ارشيف من : 2005-2008
سيناريوهات ما بعد عملية "نتانيا"
ربما يمكن القول أن مرحلة ما بعد عملية نتانيا التي نفذتها حركة الجهاد الإسلامي وأدت إلى مقتل أربعة إسرائيليين وجرح العشرات.. تحظى باهتمام اكبر لدى المعنيين والمراقبين، من الاهتمام بالعملية نفسها، لما يمكن أن يترتب عليها من نتائج سياسية وامنية خاصة وأنها تأتي في ظل التهدئة التي توافقت عليها الأطراف الفلسطينية... وقبيل الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وفي ظل المطالبة الإسرائيلية المتواصلة بنزع سلاح المقاومة في فلسطين.
قبل الدخول في محاولة توصيف واستشراف آفاق هذه العملية، لا بد من التأكيد على أن مسألة عودة العمليات الجهادية بمختلف آشكالها وأساليبها مسألة محسومة أمام انسداد الآفاق السياسية لأي تسوية تنسجم مع حد معين من المعايير السياسية.. وفي ظل استمرار الاعتداءات الإسرائيلية ولكن عودة هذه العمليات بالكم والنوع الذي كان عليه مرتبط بعدد من الشروط السياسية (والميدانية) التي لم تتوفر حتى الآن.
لوحظ في أعقاب عملية نتانيا أن العدو ابلغ السلطة الفلسطينية بأنه على السلطة أن تتحرك "لمعالجة" حركة الجهاد أو انه سيستهدف كوادرها وقادتها الأمر الذي يجعل الوضع في فلسطين مفتوحا أمام الخيارات التالية:
إما أن تنزلق السلطة باتجاه استهداف حركة الجهاد وتقع في الفخ الإسرائيلي الذي خطط له العدو على الدوام.. حيث أنها ليست المرة الأولى التي يطلب فيها العدو من السلطة ذلك بل سبق للقيادة السياسية والأمنية الإسرائيلية أن طالبتها بالقيام بمهمة من هذا النوع ووصل الأمر إلى حد أن رئيس جهاز الشاباك الجديد "يوفيل ديسكن" قال لوزير الخارجية الأميركية "كونداليزا رايس": "إذا كان (ابو مازن) يخاف من العمل ضد حماس فبوسعه العمل ضد منظمة اصغر، مثل الجهاد الإسلامي أو الجبهة الشعبية. يجب البدء في مكان ما..." (معاريف/بن كسبيت/20/6/2005).
ولكن على الرغم من كل ذلك من المستبعد ان تقع السلطة الفلسطينية في هذا الفخ - على الأقل في هذا التوقيت بالذات - انطلاقا من التقدير بأنها تعي ما سيؤول اليه ذلك من إضعاف للموقف الفلسطيني عامة بشقيه، الرسمي والمقاوم، وسيكشف الساحة الفلسطينية أمام ما هو اعظم على هذا الصعيد.
امام هذا الواقع من المرجح ان يرفع العدو من وتيرة استهدافاته لكوادر حركة الجهاد.. وهو ما سيدفع بالكرة إلى أحضان الطرف الفلسطيني بكل عناصره وخاصة حركة حماس حيث سيكون لموقفها الدور الحاسم في بلورة مسار الأحداث عبر اتخاذ موقف حازم برفض استفراد أي طرف فلسطيني وهو ما سيُشعر كيان العدو والولايات المتحدة بأنه في حال بادرت وواصلت إسرائيل استهدافها لكوادر حركة الجهاد سيعرض ذلك التهدئة برمتها للإلغاء وهو أمر غير مطلوب فلسطينيا وأميركيا وإسرائيليا إلى حين إتمام الانسحاب من غزة... وبالتالي للخروج من هذا المأزق لا بد من التزام جميع الأطراف - بمن فيهم الطرف الإسرائيلي لتشمل الاعتقالات والاغتيالات على حد سواء- بالتهدئة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معاني.
فهل تتجرأ إسرائيل على البدء بتنفيذ مخططها الذي أعلن عنه وزير دفاع العدو شاؤول موفاز بوضع خطة "لمعالجة حركة الجهاد الإسلامي معالجة جذرية" (معاريف/بن كسبيت/13/7/2005) وهو ما سيؤدي إلى حشر جميع الأطراف، هنا لا بد من الاشارة الى انه في حال سقوط التهدئة من المقدر ان يقدم العدو على الكثير من المجازر والاغتيالات الدموية قبل وخلال الانسحاب من غزة.
علي حيدر
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018