ارشيف من : 2005-2008
ميثاق حقوق المرأة والتزاماتها إنجاز أساسي للمرأة الايرانية
الانتقاد / مقالات ـ العدد 1121 ـ 5 آب/ أغسطس 2005
كان العالم مخيمين: شرقي وغربي، وكان التنافس السياسي والفكري منحصراً بين الشيوعية والرأسمالية، واذ بالثورة الاسلامية تنتصر دون سابق انذار وتقدم نموذجاً فريداً للحكم الى العالم حيث أسست نظاماً سياسياً عصرياً في اطار ديني.
اعادت الثورة الاسلامية الى المسلمين هويتهم، وفتحت عصراً جديداً لرجوع المسلمين الى ذاتهم والى قيمهم الدينية ليضعوا الاسلام على بساط البحث، وليقرأوه قراءة عصرية، ليتمكنوا من فهم الاسلام كمنظومة فكرية كاملة متكاملة تلبي حاجات الانسان المعاصر والمجتمع الانساني المتحضّر.
بعد انهيار الانظمة الشيوعية اصبح التنافس السياسي والفكري منحصراً بين الاسلام والرأسمالية، وأتى في صلب هذا التنافس حربٌ اعلامية واسعة على الجمهورية الاسلامية من قبل وسائل الاعلام الغربية لتصوير ايران كنموذج فاشل غير قابل للتطبيق، والغاية من هذه الحرب إظهار الاسلام قاصراً عن التلاؤم مع مستلزمات الحياة في المجتمعات المعاصرة، وفي إطار هذه الحرب تم استهداف القيم ومكتسبات الثورة الاسلامية.
المرأة وحقوقها تعتبر مادة اعلامية خصبة للماكينة الاعلامية الغربية، حيث تم تصوير المرأة الايرانية للرأي العام العالمي بأنها حرمت من حقوقها السياسية والاجتماعية والثقافية بعد انتصار الثورة الاسلامية، والحجاب المفروض عليها ليحد من حرية تحّركها في المجتمع، وبلغ الاعلام من الغلو الى حدّ تجذر الصورة السوداء لدى الرأي العام عن وضع المرأة في ايران، وعن تطبيق القوانين الظالمة والقاسية عليها، حيث اصبح السّياح وضيوف ايران من النساء يخفن من السفر الى ايران، واذا تجرأت احداهن بالسفر الى ايران يحذرها الاصدقاء والاقرباء، ولكن ما ان تسافر الى ايران حتى تكتشف ان الواقع متناقض مئة في المئة للصورة المسبقة التي صنعتها وسائل الاعلام.
فالمرأة الايرانية اخذت من السيدة زهراء (ع) بنت الرسول الاعظم (ص) اسوة لها في سلوكها الفردي والعائلي والاجتماعي، فهي تناضل في سبيل احقاق حقوقها السياسية والاجتماعية والثقافية المسلوبة في خضم العادات والسنن الحاكمة على مجتمعاتنا والبعيدة كل البعد عن الاسلام والثقافة الاسلامية.
منذ انتصار الثورة الاسلامية تناضل المرأة الايرانية وتسعى جاهدة وبهدوء ومنطق وبعيداً عن الغوغاء والدعاية لإحقاق حقوقها، حيث اكتسبت مكتسبات لا يستهان بها.
قبل ما يقارب السنة وبالتحديد بتاريخ 22/9/2004 أقر المجلس الاعلى للثورة الثقافية ميثاق حقوق والتزامات المرأة في ايران، الذي تم تدوينه واقتراحه من قبل المجلس الثقافي والاجتماعي للمرأة، وهذا المجلس يعتبر اعلى مرجع لتناول قضايا المرأة وحقوقها الشخصية والاجتماعية والعائلية في ايران.
الميثاق الذي اشرنا اليه يعتبر اهم مكتسب للمرأة الايرانية في اطار تحديد مرجع اساسي لوضع السياسات الثقافية والاجتماعية للمرأة الايرانية، والالتزام به هو امر الزامي من قبل كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
هذا الميثاق يحتوي على:
1- مقدمة تفصيلية حول الاسس والمبادىء للميثاق.
2- الفصل الاول في حقوق المرأة والتزاماتها الفردية.
3- الفصل الثاني في حقوق المرأة والتزاماتها العائلية.
ويتناول:
حقوق البنات والتزاماتها في العائلة.
حقوق المرأة والتزاماتها في تأسيس العائلة واستمراريتها.
حقوق المرأة والتزاماتها في حال انهيار العائلة.
4- الفصل الثالث في حقوق المرأة والتزاماتها الاجتماعية ويتناول:
حقوق المرأة في الصحة البدنية والمعنوية.
حقوق المرأة والتزاماتها الاقتصادية.
حقوق المرأة والتزاماتها السياسية.
حقوق المرأة والتزاماتها القضائية.
كما تبين مما ذكرناه آنفاً أنّ الميثاق يعرض لكل الامور التي يحق للمرأة ممارستها في حياتها الشخصية والأسرية والاجتماعية، ومن شأن هذا الميثاق ان يعزز حضور المرأة الايرانية في كل الشؤون، مع العلم أن على المرأة الايرانية أن تواصل جهودها وسعيها الى الافضل، وهذا ما يدعمه النظام الاسلامي بتيسير الامور باتجاه تنظيم الاطر القانونية اللازمة من قبل السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية، بما ينجم عنها المعالم الاساسية لحقوق المرأة والتزاماتها على كل المستويات.
حسب معرفتي فإن "ميثاق حقوق والتزامات المرأة في ايران" هو اول وثيقة رسمية من نوعها على مستوى العالم الاسلامي، والتي تعتبرها المرأة الايرانية خطوة بالاتجاه الصحيح، وليست المحطة الاخيرة. المرحلة التالية سوف تكون مرحلة ترجمة هذا الميثاق الى المواد القانونية القابلة للتطبيق لخلق مناخ مؤاتٍ لتغيير واقع المرأة الايرانية نحو الافضل.
فما حققته المرأة في ايران من التقدم في مجال التشريع وتطبيق القوانين، لا يمكننا واقعاً منشوداً ما يحتم على المجتمع الايراني عموماً وعلى المرأة الايرانية خاصة مواصلة جهودهم لتحققه.
اما بالعودة الى الميثاق فمن الجدير ذكره أنه يتناول حق المرأة في التمتع بالحياة الكريمة وحرية التفكير وصون الحياة والمال والكرامة من الانتهاكات، كما يتناول حق المرأة في تحصيل العلم بحقوق والتزامات الزوجين، وتعرفها على المعايير المناسبة لاختيار الزوج، وحقها في ضرورة مراعاة الشروط الدينية والقانونية في الزواج كأصل تكافؤ الزوجين، وحقها في تحديد شروطها الخاصة في عقد الزواج، وحقها في صلة الرحم مع أهلها والكثير من الحقوق التي يذكرها الميثاق في 148 مادة مقسمة في ثلاثة فصول.
المرأة الايرانية بإنجازها هذا العمل الجبار في حقل تنظيم وتشريع حقوقها، مستعدة لتبادل الخبرات مع مثيلاتها في الدول الاسلامية، وخاصة العربية، والتعاون المتبادل من اجل تبنّي استراتيجية مشتركة مع مراعاة خصوصيات كل مجتمع لتحقق ظروف قانونية وثقافية واجتماعية افضل للمرأة المسلمة.
أبو الفضل صالحي نيا
مدير المركز الثقافي الايراني في بيروت
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018