ارشيف من : 2005-2008

جعجع خارج السجن: رقم جديد على الساحة اللبنانية فما هو ترتيبه ؟

جعجع خارج السجن: رقم جديد على الساحة اللبنانية فما هو ترتيبه ؟

خرج قائدد القوات اللبنانية د. سمير جعجع من سجنه في وزارة الدفاع بعد تسعة أيام من إقرار مجلس النواب اللبناني قانوني عفو، الأول قضى بإطلاق سراحه وبعض مناصريه، والثاني بإطلاق موقوفي قضية الضنية ومجدل عنجر.‏

وبخروج جعجع من زنزانته بعد أحد عشر عاماً، أسدلت الستارة على مرحلة من المراحل الحافلة بالأحداث والتحولات في تاريخ لبنان، فيما يتطلع اللبنانيون إلى المرحلة المقبلة بكثير من الأمل والريبة في الوقت نفسه نتيجة الإحتدام السياسي والاختلاف في الرؤى حول بعض الثوابت .‏

وفي الوقت الذي كان مناصرو جعجع يحتفلون بإطلاق سراحه ويقيمون له مراسم استقبال في قصر الشرف في مطار بيروت الدولي، كان جزءاً آخر من اللبنانيين يتابعون هذه المراسم وهم يحاولون تجاوز ذكريات أليمة انطبعت في وجدانهم نتيجة ما خلفته الحرب الأهلية المشؤومة ويتوجسون من عودة هواجس الماضي نتيجة التغيرات التي المنطقة وتأثيراتها على الساحة اللبنانية التي تقوم على توازن دقيق بين مكونات النظام.‏

وإذ توجهت أنظار اللبنانيين إلى قاعة صالون الشرف في مطار بيروت، إلا أن اهتمامهم كان منصباً على ما سيقوله جعجع، وما هو جديد مواقفه، وما هي طروحاته الجديدة ومدى صلتها أو انفصامها عن الطروحات القديمة التي كانت ترتبط بلغة ومنطق الحرب التي كانت قائمة؟‏

عند الحادية عشرة استمع اللبنانيون لأول خطاب لجعجع، وبالطبع راقب مناصروه والمقربون منه حركاته وتعابير وجهه وانفعالاته ولهجته ليعرفوا ماذا تغير فيه؟‏

وفي المقابل انشغل الآخرون في تتبع المواقف التي أطلقها والتمحيص والتدقيق فيها علهم يجدوا إجابات شافية لبعض تساؤلاتهم ، لكن هؤلاء ما لبثوا أن أدركوا أن عليهم انتظار المزيد من الوقت أقله حتى عودته من الخارج بعد شهر تقريباً.‏

بدا جعجع عند إلقائه كلمته متماسكاً قوياً، وحاول التأثير على الحضور بنظراته، وكرر طلب أقفال الهواتف النقالة مرات عدة، وقطع كلمته عدة مرات أيضاً لشرب الماء. تميز إلقائه بالهدوء موحياً بالثقة والاعتداد بالنفس.‏

الكلمة التي ألقاها جعجع كانت بمعظمها وجدانية وتضمنت بعض المواقف السياسية ولكنها لم تخل من الغموض واحتمالها أكثر من تأويل في بعض منها لا سيما إشارته إلى "التعديات لا تزال تنهال على لبنان، اغتيالات وتصفيات وتعكيرا أمنيا في الداخل وعلى الحدود" ، ولكنه في الوقت نفسه كان واضحاً في تحميل المسؤولية من دون أن يسمي بالإسم وهو ما يمكن التوقف عنده.‏

كما لم يخف" أن بيتنا اللبناني الداخلي في حالة اختلال وعدم توازن نتيجة ال15 عاما من القهر لكننا لن نألو جهدا لمزيد من التفاهم مع حلفائنا على اعادة التأهيل اللازمة".‏

وكان لافتاً خلال شكره كل من ساهموا في إطلاق سراحه ترتيب الشكر وبدا أن الأولوية في الشكر كانت للبطريرك الماروني الكاردينال صفير، يليه رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط فرئيس تيار المستقبل النائب سعد رفيق الحريري، فأعضاء لقاء قرنة شهوان فالتيار الوطني الحر وعلى رأسه العماد ميشال عون فالمجلس النيابي برئاسته وأعضائه.‏

كما شكر مناصريه من القوات اللبنانية وزجته وأمه وأبيه وخلص بعد ذلك إلى القول " السنوات السود وراءكم، وبيض الأيام أمامكم، ولن تدفعوا ثمن استقلالكم وحريتكم ووحدتكم مرتين. إذا أردنا بناء مستقبل أفضل لأجيالنا الطالعة، علينا أن نتعاون جميعا بروح مختلفة كليا عن سنوات الحرب، ولكي نتعاون جميعا، يجب ألا ننظر إلى الآخرين معتمدين على حكم مسبق مبني على نظرتنا السابقة إليهم إبان سنوات الحرب، لأنه كان لتلك الحرب منطقها الذي لم يعد قائما أو صالحا ليومنا هذا فلننظر نحو المستقبل... ولتتضافر جهودنا... من أجل أن نزرع الأمل في نفوس شبابنا. أفضل الأيام هو الغد، فلنصنعه اليوم، اليد باليد، والكتف إلى الكتف، والقلب مع القلب، لينهض الوطن... وينبض بالحياة".‏

ما لم يقله بعد جعجع هو ما يحوز على اهتمام اللبنانيين والمتابعين، وحتى تتوضح معالم هذه المواقف والرؤى في المرحلة المقبلة، يمكن القول أن الساحة اللبنانية انضم إليها رقم جديد فكيف سيكون ترتيب هذا الرقم في المتوالية الحسابية للسياسة اللبنانية وما هي التداعيات لهذا الحضور على هذه الساحة التي يبدو أنها ستكون حبلى بالعديد من التطورات في المستقبل؟‏

سعد حمية‏

2006-10-30