ارشيف من : 2005-2008

مؤتمر الناشر العربي 2005 بدعوة من دار الهادي وديوان الكتاب

مؤتمر الناشر العربي 2005 بدعوة من دار الهادي وديوان الكتاب

الانتقاد/ العهد الثقافي ـ العدد 1140ـ 16/12/2005‏

أزمة الكتاب العربي من الحرفة الى المعرفة‏

برعاية أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى ممثلاً بمستشاره محمد الدالي افتتح في "لوبافيون رويال" في البيال مؤتمر الناشر العربي 2005 تحت عنوان "أزمة الكتاب العربي: من الحرفة الى المعرفة"، الذي تنظمه دار الهادي وديوان الكتابة للثقافة والنشر.‏

حضر الحفل الافتتاحي الوزير د. طراد حمادة والدكتور فوزي عطوي وممثل وزير الثقافة طارق متري والنواب: علي عسيران ومروان فارس وحسن يعقوب، ووجوه ثقافية وإعلامية.‏

استهل المؤتمر بكلمة لمنسقه الشيخ فضل مخدر قال فيها: "اننا في مجتمع عُبّر عنه في سنفونية العولمة بالعالم الآخر وصار الماضي الغني أفقر من أن يتعامل مع الواقع أو يتوافق مع أنظمة الحركة المفترضة للصعود".‏

صلاح عز الدين‏

ورأى المدير العام لدار الهادي صلاح عز الدين ان مسؤولية الناشرين تتعدى مجال المساهمة والحرفة في طبع الكتاب ونشره، الى إعطاء الكلمة كل أبعادها بعيداً عن التقليد والاستلاب الذي يراد لعالمنا العربي ان يعيشه من دون هدف أو معنى. وأشار الى أن صناعة الكلمة هي الهدف والرسالة التي يحملها الانسان ويعمل لتحويلها مادة فعل وأثراً حضارياً.‏

الشيخ شفيق جرادي‏

بدأت الجلسة الأولى مع كلمة رئيس الجلسة الدكتور سمير العبدلي (اليمن)، وركّز المحور الأول حول أهمية الكتاب والمعرفة وتأثيرها على مستوى الوعي العربي.‏

ثم كانت مداخلة للشيخ شفيق جرادي مدير معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية في لبنان بعنوان "الهدفية وآفاق الوعي الثقافي العربي"، ركّز في مستهلها على أهمية البحث عن هوية الفكر العربي من خلال التعرف الى عملية التعبير عن تلك الهوية من خلال الكتاب. لافتاً الى أن تشخيص الهدفية أنساق الكتب العربية يشخص المعالم الرئيسية لهوية فكرنا العربي المكتوب. وانتقد الشيخ جرادي ما وصفه بالكتب الحاضرة الجاهزة عند كل حدث ولو عابرا، وهي كتب تهدف للاستهلاك ووسعة المبيع عبر موضوعات تهم شهوة البطن أو ما يسمى فن الطبخ، وغيرها من الكتب ككتب الطوائف الشيطانية وأحداث 11 ايلول والحركات الأصولية والسلفية. وأسف لأن بعض الكتب الوعظية والروحية والتاريخية أخذت تتلون بمثل هذه الألوان الاستهلاكية التي تلعب على ذهنية الخوف والأمل، بدل أن تزرع روح الايجابية والبناء من خلال هذه الركائز الوعظية والروحية والتاريخية.‏

جورج خوري (فلسطين)‏

ثم كانت مداخلة للأستاذ جورج خوري فلسطين ـ ألمانيا، بعنوان "رؤية في ثقافة الجاليات العربية في أوروبا" فقال: هذا المؤتمر من البدايات المشجعة جداً ويظهر ازدياد الاهتمام بموضوع مصيري كهذا بالنسبة الى العالم العربي ومستقبله ككل، فالكتاب كان وما زال الى جانب روافد أخرى حتى في عصر العولمة والانترنت الوسيلة المثلى لنقل المعرفة والنوعية، ولكن لا يجوز أن يظل المؤتمر مجرد لقاء عابر، وإنما يجب أن تتبعه مؤتمرات مماثلة تتناول الأزمة المعاصرة التي لا ينقطع الحديث عنها وأسبابها وأبعادها المختلفة، اذ لن يتغير شيء من الواقع المعيش ما دام المرء يتهم الآخر الغريب بأنه هو المسؤول عن الواقع.‏

سهيل مطر (لبنان)‏

وألقى الأستاذ سهيل مطر محاضرة عن المجتمع العربي بين ثقافة المعلومات وثقافة المعرفة، فركز على تعريف المجتمع الثقافي، مشيراً الى أنه يعتمد على ركائز خمس: القراءة والكتابة، وسائل المعرفة، تعدد اللغات، حرية تناول المعلومات وإنتاج المعرفة.‏

المحور الثاني‏

رأس جلسة المحور الثاني العميد الدكتور جوزف لبكي (لبنان) وكانت بعنوان "الثقافة العربية: أزمة كتاب أم أزمة كتّاب".‏

وألقى الدكتور حسن حنفي (مصر) محاضرة عن الوعي الحضاري، فاعتبر ان العزوف عن القراءة كالعزوف عن الانتخابات والحياة السياسية العامة.. وتساءل: هل بالإمكان تحويل دور النشر من داخلها الى مراكز للبحث العلمي؟..‏

القاضي د. غالب غانم (لبنان)‏

وتحدث رئيس مجلس شورى الدولة في لبنان القاضي الدكتور غالب غانم عن كيفية "التصدي لأزمة الثقافة: من الظاهر الثقافي الى ما هو أبعد منه". وقارن الدكتور غانم بين "الظاهر ونقيضه الجوهر" من الزاوية الفلسفية، واعتبر أن ما هو أبعد من الظاهر الثقافي يحاول أن يتجاوز الاحتفالي والمألوف والخداع من أثواب الثقافة الانسانية. و"أكد لا معنى لكيان الفرد ولكيان المجتمع إن لم يكونا مبنيين على راسخين هما: "حجر الثقافة وحجر الحرية".‏

الدكتور جعفر ميرغني (السودان)‏

وتناول الدكتور جعفر ميرغني في مداخلته "الخطاب الثقافي العربي بين الأصالة والتجديد"، المادة الثقافية المتاحة للقارئ العربي من حيث ما يتغذى به الكتاب من مرتجع وانعكاس ذلك على مفردات خطابه ومضامين مؤلفاته، وقضية التقليد والتجديد في الثقافة العربية المعاصرة، وما للمادة المقروءة باللغة العربية من أثر.‏

وتناول ميرغني في محاضرته أيضاً عبر المقابلة بين ما يأخذه الكاتب العربي عن المؤلفات العالمية الأجنبية وما عساه أن تأخذه تلك المؤلفات عن المكتبة العربية على صعيد الأطروحة الفكرية والمصطلحات.‏

المحور الثالث‏

وتناول المحور الثالث مشكلات النشر والتسويق، ورأس جلسته المدير العام لوزارة الثقافة الدكتور عمر حلبلب (لبنان). حاضر فيها الاستاذ أحمد ديين (الكويت)، مدير دار قرطاس عن "القيود القانونية والرقابة على الكتاب العربي"، فأشار الى معاناة الكتاب العربي، المؤلف والناشر والقارئ، من وطأة ضغط القيود القانونية والإجراءات الرقابية المشددة. وتقدم ديين باقتراحات عدة للتخفيف من حدة القيود المفروضة وأبرزها: اطلاق حرية الرأي والتعبير والنشر، وحرية الوصول الى المعلومات وتداولها، وإلغاء أي نصوص أو اجراءات تقيدها، وخطر العقوبات السالبة للحرية في قضايا المطبوعات والنشر، وتخفيض الغرامات المالية ومنع الحبس الاحتياطي للكتّاب والناشرين، وحصر نطاق الثقافي في قضايا وجرائم ومخالفات المطبوعات والنشر في القوانين الأخرى.‏

حسن نجا (لبنان)‏

ثم كانت مداخلة للدكتور حسن نجا (لبنان) عن "التسويق: من الكماليات الى الضروريات"، فعرض للعناصر الأساسية للتسويق (التعريف، السلعة، والخدمة، السعر، التوزيع، الترويج). وتطرق الى العناصر الديناميكية للتسويق (التخطيط التسويقي الاستراتيجي، التغييرات في المحيط، الأبحاث التسويقية)، مشيراً الى دوافع التسويق وحصرها بالمنافسة والتغيير في تصرفات الزبائن والتطور في تكنولوجيا المعلومات والتواصل".‏

آسيا موساوي (الجزائر)‏

وحاضرت الدكتورة آسيا موساوي (الجزائر) عن "الكتاب معضلة النشر وخلل التسويق: الجزائر نموذجاً)، فركزت على أسباب تدهور سوق الكتاب، عوائق النشر (اجتماعية، ثقافية، اقتصادية)، عوائق الاستيراد الكتاب المدرسي بين احتكار الدولة وطموح الناشرين الخواص)، التسويق المفقود (اختفاء المكتبات). وعرضت لتسويق الكتاب في الجزائر، معربة عن اعتقادها بأنه يمثل نموذجاً فيه الكثير من المفارقات والتمايزات من حيث هو بلد عربي غريب عن أوروبا ينقسم فيه القراء الى نخبتين: واحدة مصرية وأخرى مفرنسة، تحوي سوقاً ضخمة (أكثر من 30 مليون نسمة) بإمكانيات نشر وتسويق هزيلة وشبكة مكتبات تندثر يوماً بعد يوم.‏

كارستن شوستر (ألمانيا)‏

وتناولت السيدة كارستن شوستر في مداخلتها موضوع "حق الملكية وحقوق الطبع الدولية، العقد هو العقد. وأوجزت لمحة عن دار نشر (إس فيشر) الألمانية والمراحل التي مرت بها منذ تأسيسها في العام 1986. لافتة الى أهمية الترجمة الأدبية، "فهي جزء لا يتجزأ من التبادل الحضاري والثقافي بين الأمم. وأكدت أن صيغة العقود في ألمانيا في حركة مستمرة للوصول الى صيغ أفضل". وشددت على دعم برامج الترجمة وحفظ حقوق المؤلف، لأنه "من دونه لن يكون لنا أي نوع من النشاط أو العمل"..‏

ثم كانت مناقشة واستراحة.‏

المحور الرابع‏

ورأس جلسة المحور الرابع والأخير الدكتور فارس موسى مشاقبة (الأردن)، وكانت بعنوان "مستقبل الكتاب العربي في زمن التقنيات الحديثة". واستهلت بمداخلة للأستاذ حسين العودات (سوريا) عن "الكتاب وثورة الاتصال، فلفت الى التأثير السلبي الذي عكسته ثورة الاشكال على التداول بالكتاب الورقي خصوصاً، لكنه استدرك قائلاً: "لا شك في أن ثورة الاتصال أثرت سلباً، لكنها كما يبدو ليست السبب الرئيسي لما نشهده من بداية انهيار صرح الكتاب، فقد تضافرت أسباب عدة وتداخلت فأوصلت الكتاب الورقي الى ما هو عليه. ولعل ربط تراجع الكتاب بثورة الاتصال وإلقاء التبعات على هذه الأخيرة هو رؤية ضيقة".‏

تكريم المشاركين والتوصيات‏

ثم عقدت جلسة التوصيات ووزعت على المشاركين في المؤتمر الدروع التكريمية. وأذاع الدكتور رفيق عطوي التوصيات وهي:‏

1 ـ التحول من الشكل الى المضمون في الكتاب كصناعة، الى الكتاب كمضمون معرفي يلبي حاجة المجتمع العربي.‏

2 ـ إيجاد رؤية عامة للثقافة العربية من أجل التحول من النقل الى الإبداع.‏

3 ـ إيجاد هيئة مسؤولة من اتحاد الناشرين العرب لمنع تزوير الكتاب وأداء حقوق المؤلفين.‏

4 ـ رعاية الترجمة من اللغة العربية الى اللغات الأجنبية وتشجيع التأليف العربي باللغات الأجنبية، لتعريف الخارج بالثقافة العربية.‏

5 ـ تسهيل توزيع الكتاب العربي بين الأقطار العربية، وبينها وبين الخارج، ولا سيما حيث توجد الجاليات العربية.‏

6 ـ دعم وزارات الثقافة في الوطن العربي للناشر العربي على الصعيدين المادي والمعنوي.‏

7 ـ تخطيط استراتيجية عصرية عولمية للمكتبة العربية، وذلك بالمساهمة الفاعلة في إنتاج الفكر المعاصر.‏

8 ـ وضع خطة هادفة الى تنشيط المطالعة الهادفة لدى الشباب العربي.‏

9 ـ دعوة الناشرين العرب في لبنان وخارجه الى الانضمام لعضوية هذا المؤتمر السنوي، والعمل على توظيف طاقاتهم في سبيل عمل مشترك لتفعيل التوصيات المقترحة.‏

عبد الحليم حمود‏

2006-10-30