ارشيف من : 2005-2008
مؤتمر "الأدب المقاوم رؤى وتطلعات" في الماريوت:المعايير الفنية أولاً
الانتقاد / تقرير ـ العدد 1120 ـ 29 تموز/ يوليو 2005
أقام مركز الإمام الخميني الثقافي مؤتمراً أدبياً تخصصياً تحت عنوان: "الأدب المقاوم رؤى وتطلعات" في قاعة فندق الماريوت في بيروت.
بداية عرض مدير مركز الإمام الخميني الثقافي الدكتور علي الحاج حسن الأسباب الداعية الى المؤتمر وأهمية الأدب وتوأمته مع المقاومة، ثم عرض لدور مركز الإمام الخميني الثقافي في العمل الأدبي، حيث صدر أكثر من خمس وعشرين قصة قصيرة، إضافة إلى ثلاثة دواوين شعرية وعدد من اللقاءات الأدبية والشعرية.
صفي الدين
بعد ذلك تحدث راعي المؤتمر رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله سماحة السيد هاشم صفي الدين، فركّز في كلمته على فعل المقاومة ودورها الريادي في بناء الإنسان. ومما جاء في كلمته: "يندر في تاريخ الأمم أن تجد أمة حققت ذاتها وسلكت درب الحرية والرقي والعظمة من دون أن تقوم بفعل المقاومة التي تعبر عن إرادة منبثقة عن قناعة وخلفية فكرية تسعى للتغلب على الواقع المعاكس الذي يمثل التسلط والهيمنة والاستعباد والخوف على المصالح والمكتسبات والامتيازات.. إنها طبيعة الصراع الحتمي والتاريخي الذي يتجاوز في حقائقه كل الظروف المحيطة والمعادلات القائمة.. (ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور). إن مقاومة أي شعب هي التجسيد الأروع لإرادة الحياة الكريمة، وهي الطريق الأمثل لتحقيق القيم الإنسانية من أجل رفع الأثقال والأغلال عن كاهل المظلومين والمضطهدين.. وهي في قاموس الشعوب الذخيرة الوجدانية والمرجع الصالح، والذاكرة التي لا تموت، والتي تنطوي على أرفع المعاني التي توجب الافتخار والاعتزاز لتكون الحقيقة الممتدة في تاريخ الشعوب، ولتغدو جزءاً من التكوين الثقافي الذي يستحق اهتمام الباحثين والمفكرين والمؤرخين والأدباء وأهل الفن والإعلام، فيتناول كل صنف من هؤلاء هذه الأمثولة بطريقته الخاصة في مساهمة فاعلة لترسيخ انتماء جامع لكل الأجيال التي تتغنى بتاريخها و بطولات قادتها وعظمائها، والتي تطرب لها الأحاسيس لمجرد ذكرها وتتفاعل مع كل تفاصيلها بكل زهو وشعور بالاعتزاز الذي يؤكد الصدق والجدارة، ذلك لأن الأمة التي لا تضحي من أجل ذاتها وهويتها ليست جديرة بالحياة، فضلاً عن البقاء".
ثم أشار سماحته إلى أن "المطلوب أن تعاد الثقة إلى أمتنا بعد الهزائم المتكررة، وينبغي الالتفات إلى أن المقاومة هي المنشأ لكل النتائج الباهرة التي حصلنا عليها، وهناك مجموعة من العلماء والأساتذة والمثقفين ـ وعلى رأسهم شيخ الشهداء الشهيد الشيخ راغب حرب وسيدهم الشهيد السيد عباس الموسوي ـ هم النماذج المقدمة كنسخة عن أحداث التاريخ المشرفة".
وعن دور المقاومة في الأدب والحركة الإنسانية ركز سماحته على دور المقاومة "كمخزون فكري ثقافي ينفتح على الآخر ويحترمه من دون أن يتخلى عن ثوابته وأصوله، وبهذا تكون المقاومة فعلاً ثقافياً بامتياز".
الشعر والمقاومة
الشاعر الأستاذ محمد علي شمس الدين ترأس جلسة المحور الأول حول المقاومة والشعر، فتحدث عن المقاومة وحركة الإنتاج الشعري، معتبراً أن مستويات شعر المقاومة ثلاثة، تبدأ من شعر الإقامة في المكان مروراً بالتراث وتنتهي إلى شعر الإقامة في اللغة.
بعد ذلك تحدث الدكتور علي زيتون تحت عنوان "المقاومة وحركة الإنتاج الشعري"، فاعتبر أن ثقافة الأمة هي الشعر، وأن الشعر ليس بلاغة فحسب، وشعراء الأمة والعالم الذي خلّدهم شعرهم لم يكونوا بلاغيين كباراً فقط، وإنما كانوا مثقفين كباراً أيضاً.
ثم تطرق إلى موضوع حياديّة العالم الموضوعي الذي يشكل مرجعيّة أساسية للنص المقاوم، فالغليان الذي تمثله المقاومة ليس حيادياً بالنسبة إلى التأثير في كل من الأيدولوجيا واللغة والمقاومة. ورأى أن المرجعية الواقعية في النص الشعري المقاوم هي أحد أركان هذا النص، وهي تشكل إلى جانب كل من الرؤية واللغة أركانه الثلاثة.
بعد ذلك تحدث الشاعر مردوك الشامي عن الإبداع الشعري وفعل المقاومة، ومما جاء في مداخلته: "لا إبداع بمعزل عن الحرية، وإن كل أبجدية تكون نتاج بشر يسكتون على الأسر عاقرٌ وهراء, وفيضٌ من ثرثرات وأكاذيب! فكلّ قصيدة لا يسكنها هاجسُ التحليق فوق كل سياج مادي ومعنوي, جارية, مجرد جارية في قاموس العبث وسلطنة الانحناء! وكل شاعرٍ شاعرٌ مع وقف التنفيذ ما لم يعمّد تجربته بالصراخ والدم السخي الذي يجعل التراب ملامساً لقداسة السماء السابعة".
بعد ذلك تحدث سماحة الشيخ فضل مخدر عن تجربته الشعرية، ذاكراً بعض القصائد التي نظمها، ومشيراً إلى دور المقاومة في بث الروح الملحمية الشعرية في الأمة، لا سيما في الشعراء والأدباء. مشيراً إلى الاختلاف بين الشعراء والأدباء والنقاد في الإجابة عن تساؤل قديم جديد هو: لمن نكتب الشعر؟ وبعد عرض الاختلافات رأى أن الشعر حينما يخرج لا يعتني كثيراً بما يقال حوله، فالشعر يحتمل محمل ما قيل عن نسبته.. فقد يكون الموقف للشعر فقط، وقد يكون الموقف للشاعر. ثم عرض سماحته مقاطع من أشعاره.
ثم جرى نقاش ضمن عناوين المحور الأول، وتُطُرّق إلى موضوع دور المقاومة في الإبداع الشعري، وكذلك دور الشعراء في العمل المقاوم.
الرواية والمقاومة
الجلسة الثانية ترأسها وزير العمل الدكتور طراد حمادة، الذي تساءل عن المقاييس التي نحكم من خلالها على عمل ما بأنه عمل مقاوم. مستنتجاً أن الفعل يمكن له أن ينتج أدباً كالثورة الفرنسية التي أنتجت أدباً وفلسفة، وكذلك فعل الشهادة في كربلاء الذي حاكته الإبداعات الإنسانية فعلاً يكدح على سلّم الكمال، والثورة الإسلامية في إيران.. والانتصار على العدو الصهيوني لا يمكن أن لا يأتي أفقه في إنتاجات.
وتساءل عن مواكبة الأدب للمقاومة قائلاً: "هل استطاع الأدب المقاوم أن يصل في تأوجه إلى ما وصلت إليه المقاومة؟ ثم ذكر دور القصة والمسرحية والقصيدة في تأجيج الشعور الشعبي ضد الظلم والاحتلال، مع بعض الأمثلة.
بعد ذلك عرض الدكتور حسام الضيقة مداخلته التي حملت عنوان: "رواية المقاومة: دراسة في الإنتاج الأدبي"، فتحدث عن الرواية المقاومة ذاكراً سماتها وفعلها الثوري في النفوس، ووجهات النظر المتعددة فيها. ثم عرض في الجزء الثاني من روايته قراءة في رواية "درب الجنوب" للأستاذ عوض شعبان.
بعد ذلك تحدث الدكتور عبد المجيد زراقط عن المقاومة ومستقبل أدب الرواية، فتساءل عن دور المقاومة في تشكيل مستقبل الرواية، وما هي المقاومة التي ستؤثر في تشكيل مستقبل الرواية؟ وذكر أن الرواة كالمقاومة في تجدد دائم، وأن العلاقة بين الإنسان والأدب كالعلاقة بين الحياة والأدب.
واعتبر زراقط أن المقاومة مادة وفيرة وغزيرة، وأن الحدث التاريخي الذي تحقق هو أكبر من الحلم، ولكن النص الأدبي لم يرقَ بعد إلى مصاف الفعل المقاوم.
ثم عرض الزميل حسن نعيم لتجربته في روايته "شتاء وغرباء"، فذكر أن العديد من الهواجس اجتمعت لديه، لا سيما المقاومة التي كانت غريبة في محيطها، في حين كانت تنمو بداخله وتكبر وتزداد بازدياد عزلتها، سيما أن أبطالها وشهداءها كانوا أترابه وشركاءه على مقاعد الدراسة.
ومن الهواجس ذكر "هاجس التدينط "بما هو سفر الإنسان المحمّل بأسئلته الوجودية ومغامرته المشوقة والمتعبة في البحث عن معنى لوجوده، وبالتالي البحث عن خالقه". وتحدث حسن نعيم عن هواجس عدة رافقته خلال كتابة هذه الرواية، أبرزها هاجس اللغة وهاجس الناس وهاجس العيش المشترك "الذي عبرت عنه ريتا بردّها على زميلتها التي لامتها على حبها لأمير، فأجابتها قائلة: الله عندنا محبة وعندهم رحمة، وما نفع المحبة إذا لم تقترن بالرحمة".
القصة القصيرة والمقاومة
الجلسة الثالثة ترأسها سماحة السيد إبراهيم أمين السيد الذي تحدث عن القصة ودورها، مشيراً إلى أن القصة ليست للتسلية، بل وظيفتها المساعدة على الوصول إلى الحقيقة وكشفها والالتزام بها كما ورد في القرآن الكريم.. والعبرة باتجاهين: بيان الإيجابي في معسكر الحق، وبيان السلبي في معسكر الكفر.
وأشار سماحته إلى أنه "يمكن أن تذكر قصة من دون بطلها، وقد تكون هي أكبر من بطلها، وقد يكون العكس، فيذكر البطل ويكون هو أكبر منها، فالحد الأدنى هو الاحترام لهذا البطل والحد الأعلى الولاء له".
بعد ذلك تحدث الدكتور يوسف الصميلي عن القصة القصيرة في الأدب المقاوم تحت عنوان "الاتجاه المقاوم في القصة القصيرة في لبنان"، وعرض لبعض التجارب الكتابية حول المقاومة.
بعد ذلك تحدث الدكتور عبد المجيد زراقط عن تجربته في القصة القصيرة، وتساءل عمن يكتب رواية المقاومة؟ من يصدر؟ من يطبع؟ وأشار إلى أنه اكتُشفت عدة مواهب من خلال الإشراف على المسابقات، ولكن المؤسف أن هذه المواهب ماتت بسبب بحث أصحابها عن مصادر العيش. لذا فإن الأدب لا يصدر بقرار، والأديب لا يتكون بقرار، ولا بد من تهيئة ولادات الكتّاب بكشف المواهب وتأمين الفرص. وفي الختام فإن كتابة الرواية نفسها هي عمل مقاوم".
بعد ذلك حصل نقاش ضمن المحور الثالث، حيث جرى تأكيد ضرورة كشف المواهب الواعدة في مجالات القصة القصيرة وإمكانية الاستفادة منها في الإذاعة والتلفزيون.
البيان الختامي
بعد ذلك تلا مسؤول الوحدة الثقافية في حزب الله سماحة الشيخ أكرم بركات البيان الختامي الذي جاء فيه التوصيات التالية:
1 ـ تأكيد أهمية عقد مؤتمرات أخرى حول الأدب المقاوم.
2 ـ تنظيم المسابقات الأدبية والشعرية التي تشجع الأدباء والشعراء وتكشف مواهبهم. وفي هذا الإطار رُكّز على استمرار تنظيم المسابقات الأدبية حول أمراء النصر والتحرير.
3 ـ تشجيع استكتاب الأدباء المجيدين للإفادة الكاملة من ذاكرة المجاهدين في قوالب أدبية راقية، ليستفاد منها في الوسائل الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية.
4 ـ تشجيع الكتابات الأدبية حول المقاومة عبر تقصّي وتبني ما صدر وما يصدر من أعمال أدبية، لا سيما الأطروحات الجامعية، عبر المساهمة في نشرها وعقد لقاءات حولها وما شابه ذلك.
5 ـ إقامة منتديات أدبية في كل المناطق اللبنانية تتناول الأدب المقاوم. وفي هذا الإطار سيعلن مركز الإمام الخميني الثقافي قريباً افتتاح منتدى أدبي يقام بشكل دوري، يكون بمثابة بيت للأدباء والشعراء.
6 ـ تكريم الأدباء والشعراء وأصحاب الأقلام الأدبية الذين يرفدون مكتبة الأدب المقاوم بنتاجاتهم القيّمة.
7 ـ تزويد المؤسسات التعليمية بالمادّة الأدبية التي تتناول المقاومة من أجل إدراجها ضمن برامجها التعليمية.
8 ـ إقامة دورات تعليمية وتدريبية في الأدب والشعر من أجل تنمية المهارات الأدبية والشعرية.
9 ـ إنشاء موقع إلكتروني على شبكة الانترنت خاص بالأدب المقاوم.
10 ـ تشكيل لجنة لمتابعة أعمال المؤتمر و توصياته.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018