ارشيف من : 2005-2008
المعارضة التونسية تكثف احتجاجاتها قبيل انعقاد قمة المعلوماتية
توفيق المديني ـ الانتقاد.نت
تنعقد في تونس هذا الأسبوع القمة الدولية الثانية حول مجتمع المعلومات بمشاركة "إسرائيل" بينما كثفت المعارضة احتجاجاتها ضد تدهور وضع الحريات في تونس واتخذت إجراءات أمنية مشددة بعد الاعتداءات التي شهدتها عمان الأربعاء.
ويشارك في القمة المقرر عقدها بين 16 و18 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري رؤساء خمسين دولة والامين العام للأمم المتحدة كوفي انان واكثر من أحد عشر ألفا من ممثلي الحكومات والمنظمات الدولية.
وصرح يوشيو اوتسومي الأمين العام للاتحاد الدولي للاتصالات الذي ينظم هذه القمة للتلفزيون التونسي أن اللقاء "سيتيح التوصل إلى اتفاق حول الإشراف على الإنترنت والحد من الفوارق الرقمية بين الشمال والجنوب".
وأشاد اوتسومي "بالدور الذي لعبته تونس في تسهيل الاستعدادات والتوصل إلى تفاهم حول المواضيع المدرجة في جدول القمة".
وقامت تونس التي تعد من الدول الأكثر تطورا في مجال استخدام تقنيات الاتصال والمعلومات، باستعدادات لهذا اللقاء الذي سيعقد في قصر المعارض في الكرم في الضاحية الشمالية للعاصمة تحت إشراف الأمم المتحدة.
واتخذت السلطات التونسية إجراءات أمنية مشددة تحسبا لأي عمل إرهابي بعد الاعتداءات التي شهدتها العاصمة الأردنية عمان، فيما تخشى السلطات أن تشكل "قمة تونس" فرصة للمعارضين للمطالبة بتحقيق مزيد من حرية الرأي والتعبير والإبحار في شبكة الإنترنت و"مناسبة للتنديد بانتهاكات حقوق الإنسان وعرقلة عمل الجمعيات" في تونس.
و في سياق التعبير عن رفض مكونات المجتمع المدني للتطبيع مع الكيان الصهيوني ، أعلن المعلمون في تونس إضرابا عن العمل اليوم الخميس الماضي احتجاجا على زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الصهيوني سيلفان شالوم للمشاركة في قمة المعلوماتية منتصف الشهر الجاري.
وتضاربت الأرقام حول نسبة المشاركة في هذا الإضراب الذي دعت إليه نقابتا التعليم الابتدائي والثانوي اللتان تضمان حوالي 150 ألف مدرس. ففي حين ذكرت وزارة التربية التونسية أن نسبة المشاركة كانت أقل من 19%, أشارت نقابتا التعليم إلى أنها كانت فى حدود 80%.
ولم تحصل أي اشتباكات مع قوات الأمن التي لم تتدخل لمنع احتجاجات المدرسين التي قرئت خلالها رسالة مساندة من سبعة معارضين مضربين عن الطعام. وينتظر أن يرأس وزير الخارجية االصهيوني "سيلفان شالوم" وهو تونسي المولد وفد بلاده خلال القمة التي ينظمها الاتحاد الدولي للاتصالات وتدعى إليها كل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
وتجمع في العاصمة تونس مئات المدرسين في الساحة الرئيسية للاتحاد العام التونسي للشغل، وسط حضور أمني مكثف، أحاط بالساحة من مختلف جوانبها، وغلق لمختلف الطرق والأنهج المؤدية إلى مكان الاجتماع. وردد المجتمعون شعارات مثل "لا مصالح صهيونية على الأراضي التونسية" و" مقاومة.. مقاومة .. لا صلح لا مساومة"، و"صامدين صامدين في العراق وفلسطين". كما قام المجتمعون برفع لافتات كتب عليها "إضراب المعلمين: صفا واحدا ضد الصهيونية وضد التطبيع وضد قتلة أبنائنا".
وقام المجتمعون بحرق العلم الصهيوني .
وتحدث بعض زعماء النقابات في الاجتماع مؤكدين إصرارهم على رفض الخطوات، التي تقوم بها الحكومة في التطبيع مع الكيان الصهيوني ، مشددين على إجماع التونسيين، بمختلف مكوناتهم السياسية، على رفض أي خطوة تهدف إلى التطبيع مع تل أبيب. كما طالب أحد المتدخلين برفض زيارة الوفد الأمريكي بنفس الحدة، التي يتم بها رفض زيارة الوفدالصهيوني .
وقال منصف الزاهي رئيس النقابة العامة للتعليم الأساسي إن المعلمين والأساتذة يقفون ليقولوا "لا للصهيونية ولا للتطبيع". وقال "نحن لا نريد أن نعيش حتى نرى العلم الصهيوني فوق أرضنا، ونسمع النشيد الإسرائيلي ببلادنا". "وحدة المعلمين والطلاب"
وحيى الزاهي الوحدة التي خلقها الإضراب بين الأساتذة والمعلمين، وأكد أن إطارات التعليم بالبلاد تتموقع بخوضها لهذا الإضراب في الصفوف الأولى للدفاع عن الهوية والكرامة. وتساءل مستنكرا عن حقيقة الأسباب، التي تفرض على التونسيين استقبال من سماهم بـ"الصهاينة الأعداء" في تونس، و"هم الذين قتلوا أبناء هذا البلد في حمام الشط، وهم الذين اغتالوا أبو جهاد على أرضنا، بالإضافة إلى ما يفعلونه في سوريا ولبنان"، حسب قوله.
من جانبه شدد الشاذلي قاري رئيس نقابة التعليم الثانوي على أن الإضراب الذي نفذه الأساتذة والمعلمون يكرس قناعة لدى الشعب التونسي بأن "الكيان الصهيوني كيان غريب ومصطنع، زرع في قلب الأمة العربية، وأنه سبب كل المشكلات التي تعاني منها المنطقة"، مشددا على رفض الشعب التونسي الشديد للتطبيع مع دولة الاحتلال.
كما أوضح قاري أن العديد من الطلبات وجهت من قبل مختلف مكونات المجتمع التونسي إلى الحكومة، منذ الإعلان عن دعوة رئيس الوزراء الصهيوني آرائيل شارون للتراجع عن هذه الدعوة، إلا أنها رفضت الاستجابة، كما قال.
واعتبر الإضراب "بداية لوقفات أخرى ضد التطبيع"، ونبه إلى "ضرورة التحلي بكثير من الحذر والانتباه لكل الخطوات الخفية التي تسعى إلى جعل التطبيع أمرا واقعا"، كما شدد على "عدم الانخداع بما يروج له البعض من أن التطبيع سيأتي بالخير"، قائلا إن "التطبيع لن يأتي إلا بالكوارث، مثلما هو حاصل في مصر والأردن"، على حد قوله.
المعارضة التونسية و الموقف من التطبيع
مازال الموقف من القضية الفلسطينية يشكل في الذهن الجماعي التونسي حدا فاصلا بين العداء و التطبيع مع الكيان الصهيوني ، على الرغم من أننا لم نعد نشهد في تونس مظاهرات شعبية كما في السابق بمجرد حدوث صدام مسلح بين العرب و الفلسطينيين من جهة ، والصهاينة من جهة أخرى . و منذ أن تم توقيع اتفاقات اوسلوـ واشنطن القاهرة بين القيادة الصهيونية و قيادة الفلسطينية ، و تقديم المحيطين بياسر عرفات و النظام التونسي ذلك الاتفاق و كأنه النصر الحاسم و مفتاح الدولة الفلسطينية الذي كان مفقودا و تم العثور عليه ، تباينت المواقف من التطبيع مع العدو الصهيوني في صفوف المعارضة التونسية بين مؤيدين لخط التسوية ، الذين يرون في الحكم الذاتي الفلسطيني المحدود هو طريق الاستقلال ذاته الذي ارتضته السلطة الفلسطينية ، و بين معارضين لكل ذلك جملة و تفصيلا ن معتبرين ان الانخراط في الكفاح من أجل تحرير فلسطين و معاداة الكيان الصهيوني ، كان و مازال يعتبر واجبا قوميا و دينيا ، و يشكل احد المقومات و الثوابت الوطنية للشعب التونسي .
وتنقسم المعارضة التونسية إلى أربع عائلات فكرية و سياسية ، هي على النحو التالي :
1ـ المعارضة اليسارية : و هي تعتبر اقدم وجودا على الساحة السياسية التونسية ، إذ إنه تم تأسيس أول تنظيم شيوعي في تونس في أواخر 1921 بصفته جناحا تابعا للفرع الفرنسي للأممية الشيوعية .
وعلى الرغم من أن الشيوعيين التونسيين قد تصدوا للصهيونية من مواقع نظرية منذ العشرينات ، و قدموا على صفحات جريدتهم" المستقبل الاجتماعي " الناطقة باللغة الفرنسية عدة مقالات حول الصهيونية ، و طرحوا شعارات صحيحة ( عروبة فلسطين ، اعتبار الصهيونية أداة في أيدي الامبريالية الانكليزية ، انتفاء الطابع القومي عن الحركة الصهيونية ) ، إلا أن تحليلاتهم هذه كانت تنطوي على ثغرات كبيرة ، نوجزها على النحو الآتي :
ـ تفريغ صهيونية ، تيودور هرتزل من أي مضمون سياسي و تحميلها مضامين انسانية و خيرية فقط .
ـ اختزال التفاوتات الطبقية لليهود المتواجدين في أوروبا إلى برجوازية كبرى و بروليتاريا ، و عدم التعرض إلى الدور الكبير الذي لعبته الطبقة الوسطى في الحركة الصهيونية العالمية .
ـ النظر الى الحركة الصهيونية العالمية المرتبطة عضويا بالحركة الامبريالية العالمية بوصفها مجرد مستغل لقوة العرب من دون رؤية الحركة الصهيونية كممثل لمصالح البرجوازيين اليهود الكبار ، التي كانت تريد تشديد قبضة استغلالها على يهود العالم في مرحلة الامبريالية ن و التي كان لها مشروعا يتمثل في إقامة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين .
وفي سنة 1947 سقط الحزب الشيوعي التونسي في خطأ تاريخي قاتل حين ساند موقف الاتحاد السوفياتي المتعلق بقرار التقسيم لفلسطين من قبل منظمة الأمم المتحدة . و قد اعتبر الحزب الشيوعي التونسي قرار التقسيم ضربة قاصمة للامبريالية البريطانية و حلفائها العرب المنضوين تحت لواء منظمة الجامعة العربية . و يقول في تبريره لهذا الموقف :" إن الامبريالية الانكلوـ سكسونية لم تنجح في السيطرة على فلسطين و في إجهاض انعتاقها التام إلا بالتفرقة بين العرب و اليهود في فلسطين . و يضيف : ان الحزب بعد ان كان ينفي نفيا قاطعا وجود امة يهودية تماشيا مع موقف ماركس و لينين في هذه المسألة ، أصبح يرى في المجموعات التراكمية من المستوطنين الصهاينة الذين يحملون صفات بلدانهم الأصلية و مميزاتها قومية يهودية في طريق النشوء و التطور .
وتأسيسا على هذا الموقف التاريخي الخاطئ على طول الخط و الذي لم يقم الحزب الشيوعي التونسي بمراجعته ابدا ، أيد الحزب المذكور – الذي يتزعمه الآن محمد حرمل و يعتبر واحدا من الأحزاب الستة المعترف بها رسميا في تونس – اتفاق اوسلو، انطلاقا من تبني مبدأ " القبول بما يقبله الفلسطينيون " الذي يعني في الواقع السياسي العملي الوقوف دائما مع ما تقرره سياسةالسلطة الفلسطينية .
والحال هذه أيد الحزب الشيوعي التونسي عملية السلام الجارية وفق الشروط الأمريكيةـ الصهيونية ، و ساند موقف الحكومة التونسية في إقامة علاقات دبلوماسية بين تونس و الكيان الصهيوني، و بالتالي الهرولة نحو التطبيع مع العدو .
أما التجمع الاشتراكي التقدمي الذي يتزعمه المحامي أحمد نجيب الشابي ، فهو حزب معترف به رسميا و حديث النشأة ، إذ يعود تأسيسه إلى عقد الثمانينات و يسعى لتجميع الفصائل اليسارية و العروبية في إطار حزب قومي واحد يتبنى الاشتراكية الديمقراطية ، و إن كان قد فشل في مهمته هذه, يعتبر هذا الحزب ذو الجذور القومية البعثية و التوجهات الاشتراكية الديمقراطية ان عملية التطبيع ، أو عملية التسليم بحق الصهاينة في اغتصاب أرض فلسطين ، و إقامة سلام غير عادل مع العرب ، يخدم بالكامل مصالح الكيان الصهيوني .
ولا شك أن هذا الحزب يرفض عملية السلام الجارية الآن ، و يقول أمينه العام الشابي : بأن حزبه يتميز عن بقية الأحزاب و عن الرأي العام بأنه يصيح بالموقف المعارض لعملية التطبيع سواء في العلاقات العربية "الاسرائيلية" بشكل عام ، او موقف الحكومة التونسية إزاء عملية التطبيع . و قد عبرنا عن كل هذه المواقف عن رفضنا لعملية التطبيع باعتبارها وليد ظرف غير موات للعرب ، و نحن نعتقد بأن ما لا يقوم على العدل هو زائل بزوال ظروفه .
وينبع هذا الموقف الرافض للتطبيع ، من الرؤية الايديولوجية القومية العربية المترسخة في اوساط هذا الحزب الصغير ، و انطلاقا من اختلافه التاريخي منذ نشأته مع الشيوعية التقليدية التي يتبناها الحزب الشيوعي التونسي .
حزب العمال الشيوعي التونسي ينحدر من بقايا المجموعات اليسارية التي نشأت في نهاية الستينات ، و عرفت انقسامات حادة في عقد السبعينات بسبب ولاءتها الخارجية للمدارس الفكرية الشيوعية العالمية بين موسكو و بكين و تيرانا ، و لذلك بسبب الموقف من المسألة الاجتماعية . و يعتبر هذا الحزب الماركسي اللينيني الذي يتزعمه حمه الهمامي متفردا في رؤيته ازاء قضية فلسطين ، فهو على الرغم من أنه يجسد الخط الستاليني على صعيد نمط تفكيره الايديولوجي ، إلا انه يرفض و باطلاقية الاعتراف بشرعنة اغتصاب الكيان الصهيوني لفلسطين ، و يدعو في الوقت عينه إلى تحرير فلسطين . و هو حزب غير معترف به رسميا . و قد أصدر هذا الحزب بيانا ادان فيه خيار التطبيع و قرار فتح مكتب اتصال لرعاية مصالح العدو الصهيوني بتونس ، حيث جاء في البيان الموقع في شباط 1996 ، ما يلي " إن حزب العمال الشيوعي التونسي اعتبر و مازال يؤكد بان الهرولة التي لجات إليها الأنظمة المنخرطة في مشروع تصفية القضية الفلسطينية و على رأسها النظام التونسي ، ما هي الا تنفيذ لخطة امبريالية صهيونية ترمي إلى التخلص من القضية الفلسطينية و قبرها و السيطرة كليا على الوطن العربي ، ذلك ان التطبيع هو حجر الزاوية في الترتيبات الأمريكية الجديدة في كامل المنطقة العربية ، لأنه يكرس استسلاما تاريخيا للاستعمار الصهيوني على جميع الواجهات .
أما حركة الوحدة الشعبية التي يتزعمها أحمد بن صالح ، و الذي ينحدر من الحزب الحاكم باعتباره قائدا للتجربة الاشتراكية الدستورية في تونس خلال عقد الستينات ؟، فتعتبر حركة قومية عروبية و اشتراكية ديمقراطية في الوقت عينه ، و تربط بين العروبة و الاسلام ، و تعمل من أجل الوحدة العربية . و الحال هذه ، فهي حركة غير معترف بها رسميا و لديها موقف معاد للتطبيع مع العدو الصهيوني .
2ـ المعارضة القومية : على الرغم من اختلاف مرجعياتها الايديولوجية ، الناصرية و البعث ، و توزعها على مجموعات صغيرة ، إلا أن موقفها من التطبيع ثابت و لم يتغير ذلك ان هذه المعارضة تعتبر القضية الفلسطينية قضية عربية مركزية ، و لا تعترف بوجود الكيان الصهيوني الاستيطاني على أرض فلسطين ،و تدعو إلى انتهاج سياسة التحرير ، و هي ضد عملية السلام الجارية . و أبرز قسمات هذه المعارضة :
ـ مجموعة المحامي البشير الصيد (اتجاه ناصري ).
ـ حركة الطليعية العربية التي يتزعمها المحامي عبد الرحمن الهاني ، (اتجاه ناصري).
ـ العصمتيون و هم مجموعة صغيرة تنتسب للمفكر المصري الراحل عمت سيف الدولة .
ـ جبهة تحرير تونس ، و من أبرز رموزها المرحوم ابراهيم طوبال ، و هي من بقايا المعارضة اليوسفية التي تأثرت بموجة القومية العربية في الخمسينات .
ـ البعث العراقي ، بالإضافة إلى وجود رموز قومية مستقلة عديدة .
ويعتبر نشاط هذه المجموعة محظورا ,و لذا فهي لا تصدر نشرات علنية تعبر من خلالها عن مواقفها السياسية من الأحداث الجارية .
غير انه يوجد حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي الذي كان يتزعمه عبد الرحمن التليلي( و هو ىلآن في السجن) ـ و يتولى قيادة الحزب الآن أحمد الإينوبلي بدلا منه ـ و يضم العناصر القومية الموالية للحكم التونسي ، ويتبنى بالكامل سياسة السلطة التونسية فيما يتعلق بالاعتراف بالكيان الصهيوني و التطبيع معه . و هذا الحزب المعترف به رسميا ، اوجدته السلطات التونسية ، لمنع تبلور و وجود حزب قومي راديكالي في تونس و لشق صفوف القوميين .
3ـ المعارضة الليبرالية : وتتكون من الأحزاب السياسية التي ولدت نتاج عمليات متتالية من الانشقاقات داخل الحزب الحاكم و من أبرز هذه الأحزاب ن حركة الديمقراطيين الاشتراكيين ، التي كان يتزعمها الدكتور محمد مواعدة قبل أن يصدر حكما بسجنه لمدة 11 عاما ، و التي لها 10 مقاعد في البرلمان التونسي ,و حزب الوحدة الشعبية التي يتزعمها محمد بو شيحة ، و الحزب الاجتماعي للتقدم ، الذي يتزعمه منير الباجي ، و هو من دعاة الليبرالية الاقتصادية المطلقة .
هذه الأحزاب الثلاثة معترف بها رسميا, وتتبنى مواقف السلطات التونسية في كل مرتكزات سياستها الخارجية ن و إزاء القضية الفلسطينية . والحال هذه تتبنى مواقف و سياسة عرفات منذ بدء مسار عملية السلام باعتبارها المرجعية الفلسطينية الوحيدة التي تتبناها عموما القوى السياسية المغاربية ، وبوجه خاص المعارضة الرسمية المعترف بها .
ويشذ عن هذه المعارضة الليبرالية الحزب الحر الدستوري التونسي الذي يعتبر الحزب التاريخي ن الذي انبثق عنه الحزب الحاكم ، و الذي يعتبر استمرارا لخط القائد العروبي و الاسلامي التونسي عبد العزيز الثعالبي . و قد أصدر هذا الحزب عدة بيانات خلال هذا السنوات الماضية أدان فيها بشدة سياسة الحكم التونسي الذي فتح سفارة "لإسرائيل" في تونس ، و استضاف مؤتمر قساوسة شمال افريقيا الذي أشرف عليه البابا شخصيا و أباح تونس لآلاف من الصهاينة الذين اجتاحوا في يوم الاحتفال لما يسمى مهرجان الغربية بمدينة جربة ، حيث أقيم لهذا الغرض جسر جوي بين تونس و تل أبيب نقل أكثر من 2000 إسرائيلي من فلسطين المحتلة ، كما أقر تنظيم رحلات شرتار لنقل 3000 من يهود الشتات من مختلف أصقاع العالم .
ويرفض هذا الحزب رفضا صارما التطبيع مع الكيان الصهيوني .
4ـ المعارضة الإسلامية : و تتكون أساسا من حركة النهضة التي يتزعمها الشيخ راشد الغنوشي ، و تعتبر أكبر حركة معارضة جدية للحكم التونسي نظرا لثقلها السياسي و الشعبي ، و وزنها على صعيد العالم الإسلامي ، و مجموعة صغيرة من حزب التحرير ، و مجموعة صغيرة من جماعة التبليغ ، و جبهة الإنقاذ الإسلامية التونسية ، و هي مجموعة ظهرت تأثرا بالجبهة الإسلامية للانقاذ الجزائرية .
تشكل حركة النهضة طرفا سياسيا مهما على الساحة التونسية ، كان يوازن بقوته قوة الدولة التونسية في عقد الثمانينات و بداية التسعينات ، قبل أن يتم ضرب بنيتها التنظيمية و الشعبية في تونس . و تتميز حركة النهضة التونسية عن سائر الحركات الإسلامية العربية و الإسلامية ، أنها تجسد خطا إسلاميا مستنيرا ، يحاول أن يجسد قطيعة مع الإيديولوجيا التقليدية و المنهج التقليدي . و على الصعيد السياسي تعتبر القضية الفلسطينية حقا للأمة لا يجوز التنازل عنه ، و تدعو إلى السعي لتحريرها و رفض الحلول غير العادلة ، و التهافت على التطبيع مع الكيان الصهيوني ، مهما كانت المبررات و المنافع . و هي بذلك تسير على خطى الحركات الإسلامية الجهادية في العالم العربي التي تقاوم الآن الكيان الصهيوني و العربدة الأمريكية .
و ينبع هذا الموقف الأصيل لحركة النهضة إزاء قضية فلسطين و التطبيع ن من قراءتها الصحيحة لدور الإسلام التاريخي في تحرير فلسطين ، و استعادة كامل الحقوق المغتصبة .
و قد عبرت حركة النهضة عن معارضتها لتصفية القضية الفلسطينية ، و فرض التطبيع على الشعب التونسي بالقوة و القسر ، إذ تعتبر أن ما قام به الحكومة التونسية لا يمثل الشعب التونسي و قواه الحية الرافضة للاستسلام ، و إن هذه الخطوة من التقارب بين الحكم التونسي و الكيان الصهيوني تشكل مساندة صريحة و متبادلة لإرهاب الدولة الذي تمارسه " إسرائيل " في فلسطين و لبنان.
وحركة النهضة التي تتناقض مع سياسات الحكومة التونسية و خياراتها ، تطالب بإغلاق المكتب الصهيوني و قطع العلاقات الدبلوماسية مع الصهاينة ، و تدعو الشعب التونسي و قواه الحية إلى التمسك بالثوابت الإسلامية و الوطنية ، و معارضة سياسة التراجع و التنازلات للعدو الصهيوني ، و تؤكد أهمية الموقف العربي و الإسلامي المتضامن في التعامل مع الغطرسة الصهيونية ، و مواجهة سياسات الهيمنة و التمييز التي يمارسها التحالف الأميركيـ الصهيوني ضد العرب و المسلمين .
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018