‏

وبما أنها إعلامية انتقلت "مباشر" في صفحاتها بين "المكتوب" مع جوزيف سماحة والصفحات الشبابية ومجلات "الباباراتزي"، الى "المرئي والمسموع" مع الإعلام الحربي لحزب الله في موضوع لقي إشادة اللجنة، ونشرات الأخبار راصدة الى جانب ذلك علاقة مشبوهة بين وسائل الإعلام وصناديق الاقتراع، مسلطة الضوء على وجوه لها بصمتها في الحياة الإعلامية. وبما أن المكننة والتكنولوجيا أضحت "خبزنا اليومي"، فإن "مباشر" لم تنس هذا الجانب، فأفردت له صفحات حملت عنوان "مكننة". ولعل اللافت سواء في "أبجد" أو "مباشر" تقنية عالية وأسلوب متطور في الكتابة تخال من خلالهما أنك تقرأ لمتمرسين في مهنة الصحافة.‏‏

"إلى آخره" كانت ثقافية مئة في المئة، فألقت الضوء في تحقيق جديد من نوعه على شكل المثقف في الدول العربية، وأفردت صفحاتها لمختلف أنواع الفنون والثقافات من الموسيقي إلى الشعر إلى الكمبيوتر والفنون التشكيلية، الى صورة المقاتل في السينما اللبنانية، إلى قراءة في روايات وكتب.. إلى آخره.‏‏

نسائية، فكرية، ثقافية.. هكذا كانت "الهودج"، إحدى مجلات التخرج التي أرادت أن تحاكي المرأة في جوانب حياتها مع ما يحيط بها من أحداث فكرية وثقافية، وأرادت "الهودج" كما ذكرت افتتاحيتها أن تضيء على المستقبل الذي ينتظر هذه المرأة.‏‏

وفي زوايا مجلة "زوايا" أحد مشاريع التخرج، مواضيع اجتماعية وثقافية متنوعة مطعمة بمقابلات مع وجوه إعلامية بارزة. "زوايا" عبّرت بحسب أصحابها عن التنوع الثقافي والأيديولوجي الموجود بينها، حيث اختار كل واحد زاوية حملت بصماته في المجلة التي أرادوها ان تراعي أذواق القراء بشكل عام من جهة، وجسراً ينقلهم الى بداية ما يطمحون اليه في حقل الصحافة.‏‏

وفي خضم المجلات المذكورة برزت "براعم" لتعبر كما يتضح من اسمها، عن مرحلة الطفولة بكل تشعباتها وأسرارها، فكانت الافتتاحية بقلم الفنان دريد لحام سفير الطفولة السابق لدى الأمم المتحدة، وكانت المواضيع متنوعة تدور حول دائرة الطفولة والمراهقة بكل مشاكلها، كما كانت إضاءة على أطفال المخيمات الفلسطينية‏‏

في لبنان في موضوع جسّد حكاية انتفاضة على الواقع، وأمل بـ"ربيع فلسطين".. إضافة الى مواضيع أخرى تناولت جوانب التأثير على شخصية الطفل من وسائل الإعلام الى المناخ السياسي الى عوامل أخرى كالانترنت وغيره.‏‏

أما "قناديل الهدى" فهي وإن كانت مجلة عادية نوعاً ما قياساً ببعض المجلات الأخرى، لكنها حملت نمطاً جديداً ميزها مضموناً عن غيرها من المجلات، إذ سلطت الضوء على "السياحة الدينية" في لبنان، فكانت على صفحاتها صور المآذن وأجراس الكنائس، وكانت المزارات والمساجد والأديرة السمة الرئيسية في المجلة.‏‏

المجلات المذكورة كانت بمجملها ثمرة عمل طلاب السنة الرابعة صحافة، أما طلاب السنة الثالثة الذين يتخرجون هذه السنة في أول دفعة ضمن المنهاج الجديد، فكانت مجلاتهم عبارة عن رزمة من المواضيع التي تنوعت باختلاف طبيعة المجلة. وكما مشاريع تخرج السنة الرابعة تراوحت مشاريع تخرج السنة الثالثة بين ما هو إعلامي مرئي وشبابي وما هو سياحي وشامل.‏‏

"تيلي مجلة" تناولت شؤون الإعلام المرئي وأضاءت على بعض وجوهه، أما "شبابيك" فأراد أصحابها إعطاء فرصة للشباب لاختلاس النظر الى مواضيع يكتبها من عبرت عنه المجلة بـ"المجتمع الذي يتخبط بين الممنوعات من ناحية وهاجس الموروثات السياسية والاجتماعية والثقافية من ناحية أخرى".‏‏

"حبرون" التي لاقى اسمها انتقاداً لكونها كلمة يهودية، فيما أراد بها الطلاب مدينة "الخليل" بالكنعانية، كانت شبابية شاملة شكلت مساحة للحوار بين الشباب الفلسطيني واللبناني. ومن ضمن مجلات التخرج مجلة سياحية تحمل اسم "سواح"، وأخرى شهرية شاملة بعنوان "الأفق.‏‏

أربع سنوات أو ثلاث سنوات قضاها هؤلاء الطلاب في حرم كلية الإعلام والتوثيق ـ الفرع الأول، ختموها بأعمال عبرت في كل صفحة من صفحاتها عن أفكارهم ومبادئهم وأيديولوجياتهم.. والأهم من كل ذلك أنها عبرت عن دأب وجهد لخوض غمار الحياة العملية أقوياء، وبأقلام لا يشح حبرها، عبرت عن أن الجامعة اللبنانية برغم ما أصابها من إهمال تبقى من الصناع الأقوياء لأجيال مثقفة وعلى قدر كبير من المهنية والتقنية العالية. فعلى أمل ان نلقى "أبجد"، "الهودج"، "براعم"، "مباشر"، "زوايا"، "قناديل الهدى"، "معك"، "لوليتا"، "حبرون"، "شبابيك"، "سواح"، "تيليمجلة"، "الأفق"، و... "إلى آخره"، في الأسواق ببصمات هؤلاء الطلاب وبالقدر عينه من الحماسة والاندفاع والثقافة.‏‏

2006-10-30