ارشيف من : 2005-2008

في بيان الطمأنينة

في بيان الطمأنينة

الانتقاد/ نور الولاية ـ العدد 1140ـ 16/12/2005‏

من الآداب المهمة القلبية للعبادات ـ وخصوصاً العبادات الذِّكرية ـ الطمأنينة. وهذه غير الطمأنينة التي اعتبرها الفقهاء رضوان الله عليهم في خصوص الصلاة، فهذه عبارة عن أن السالك يأتي بالعبادة مع سكون القلب واطمئنان الخاطر، لأن العبادة اذا أتى بها صاحبها في حال اضطراب القلب وتزلزله فالقلب لا ينفعل بمثل هذه العبادة، ولا يحصل أثر من العبادة في ملكوت القلب، ولا تصير حقيقة العبادة صورة باطنية للقلب، والحال أن من إحدى جهات تكرار العبادات وتكثير الأذكار والأوراد، أن يتأثر القلب منها وينفعل حتى يتشكل باطن السالك شيئاً فشيئاً من حقيقة الذكر والعبادة، ويتحد قلبه بروح العبادة.. وما لم يكن للقلب اطمئنان وسكون وطمأنينة ووقار، لم يكن للأذكار والنسك فيه تأثير، ولا يسري أثر العبادة في ظاهر البدن وملكه الى ملكوته وباطنه، ولا يؤدي الى القلب حظوظه من العبادة. وهذا من الأمور الواضحة التي لا تحتاج الى بيان، ومما يُعلم بأدنى تأمل. وإذا كانت العبادة بهذه الكيفية بحيث لا يشعر القلب بها أصلاً ولا يظهر منها أثر في الباطن لا يتحفظ عليها في سائر العوالم، ولا تصعد من نشأة الملك الى نشأة الملكوت، ومن الممكن أن تمحى صورتها بالكلية عن صفحة القلب (ونعوذ بالله) عند شدائد مرض الموت وسكراته المهيبة والأهوال والمصائب التي تكون بعد الموت، فيقدم الإنسان على الله وهو صفر اليدين.‏

ونذكر لذلك مثلاً، وهو أن الذكر الشريف "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، اذا قاله أحد من قلبه وباطمئنان من لبّه وراح يعلم القلب هذا الذكر الشريف، فيتعلم القلب الذكر ويتكلم به شيئاً فشيئاً حتى يتبع لسان القلب اللسان الظاهر، فيكون القلب ذاكراً أولاً، ثم يتبعه اللسان الظاهر، ويكون ذاكراً، وإلى هذا المعنى أشار الإمام الصادق عليه السلام، على ما في رواية مصباح الشريعة قال:‏

"فاجعل قلبك قبلة للسانك لا تحركه إلا بإشارة القلب وموافقة العقل ورضا الإيمان".‏

(*) من كتاب "الآداب المعنوية للصلاة" للإمام الخميني (قده)‏

2006-10-30