ارشيف من : 2005-2008
الحركة التصحيحية الموريتانية وإستمرارالعلاقة مع الكيان الصهيوني
توفيق المديني
أكد وزير خارجية موريتانيا، أحمد ولد سيدي أحمد، على استمرار العلاقات معالكيان الصهيوني . وقال ولد سيدي أحمد «إن العلاقة مع إسرائيل بقيت كما هي وأؤكد في عبارة واحدة أن السياسة الخارجية لموريتانيا لم يتغير فيها أي شيء أبدا وبقيت كما هي».
ووصف أحمد ولد سيدي أحمد، الانقلاب العسكري الذي أطاح بنظام الرئيس ولد أحمد الطايع يوم الثالث من أغسطس (آب) الماضي بالحركة التصحيحية. ».
وكانت موريتانيا أقامت علاقات دبلوماسية كاملة مع الكيان الصهيوني في عام 1999.وشكلت زيارة وزير خارجية موريتانيا ولد عبدي إلى الكيان الصهيوني منذ بدء الإنتفاضة الفلسطينية الباسلة أول إستجابة عربية للحرب العدوانية التي يخوضها شارون ضد الشعب الفلسطيني، وأول خرق عربي لقرار وقف الإتصالات السياسية مع تل أبيب الذي اتخذته لجنة المتابعة العربية في إجتماع عملها في القاهرة. كما أن تلك الزيارة تعكس في حد ذاتها عمق التغلغل الصهيوني في قلب موريتانيا، وتكشف عن خطأ الحكم في موريتانيا الذي بلغ استفزازه لمشاعر الأمة العربية ذروة التحدي، لكنه لم يكن إلا كذلك دائماً .
وقد صدرت إنتقادات شديدة لتلك الزيارة من قبل معارضين في نواكشوط، فوصفها الناشط الإسلامي محمد جميل ولد منصور بأنه "تشريع للأعمال الهمجية وأعمال الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون كما "أثارت زيارة ولد عبدي ردود فعل سلبية في صفوف المعارضين خصوصاً" اللجان الشعبية مثل اللجنة الموريتانية ضد التسلل الصهيوني في موريتانيا « و» اللجنة الشعبية المعارضة لتطبيع العلاقات بـ"إسرائيل" ، واعتبرت "اللجان" أن زيارة الوزير الموريتاني تشكل "خيانة للقضية العربية المسلمة" وقرارات القمم والمنظمات العربية .
ورغم أن عدة أوساط عربية إنتقدت زيارة وزير خارجية موريتانيا " لإسرائيل "، باعتبارها حسب مصدر مسؤول في الجامعة العربية جاءت في توقيت غير مناسب على الإطلاق وغير مرغوب فيها عربياً، إلا أن الذين سكتوا عن خطأ الحكم في موريتانيا في بداياته يصعب عليهم أن يعترضوا على تفاقمه الآن.
فبالرغم من نأيها جغرافياً، وإبتعادها سياسياً، وصمتها إعلامياً، وتجاهلها قومياً، إلا أن موريتانيا أرادت ان تتهافت مع المتهافتين على مائدة العدو فتثبت جدارتها، لا في إنضمامها الفعال إلى الأمة العربية ولا وقوفها الصلب – ولو إعلامياً – مع الشعب الفلسطيني الذي يتعرض للمذابح والتشريد والإقتلاع ومحو الهوية والتآمر على قضيته بهدف تصفيتها كلياً، ولا في تطوير صناعتها أو تحسين زراعتها أو تنمية خدماتها، أو انتهاج سياستها على آفاق الحرية، الخ، ليس في كل ذلك، بل في تهافتها على التطبيع مع الكيان الصهيوني حصراً.
وباركت الحكومة الموريتانية إتفاق أوسلو ، مثلها في ذلك مثل باقي الدولة المغاربية الأخرى، التي أصبحت تروج لفكرة مفادها أن خط التطبيع مع العدو الصهيوني هو الخط السالك الوحيد بالنسبة للعرب. وجاءت الاتصالات الموريتانية – الصهيونية ضمن هذا السياق السياسي حيث جرى أول اتصال رسمي بين وزير الخارجية الموريتاني السابق محمد سالم ولد لكحل ونظيره الصهيوني آنذاك شمعون بيريز في 18 حزيران 1995 في مدريد، برعاية وزير الخارجية الإسباني السابق خافيير سولانا. كما التقى الوزير الموريتاني نفسه مع نائب وزير الخارجية الصهيوني السابق موسى بيلين في عمان، في الاتصال الثاني من نوعه بعد ثلاثة أسابيع من لقاء مدريد، وشارك وزير الخارجية الأردني السابق عبد الكريم الكباريتي في اللقاء الذي تم بناء على طلب الوزير الموريتاني ولد لكحل .
وما لا يُمكن فهمه فهو هذا الهوس بالكيان الصهيوني من طرق النظام الحاكم، والعكس صحيح أيضاً، الى درجة أن "هيئة مكافحة الارهاب" في مكتب آرييل شارون دعت الاسرائيليين الى الامتناع عن زيارة كل الدول العربية "باستثناء موريتانيا... تفادياً لتعرضهم إلى أي اذى"!رغم أن الزيارة الأخيرة التي قام بها سيلفان شالوم وزير خارجية الدولة العبرية الى نواكشوط في الثالث من شهر أيار الماضي ، قوبلت بمظاهرات مُنددة بدولة "اسرائيل"، داعية إلى قطع العلاقات الديبلوماسية معها.
وبدلا من أن تبادر الحركة التصحيحية الموريتانية إلى قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني إستجابة لمطلب الشعب الموريتاني المقاوم للتطبيع ، ها هو النظام القديم – الجديد ، يعلن جهارا إستمرار العلاقة مع الدولة العبرية ، بوصفها أحد المفاتيح الرئيسة للعلاقة مع واشنطن الحامي الرئيس لنظام الحكم المريتاني ، الذي لم يتغير أي شيء جوهري في طبيعته.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018