ارشيف من : 2005-2008

قرار تلو قرار ... والحبل على الجرّار!!!

قرار تلو قرار ... والحبل على الجرّار!!!

"سنعطي سوريا فترة من الزمن للقيام بذلك ( أي اقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان وترسيم الحدود). بعدها سنقرر، من خلال مشاورات مع الحكومة اللبنانية، ماذا سنفعل تالياً"، عبارة من جملة العبارات التي أدلى بها مندوب الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة جون بولتون عقب صدور القرار 1680 عن مجلس الأمن.‏

هل أعطي جون بولتون مع "درع الأرز" الذي قدمه له "الوفد الشباطي" الجنسية اللبنانية دون أن ندري... ما الذي ينوي فعله تحديداً إذا لم تستجب سوريا للقرار.... ما رقمه؟ القرار الجديد.. فذاكرتنا لم تعد تسع هذا الكم من الأرقام في غمرة القرارات التي تتحفنا بها جلالة قدرها الأمم المتحدة وسمو مجلس الأمن.‏

إذاً ماذا سيفعل بولتون تالياً؟ هل من قرار يحضّر في الكواليس؟ وهل عبارة "إن مجلس الأمن يشجع بقوة الحكومة السورية على التجاوب مع طلب الحكومة اللبنانية ترسيم الحدود .... وإقامة علاقات دبلوماسية..." التي وردت في القرار الجديد ستستبدل بعبارة "إن مجلس الأمن يفرض بالقوة على سوريا...؟" أم أن عبارة " إن مجلس الأمن يدعو جميع الدول المعنية والأطراف للتعاون مع الأمم المتحدة ولبنان لتطبيق القرار 1559" والتي قيل إن المقصود بها إيران وحزب الله، ستكون أكثر وضوحاً؟‏

تدخل ما بعده تدخل هو الذي حدث بالأمس في مجلس الأمن مع صدور القرار 1680 وهو أمر عبّر عنه مندوبا روسيا والصين اللتين امتنعتا عن التصويت. فالمندوب الروسي فيتالي شوركين انتقد رعاة القرار لتسرعهم في اعتماده من دون إعطاء وقت للمشاورات قائلاً "نتمنى الخير لدمشق وبيروت. نعتقد بأنهما على المسار الصحيح. لا بد أن يستمرا في هذا الطريق وليس من الجيد أن يكون مجلس الأمن دائما فوق كتفيهما". وأوضح شوركين أنه يرفض اتهام بولتون إيران بأن لها دوراً في ما يحدث في لبنان، بسبب علاقتها بحزب الله.‏

أما المندوب الصيني زهانغ يشان فأكد على سياسة بكين باحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها. وقال "نأمل بصدق أن يواصل لبنان وسوريا حوارهما الثنائي لكي يتم التوصل إلى حل ملائم بشكل تدريجي".‏

يعيبون على الإعلام السوري كيف ينتقد الأغلبية الحكومية ويتساءلون كيف يمكن للرئيس السنيورة أن يذهب الى دمشق والأقلام السورية لم توقف هجومها عليه؟‏

ماذا كنا سنفعل لو أن الادوار انقلبت وكان لبنان مكان سوريا، وكانت الأخيرة تحضر لنا المفاجأة تلو الأخرى من قرارات ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا. صحيح أن تلك الدول لا تؤتمر من قبل الحكومة اللبنانية ولا تنتظرها حتى تصدر قراراتها إلا أنّ الجهد الذي بذلته من تسمي نفسها "الأغلبية" من أجل استصدار هذا القرار لم يكن بالمشهد الذي رغبت دمشق أن تراه، مع العلم ان هذه القرارات ليست ثمرة جهود "الأغلبية" بقدر ماهي تطبيق لسياسات تلك الدول ونتاج صراع موازين القوى في المنطقة، والدليل أن "الأغلبية" التي ذهبت الى واشنطن ولندن لم تستطع انتزاع موقف يدعمها في طلب الانسحاب من مزارع شبعا..‏

وفي رد الفعل الاول على القرار قالت سوريا على لسان مصدر رسمي في وزارة خارجيتها إن "إصرار متبنّي مشروع القرار على تدخل مجلس الأمن خلافاً لأحكام الميثاق واتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية في مسائل هي قيد الدرس الايجابي، يشكل أداة ضغط غير مبررة واستفزازا يعقد الأمور بدل حلها"، مضيفاً أن "القرار في تناوله مسألتي العلاقات الدبلوماسية بين سوريا ولبنان وترسيم الحدود يشكل إجراء غير مسبوق في العلاقات الدولية من حيث التدخل في صلب الشؤون السيادية والعلاقات الثنائية للدول الاعضاء في الامم المتحدة". واعتبر المصدر السوري أن إدراج قضية ترسيم الحدود وإقامة علاقات دبلوماسية "مصطنع"، مشيراً إلى أن سوريا "أعلنت أن لا مانع لديها من حيث المبدأ من إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين عندما تتوفر الظروف الملائمة والمناخ المؤاتي وقد نوقش الموضوع أصلا في الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى السوري اللبناني وبصورة ايجابية".‏

القرار صدر، وهو لا يخرج عن إطار الضغوطات التي لا تزال مستمرة على سوريا وقوى الممانعة، ولكن في ظل هذا الكم من القرارات في فترة زمنية قصيرة، وفي ظل القرار الجديد 1680 الذي بلغ ذروة التدخل في الشؤون الداخلية لسوريا ولبنان، من قال إن جون بولتون وحلفاءه في مجلس الأمن لن يتحفونا مستقبلاً بقرار "يشجع الحكومة اللبنانية على إقامة العلاقات مع "الكيان الاسرائيلي" ... ومن ثم بآخر "يفرض عليها إقامة علاقات مع "اسرائيل"؟‏

"الحنفية" فتحت، وإلى أن يتوقف سيل القرارات المتدفق... وقانا الله من الغرق!!!‏

ميساء شديد‏

2006-10-30