ارشيف من : 2005-2008

تعدد الزوجات.. والعائلة المثالية الفرنسية!

تعدد الزوجات.. والعائلة المثالية الفرنسية!

بين ما يتردد عن كون السبب الفلاني أو السبب الآخر هو الذي يقف وراء الأحداث الأخيرة في فرنسا، توقفت عند "اكتشاف" توصل إليه مسؤولون بارزون في حزب الرئيس الفرنسي جاك شيراك وهو أن "تعدد الزوجات من أحد العوامل التي ساهمت في إشعال "أعمال الشغب"، فأطفال هذه الأسر يفتقدون رمز الأب"!!!‏

من المعروف أن مسألة "تعدد الزوجات" التي سمح بها الإسلام هي من ضمن النصوص الموجودة في القرآن الكريم وبعيداً عن الجدل الذي يمكن أن ينشأ حول هذه المسألة أو النقاش في شروطها وما إلى ذلك، فإن خلاصة ما ألمح اليه هؤلاء المسؤولون هو أن سبب ما أسموه "أعمال الشغب" له بعد عائلي اجتماعي مرتبط بمسألة دينية إسلامية.‏

إذاً هناك خلل في بنية العائلة سببه تعدد الزوجات.‏

إزاء هذا "الاكتشاف" العظيم الذي توصل إليه البعض لا بد وأن نورد بعض المعطيات والأرقام عن البيئة‏

الاجتماعية والعائلية التي يعيش وسطها الطفل الغربي والفرنسي تحديداً.‏

1ـ 10% من الازواج (ما يقارب المليون زوج) في فرنسا يعيشون حياة مشتركة على أساس العلاقات المفتوحة، ومن دون زواج رسمي. تتزايد هذه النسبة الى ما فوق 50% في باريس والمدن الكبرى.‏

2 ـ منذ عام 1995 يسير الطلاق في بلدان أوروبا في خط بياني تصاعدي.‏

3ـ ارتفاع أعداد الأطفال غير الشرعيين: في فرنسا ارتفع معدل وجود هؤلاء الاولاد بين 1982 و1986 الى 50%.‏

4- تواجه أغلب البلدان الأوروبية في الوقت الحاضر تجربة تزايد عدد الأفراد الذين يعيشون حياة مجردة،‏

وبخاصة في اوساط الشباب.‏

فالمعطيات الدراسية تشير الى وجود 27% من الرجال ما بين 30 و34 سنة، و26% من النساء من المنتميات للمعدل العمري نفسه، يعيشون منفردين في مواجهة الاسرة.‏

وما يُلحظ، في اطار هذه الظاهرة، وجود نساء ورجال لا يعيشون حياة مشتركة، بل يقيم كل واحد منهم في بيته الخاص، لكنه يبادر إلى تخصيص جزء من دخله يضعه في صندوق مشترك، بحيث اذا ما صار "صاحب" طفل يستطيع ان يفي بمتطلبات الالتزام المالي الجديد الناشئ عن ظهور الطفل في حياته.‏

هكذا هي العائلة في المجتمع الفرنسي والغربي، نموذج ربما وجب الاحتذاء به، اذا ما أردنا أن نأخذ كلام مسؤولي اليمين المعتدل بعين الاعتبار. نموذج لا يفتقد فيه الأطفال لرمز الأب.. نموذج هو أقرب ما يكون الى نموذج العائلة المثالية!‏

نموذج لا يولد فيه إلا الأطفال البعيدون كل البعد عن ما هو "أعمال شغب" و"مافيات" و"عصابات"!‏

أطفال يحملون كل القيم والمبادئ الاجتماعية المثالية!!!‏

إزاء هذا، نقول ربما وجب البحث أكثر عن السبب الحقيقي لما يحدث في فرنسا، وهو إن لم يكن موجوداً في عمق السياسة الفرنسية "اللامبالية" تجاه المهاجرين كما يصر البعض على ذلك، فإنه بالتأكيد لن يكون في أي من مبادئ وقيم المجتمع الاسلامي والعربي.‏

ميساء شديد‏

2006-10-30