ارشيف من : 2005-2008
حتى لا يتحول النصر إلى نكبة
"ان بقاء السيطرة الإسرائيلية على المعابر يحول قطاع غزة إلى سجن كبير"، توصيف دقيق للواقع ولما يمكن أن يترتب عليه من نتائج، أطلقه ويطلقه مسؤولون فلسطينيون كثر في خطاباتهم وتصريحاتهم. ولكن أن نحسن توصيف الواقع لا يعني بالضرورة أننا نحسن اتخاذ الموقف الصحيح. خاصة وقد ثبت بالتجربة أن توصيف الإجرام الإسرائيلي واعتداءاته لم يكن – في بعض الأحيان - سوى مقدمة لمواقف سياسية لم تحقق الحد الأدنى من الطموحات الفلسطينية على مستوى التحرير والاستقلال.
لذلك فإن هناك العديد من الأسئلة في هذه المرحلة وتتطلب منا أجوبة حازمة وواضحة، سواء فيما يتعلق ببعض ما تبقى من قضايا مرتبطة بقطاع غزة أو بالمرحلة المقبلة التي سيكون عنوانها الرئيسي الضفة الغربية:
- ماذا لو أصر العدو على إبقاء سيطرته أو إشرافه على معابر القطاع؟ هل سيتم الاكتفاء بمواجهته بالتصريحات المنددة وعبر اللجوء إلى استعطاف الولايات المتحدة التي لم تساهم ضغوطها ومساعيها - على فرض حصولها - إلى إزالة اصغر مستوطنة في اقل منطقة أهمية سواء على المستوى الاستراتيجي أم غير ذلك.
- ماذا لو أصر العدو على مواصلة خروقاته الجوية والبحرية تحت عنوان الضرورات الأمنية، هل سيتم الركون من جديد إلى مقولة أن موازين القوى لا تسمح بالتصدي لهذه الاعتداءات. كما لم تسمح موازين القوى من قبل باعتماد خيار المقاومة الذي أدى إلى اتخاذ العدو قراره بإخراج مستوطنيه من داخل قطاع غزة تمهيدا لاخراج جيشه.
- ماذا لو أصر العدو على عدم إطلاق سراح الأسرى – وهو يفعل ذلك – ؟ بل وماذا لو واصل اعتقالاته واغتيالاته هل سنقول ان العدو يستدرجنا وبالتالي علينا أن نكون واعين لمخططه ولا نقع في فخ الردود عليه مطلقا. ومن ثم يذهب معتقلونا إلى السجون وشهداؤنا إلى القبور ونتحول نحن إلى حكماء جراء اكتشافنا لمخطط العدو وعدم استدراجه لنا في الرد عليه؟؟!!.
- ماذا لو أصر العدو على عدم إزالة مستوطنات الضفة الغربية – وهو ما يعلنه على الدوام وخاصة فيما يتعلق - بما يعرف - بالكتل الاستيطانية الكبرى - هل سنعود ونسمع نغمة أن ما تحقق في منطقة لن يتحقق في أخرى، وفي هذه الحال فما تحقق في القطاع لا يملك قابلية التحقق على ارض الضفة – مع التفاتنا إلى خصوصية كل منطقة على حدا –. هل سنعود إلى خيار تقديم المزيد من الأثمان من اجل التفضل علينا بما لا يراه ضروريا لضمه إلى كيانه؟.
- ماذا لو أصر العدو على تجميد الوضع القائم بكل عناصره على أساس أن الكرة الآن، بعد خروجه من قطاع غزة، هي في الملعب الفلسطيني الذي عليه أن يبادر إلى خطوة متناسبة وموازية لهذه المبادرة غير المسبوقة – الخروج من داخل غزة - عبر نزع سلاح المقاومة وتفكيك فصائلها وتبقى الاوضاع تراوح مكانها فتمر الأيام وتتحول مرحلة "حل القضية الفلسطينية" على المدى الطويل إلى امر واقع.
من أجل مواجهة كل ذلك وحتى لا نجد أنفسنا أمام خيارين: إما الشلل والمراوحة واما تمزيق الشعب الفلسطيني والإجهاض على قضيتهم في صراعات داخلية. ومن أجل تجنب الوقوع في هذين الخيارين وحتى لا يتم تصوير المقاومة على انها عامل تمزيق للوحدة الوطنية الفلسطينية، وحتى لا تتحول الوحدة إلى قيد على حركة المقاومة ونقطة ضعف يستغلها من أجل تحقيق أمرين معا: الاستقرار الامني من جهة وفرض نجاح برنامجه السياسي من جهة أخرى، وبالتالي من اجل لا يتحول هذا النصر إلى نكبة أخرى للشعب الفلسطيني ينبغي تبني استراتيجية موحدة ترتكز بشكل أساسي واولا على رفض الاملاءات الإسرائيلية وعلى تبني مبدأ المقاومة ثم الانتقال بعدها للتوافق على استراتيجيتها والتكتيكات التي ينبغي اتباعها بما يحفظ الوحدة الوطنية ومواصلة عملية التحرير في آن معا.
علي حيدر
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018