ارشيف من : 2005-2008
ما قبل جبرائيل (ع)
الانتقاد/ نقطة حبر ـ العدد 1125 ـ 2 أيلول/سبتمبر 2005
كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في أواخر العقد الثالث من عمره الشريف عندما بدأت تتحرك في داخله الإشارات الواعدة بالتحول الكبير الذي سيغير حياته ونظرته إلى هذا الوجود، الأمر الذي سيؤدي في ما بعد إلى أن تغير الجزيرة العربية نظرتها إلى الوجود، وتنتقل من عبادة الأصنام إلى عبادة خالقها وخالق هذا العالم من حولها.
قبل هبوط جبرائيل عليه لم يكن محمد (ص) رجلاً عادياً يعيش في مكة، ويقوم بما تقوم به أهلها من الرعي والتجارة فحسب. كان ثمة ورشة داخلية تشتغل في صدره بكل صخب البحث عن الحقيقية الوجودية. وكان من نتائج هذه الورشة أن كان لقبه الصادق الأمين. بعد ذلك بدأت بذور الوحي تنبت في قلبه عن طريق الإلهام والإلقاء في نفسه، والانكشاف له من خلال الرؤية الصادقة، فكان يرى في المنام الرؤيا الصادقة، وهي درجة من درجات الوحي.
جاء في تفسير الدر المنثور: أول ما بدئ به رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.
بعدها بدأت رحلة الخلاء، فكان (صلى الله عليه وآله وسلّم) يقطع المسافات الطويلة ليلاً ليصل إلى غار حراء، وهو كهف صغير في أعلى جبل حراء، في الشمال الشرقي من مكّة ليخلو بنفسه هناك منقطعاً عن عالم الحِسِّ والمادَّة، مستغرقاً في التأمّل والتعالي نحو عالم الغيب والملكوت، والاتجاه إلى الله تعالى...
حسن نعيم
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018