ارشيف من : 2005-2008

ربط "معاليه أدوميم" بالقدس: قطع الطريق على الدولة الفلسطينية الموحدة

ربط "معاليه أدوميم" بالقدس: قطع الطريق على الدولة الفلسطينية الموحدة

فيما اتجهت أنظار العالم نحو الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة والانتصار الذي حققه الشعب الفلسطيني بفضل مقاومته وصموده، كان العدو الإسرائيلي يحاول تعويض خسارته في غزة من خلال الإمعان في خطته لتهويد القدس وتمسكه بالسيطرة عليها وعلى أحياء الحوض المقدس مما يعني تعديل الميزان الديمغرافي في القدس الشرقية لمصلحة الوجود الاستيطاني الحالي.‏‏‏‏

ففي خطوة متوقعة من قبل العدو الإسرائيلي الذي لا يتحمل الخسارة والهزيمة، أصدر الكيان الصهيوني تعليمات بالاستيلاء على أراض فلسطينية قريبة من مستوطنة "معاليه أدوميم" لاستخدامها في مواصلة بناء جدار الفصل العنصري، الأمر الذي سيقسم الضفة الغربية إلى كانتونين ويفصل شمالها عن جنوبها، كما لن تكون هناك إمكانية لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة عاصمتها القدس الشريف. وفور الشروع بهذه العملية توالت ردود الفعل المنددة بقرار سلطات الاحتلال محذرة من أن يكون هذا الاجراء ثمناً لعملية الانسحاب احادية الجانب من قطاع غزة، مشيرة إلى أن هذا الاجراء يعني خلق وقائع جديدة على الأرض ويندرج في اطار مساعي "إسرائيل" الرامية إلى وضع اليد على جميع أراضي المدينة وطرد عشرات الآلاف من المقدسيين الى المناطق الواقعة خارج الجدار، وبالتالي حرمانهم من المُواطنة المقدسية. وحسب مصادر اسرائيلية فإن مساحة الاراضي التي سيضمها مسار الجدار في "معاليه أدوميم" تبلغ 67 ألف دونم، في حين سيحتل الجدار نفسه مساحة 1585 دونماً.‏‏‏

ويتوغل هذا الجدار إلى عمق 14 كيلومتراً شرق القدس، أي إلى منتصف المسافة وصولاً إلى البحر الميت.‏‏‏

وأوضحت مصادر فلسطينية ، أن الأراضي التي ستبقى في الجانب الإسرائيلي من الجدار هي أراض للرعْي وهي مزروعة بأشجار الزيتون وفيها ما لا يقل عن 250 بئر مياه وحوض مياه .‏‏‏‏

وتندرج هذه الخطوة في إطار ما يعرف بالخطة A-1 التي في إطارها سيقام حي جديد يخلق اتصالاً استيطانياً بين القدس ومستوطنة "معاليه ادوميم"، الأمر الذي يهدد بسد ممر فلسطيني بين أجزاء الضفة وتقسيمها والحؤول دون "تواصل جغرافي" للدولة الفلسطينية التي ستنشأ، وهذا ما أراده رئيس وزراء العدو ذات مرة من خلال إعطاء الفلسطينيين أجزاء بلا صلة تربط بينها.‏‏‏‏

وقد دأب الكيان الصهيوني على تطوير وزيادة حجم المستوطنات القائمة في ممر القدس، وهذه المستوطنات تعززت وتطورت بشكل مذهل وبوتيرة سريعة فأقيمت المستوطنات داخل الخط الأخضر وخارجه بدءاً من شمال غرب القدس (كتلة جبعات زئيف، وجنوب غرب القدس كتلة كفار عتصيون) حتى وصلت إلى الجنوب الشرقي (كتلة تقواع) وتم وصلها بالشوارع الإقليمية ومشاريع النجوم التي أقيمت في منطقة اللطرون. إلا أن هذا التواصل غير مكتمل لوجود فراغات جغرافية كبيرة بين هذه الكتل. وعلى الرغم من أن "إسرائيل" تحاول أن تحول هذه المدينة من مدينة هامشية إلى مدينة في قلب الدولة بفضل موقعها الجغرافي ودورها الاستراتيجي، إلا إنها وبعد 35 عاماً من الاحتلال فشلت في ذلك بالرغم من إقامة كتل استيطانية وصلت شرقاً حتى مشارف الغور وشمالاً حتى مشارف رام الله، لأن هنالك جهوداً جبارة من الجانب الفلسطيني لوقف كل محاولة للتفكير بالتوسع الإسرائيلي شرقاً من اجل إغلاق القدس من الناحية الشرقية وذلك بإقامة تواصل جغرافي يمتد من شمال شرق القدس حتى منطقة بيت لحم (جبع، حزما، عناتا، الزعيم، العيزرية أبو ديس، صور باهر).‏‏‏

وفي محاولة محمومة، قامت إسرائيل بإقامة حي (جبعات هماتوس) في منطقة بيت صفافا، بهدف قطع التواصل الجغرافي بين الكتل العربية في القدس وبيت لحم، وجبل أبو غنيم في الجزء الجنوبي الشرقي من المدينة. وخوفاً من بقاء المدينة مدينة هامشية، وللتغلب على المخطط الفلسطيني في إرجاع المدينة مدينة أطراف، بدأت "إسرائيل" في طرح فكرة عزل القدس من أجل تحقيق مجموعة كبيرة من الأهداف الاستراتيجية:‏‏‏‏

1- الطرح الديمغرافي وحسمه للصالح الإسرائيلي، بعد أن تم الحسم الجغرافي.‏‏‏‏

2- منع إقامة تواصل جغرافي عربي داخل حدود بلدية القدس الحالية، بإقامة كتل استيطانية داخل الأحياء العربية (راس العمود، جبل الزيتون، جبل المكبر، وادي الجوز، الشيخ جراح). وإقامة شارع الطوق الذي يحدد الحدود الشرقية للمدينة وينقل المعركة من داخلها إلى حدودها.‏‏‏‏

3- وصل المستوطنات الواقعة خارج حدود نفوذ البلدية بالمدينة وبالتالي تحويل هذه المستوطنات إلى غلاف خارج يحمي المدينة ويمنع التواصل العربي للقرى العربية، وسيخلق التواصل الاستيطاني حزاماً أمنيا للقدس من الشرق.‏‏‏‏

4- منع التطور العربي للقرى بعد إقامة الجدار الأمني وبالتالي حدوث فراغ سكاني وجغرافي يحمي المدينة من الناحية الشرقية، نتيجة هجرة عربية من هذه القرى باتجاه مناطق أخرى.‏‏‏‏

5- ضم مساحات كبيرة من الأراضي خارج حدود نفوذ بلدية القدس مع اقل عدد من السكان كما حدث في منطقة جنوب شرق القدس (صور باهر، بيت ساحور، بيت لحم)، رغبةً في ملء الفراغ بالبؤر الاستيطانية.‏‏‏‏

6- تم إخراج ما يزيد عن 25 ألف فلسطيني بهذا الجدار الأمني بالرغم من أن هذه المناطق تقع تحت نفوذ بلدية القدس التي تم توسيعها بعد عام 1967. (مناطق شمال القدس، قلنديا، أم الشرايط، كفر عقب، سميرا ميس).‏‏‏‏

ومن جملة هذه الأهداف ما يتم الحديث عنه اليوم عن ضم أحياء "معاليه ادوميم" وجميع المستوطنات الواقعة اليوم خارج بلدية القدس إليها، وبالتالي رسم حدود كامب ديفيد حول القدس وإعادة خلخلة التوازن الديمغرافي لصالح الإسرائيليين بعد أن تبين بالدراسات الحديثة أن العرب أصبحوا يشكلون 35% من المجموع العام للسكان في القدس الموحدة.‏‏‏‏

وفي نظرة شاملة، يبدو الانسحاب الأحادي الجانب من قطاع غزة وكأنه سيذهب في مهب الريح مع ما يواجهه اليوم الفلسطينيون اليوم من تحد أكبر يهدد بشكل مباشر إمكانية إقامة دولتهم الموحدة وعاصمتها القدس الشريف.‏‏‏‏

تقرير من إعداد ميساء شديد‏‏‏

2006-10-30