ارشيف من : 2005-2008

23 عاماً.. عطاءً ورعايةً ونشراً لثقافة الشهادة:مؤسسة الشهيد الخيرية الاجتماعية مواكبة متقدمة لعوائل الشهداء

23 عاماً.. عطاءً ورعايةً ونشراً لثقافة الشهادة:مؤسسة الشهيد الخيرية الاجتماعية مواكبة متقدمة لعوائل الشهداء

الانتقاد/ تحقيقات ـ العدد 1122 ـ 12 آب/أغسطس 2005‏

"عين الأمة ومصباحها" كما سمّاهم الإمام الخميني "قده" الذي ببركته وتوجيهاته انطلقت مؤسسة الشهيد الخيرية الاجتماعية عام 1982 مع كوكبة الشهداء الأولى لتكون رديف المقاومة الاسلامية الاجتماعي، فتحتضن عوائل الشهداء والأسرى، وترعى أسرهم في شتى نواحي الحياة.‏

ثلاثة وعشرون عاماً عملاً في خدمة "عين الأمة ومصباحها"، عوائل الشهداء.. هي مؤسسة الشهيد الخيرية الاجتماعية التي تأسست في عام 1982 مع كوكبة من الشهداء الأولى للمقاومة الإسلامية.‏

خمس سنوات بعد التحرير، وهي في تطورٍ دائم لرعاية أمانة الشهداء، ولتحقيق آمالهم وأحلامهم في هذا الوطن.‏

تأسست مؤسسة الشهيد الخيرية الاجتماعية في عام 1982 إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان. حصلت على صفة المنفعة العامة في سنة 1995، وتهتم برعاية عوائل الشهداء والأسرى وفق استراتيجيات وأهداف متكاملة لتسير بأبناء الشهداء وأسرهم الى حيث الاطمئنان والرعاية الشاملة. تربط المؤسسة خطواتها ببرامج رعائية وتربوية وصحية لتأمين أجواء مريحة ومساعدة لعوائل الشهداء في تكوين ذواتهم ولتحقيق الاكتفاء الذاتي في الصعد كافة. ويشكل إحياء ثقافة الجهاد والشهادة إحدى أهم ركائز مؤسسة الشهيد التي تضع تقويماً ذاتياً لتحسين خدماتها وتقديماتها معززة برؤية تجاري العصر وتفاعلاته.‏

أهداف واستراتيجيات‏

للمؤسسة نظرة ثاقبة الى المستقبل وتحدياته، وتتحرك في إطار ثابت من الأهداف العامة والاستراتيجيات، لعل أهمها تعميق العلاقة بالإسلام المحمدي الأصيل كدين ونظام حياة، والعمل على نشر ثقافة الشهادة والمحافظة على قدسية الشهداء.‏

لكن ذلك يحتاج الى رعاية "شاملة" للعوائل للوصول بها الى الاعتماد على النفس ولحفظ معنوياتها من خلال الروابط الأسرية وتماسكها.‏

تتميز مؤسسة الشهيد بخلفية ثقافية دينية، ما يساعدها على إبراز نفسها في المجتمع أيضاً. ويتجلى ذلك في تعزيز ثقافة التكافل الاجتماعي عبر الاستفادة من امكانيات المجتمع المقيم والمغترب، وتشجيع المؤسسة أفراد ومؤسسات المجتمع للقيام بواجباتهم تجاه العائلات الكريمة. وللعلاقة مع المؤسسات والجمعيات الأهلية دور واضح في هذا الأمر.‏

وفي سيرها التصاعدي تعمل للوصول الى مصاف المؤسسات الرائدة في هذا المجال. ولكي يتحقق هذا الهدف تواظب مؤسسة الشهيد على التنمية والتطوير المستمرين لمسارات العاملين فيها، وتواكب التطور العلمي.‏

وتسعى المؤسسة الى تمكين أبناء الشهداء والأسرى من امتلاك شخصية سوية على المستوى الذهني والنفسي والبدني، وتضع ملفها القانوني في تحليل دوري وتنظيم دائم حرصاً على من تمثل، لرفع مستوى أدائها بما ينسجم مع التقنيات الحديثة وتوجهات المؤسسة.‏

وضمن التوجهات تحيط مؤسسة الشهيد العوائل كافة بالرعاية الشاملة، وتؤمن لهم الطبابة والتعليم والمسكن وغير ذلك.‏

مؤسسات ومشاريع‏

ولأن احتضان عوائل الشهداء والأسرى والجرحى والمستضعفين أحد أولوياتها، يستمر مستشفى الرسول الأعظم (ص) في تأمين الرعاية الصحية الفضلى للمرضى.‏

ويظهر المستشفى اليوم متطوراً بفضل مجموعة واسعة من أحدث التجهيزات الطبية، وهذا التطور تأكد بعدما حصلت المستشفى على تصنيف وزارة الصحة من فئة (أ ـ 5 نجوم)، ويشمل أقساماً عدة: العناية الفائقة، التحاليل المخبرية، الخدمات التشخيصية والتصوير الطبي بأشكاله المتنوعة. وإلى جانبه يقدم مستوصف الشهيد الطبي في طرابلس خدمات لعامة الناس، ويؤدي مستوصف القدس في منطقة برج البراجنة الخدمة عينها.‏

وتربوياً يبرز مجمع وثانوية شاهد الذي أطلقته مؤسسة الشهيد عام 1997، بنياناً تربوياً وثقافياً لخدمة أبناء الشهداء وسائر أفراد المجتمع. وقد انبثق من المؤسسة معهد الرسول الأعظم بفرعيه التقني والتمريضي، الذي تأسس في عام 1989.‏

رعاية وأنشطة.. ثقافة وتربية‏

هدف المؤسسة الأساس هو تنشئة أبناء الشهداء والمجاهدين على خطى آبائهم، فهم محور الرعاية التي تريدهم أبناءً أقوياء فكراً وعلماً وعقيدة.‏

توفّر مؤسسة الشهيد لهؤلاء الأبناء فرص عمل ملائمة بعد تخرجهم من معاهدهم وجامعاتهم.‏

وتتمثل الناحية التطبيقية في تهيئة فرص التعليم لهم في أفضل المدارس وتشجيعهم لمتابعة دراساتهم العليا، وعلى المشاركة بالأنشطة التربوية والفنية المختلفة.‏

وتقوم المؤسسة بالتوجيه والإرشاد التربويين لمساعدة الطلاب في اختيار الاختصاصات المناسبة لهم، ويرافق هذا الجانب برامج ثقافية متنوعة مثل إقامة دروس ثقافية ومسابقات قرآنية لعوائل الشهداء، وتشجيع الزوجات على التحصيل العلمي.‏

أمّا البرامج الرعائية فتتضمن الرعاية الاجتماعية والصحية، فتؤمّن المؤسسة مخصصاً شهرياً لائقاً لسد حاجات الأسرة المعيشية، وتقدم الخدمات والتسهيلات الصحية للأسرة.‏

وتمتد الرعاية الى الشهيد فتكرمه فور استشهاده، وتساهم في تنفيذ وصاياه العبادية. ولم تنسَ المؤسسة أهالي الشهداء، اذ تنظم لهم رحلات خاصة الى الأماكن المقدسة.‏

برنامج التكفل‏

يتيح برنامج التكافل للمجتمع اللبناني فرصة لمساندة المؤسسة في نشر رسالتها من خلال البرامج التالية:‏

أولاً: برنامج تكفل أيتام الشهداء الذي بدأ العمل في عام 1991 لتغطية الأعباء المعيشية والصحية لأبناء الشهداء.‏

ثانياً: برنامج مساندة أبناء الشهداء للتخصص والدراسات العليا، لذوي الحاجات التربوية الخاصة: جامعة أو مهنية.‏

ثالثاً: برنامج دعم الأمومة لتفعيل مشاركة سيدات المجتمع في مساندة عائلة الشهيد، ويبقى برنامج الاشتراك الشهري وبرنامج الدعم الصحي للأُسر.‏

احتراف وخطوات مميزة‏

لم يتغير شيء لدى مؤسسة الشهيد بالنسبة الى رعاية أبناء الشهداء قبل التحرير وبعده،‏

لكن الظروف أصبحت مريحة إثر النصر الكبير في 25 أيار 2005، إذ إن الاحتلال الإسرائيلي كان يعيق المؤسسة في مسائل كثيرة.. ويؤكد محمد الحسيني المعاون الإعلامي في مؤسسة الشهيد أنه "بعد التحرير أضفنا الى التقديمات والبرامج الموجودة أشكالاً وأنواعاً أكثر تطوراً نتيجة زوال الضغوط التي سببها الاحتلال الصهيوني".‏

مكانة في النسيج اللبناني‏

تتواصل مؤسسة الشهيد مع الجمعيات الخيرية والمؤسسات المماثلة، ويرى محمد الحسيني ثناءً من تلك الجمعيات لتميز مؤسستنا بعنوانها "الشهيد وعائلته".‏

ويضيف الحسيني: "يعطي هذا العنوان فرادة لمؤسسة الشهيد تنعكس احتراماً من قبل المؤسسات الأخرى في لبنان، وهي تلقى تشجيعاً من جمعيات عدة ووزارات رسمية. وبالنسبة للجاليات اللبنانية في الخارج نلمس منهم تعاطفاً كبيراً في هذا المجال".‏

خطوات‏

يعدد المعاون الإعلامي في المؤسسة مشاريع جديدة في ثلاث فئات:‏

"في الفئة الأولى نسعى الى تحسين مستوى الخدمات والبرامج الرعائية التي نقدمها الى عوائل الشهداء مادياً ومعنوياً. والفئة الثانية تضم التحصين الاجتماعي والثقافي في المجتمع، وتمتين ثقافة الشهادة والجهاد.‏

والأمر الأخير هو إدخال مجتمع الشهداء وعوائلهم الى الدائرة الاجتماعية العامة. وهذه المسألة في تطور دائم، وتُراقب تبعاً لتطور حاجات أبناء الشهداء.. "فهم يكبرون ويتعلمون ويتخصصون والحالة الاقتصادية والجو العام يتغيران".‏

وقد وسّعت المؤسسة كادرها العملي وزادت عدد مكاتبها في المناطق كافة لتسهيل التواصل مع عوائل الشهداء.‏

ويؤكد الحسيني "الاستعانة بخبراء واختصاصيين من داخل الحالة الإسلامية ومن خارجها".‏

وتهتم مؤسسة الشهيد الخيرية الاجتماعية بالجانب الإرشادي المتمثل بحركتين: الأولى تقوم بها المؤسسة تجاه عوائل الشهداء للوقوف على آرائهم في خدماتها، والأخرى تبدأ من أسر الشهداء الى المؤسسة لمعرفة مكامن الخلل والتقصير وثغرات الحاجات لديهم.‏

ويؤكد محمد الحسيني هذه السياسة، "فهي تتم بواسطة استمارات ينشرها المشرفون في المناطق المختلفة ونأخذ نتائجها في الاعتبار.. وكذلك نعتمد هذه الطريقة دورياً، باحثين عن مجالات التحسين في المؤسسة".‏

وتقوم المؤسسة بدور الوكيل والنائب عن الشهيد، ويقول الحسيني: "عندما اختار الشهيد الطريق المعروفة واستُشهد، فإنه يرضى لأبنائه تلك الطريق، وفي هذا الموضوع ناحية وتكليف شرعيان أيضاً".‏

ويذكّر بالثمرة التي نجنيها من خلال تعميق ثقافة الشهادة في ظل التحديات الموجودة والمفاهيم السائدة، "فلا نستطيع سلخ هذه المسألة عن أجوائنا وتنشئة عائلة الشهيد على مفاهيم مختلفة. ولا تعني التنشئة لغاية الموت فقط، لكنها الخيمة التي تظلل باقي الأهداف".‏

متفوّقون برعايتها‏

إنّ غياب الأب عامل مؤثر في الاستقرار العائلي، لذا تعمل مؤسسة الشهيد لتنشئة الأبناء تربوياً وجعلهم عنصراً ناجحاً في العلم والحياة. وهي كانت ولا تزال ترعى طلاباً منهم من أظهر تفوقاً.. وعلى مستوى التخصص يؤكد الحسيني أن "لدينا الدكتور شادي سعد الذي نال المركز الأول في لبنان في امتحان الكولكيوم.. وهناك الأخت زينب جابر التي نالت الماجيستير بدرجة ممتاز عن اختصاص الترجمة الفورية في الجامعة اليسوعية.. ونطمح أن يكون هناك متفوقون أكثر، لكننا نقوم بواجبنا في هذا الإطار".‏

لقد قال الإمام الخميني (قده): "ان مؤسسة الشهيد هي من أفضل المؤسسات، لأنها تخدم أفضل البشر". وقال أيضاً: "عوائل الشهدء هم ذخائر هذه الأمة".‏

يختم المعاون الإعلامي في مؤسسة الشهيد محمد الحسيني: "يدّخر الإنسان لنفسه عادة شيئاً ليجده عند الحاجة، وهذا يظهر أثر الشهيد من خلال عائلته، ويبين الإرث الذي نراه في ابنه ومحيطه، وهذا أمر مهم لأنه يشكل رافعة معنوية وثقافية وإنسانية في المجتمع، فالبيت الفلاني خرج منه شهيد، صفة لا يقدر أي إنسان على نيلها بسهولة.. وكما قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بعدما كان (يخجل) عند زيارة عائلة شهيد قبل استشهاد نجله هادي: لقد كرّمني الله ان اختار من عائلتي شهيداً، وبات الآن يقول: أنتمي الى هذا المجتمع الشريف وهذه الشريحة المباركة".‏

حسن زراقط‏

2006-10-30