ارشيف من : 2005-2008

المفكر والكاتب السويدي جان ميردال يتحدث لـ"الانتقاد":حرب الغرب على المسلمين هدفها الهيمنة وليس نشر الديموقراطية

المفكر والكاتب السويدي جان ميردال يتحدث لـ"الانتقاد":حرب الغرب على المسلمين هدفها الهيمنة وليس نشر الديموقراطية

‏‏

استوكهولم ـ خاص بـ"الانتقاد"
في ظل الغرق في الجزئيات والضياع في التفاصيل يأتي الحديث المتعمق مع مفكر‏‏

وباحث وخبير دولي من مستوى جان ميردال ليعود بالبحث إلى مساره الأصلي، مسار الحرب‏‏

بين الشعوب ومغتصبيها، وذلك انطلاقاً من معطيات استراتيجية يعرف ميردال، ابن‏‏

الثمانين عاماً والذي زار عشرات من البلدان وألّف ثمانين كتاباً، كيف يمكن تركيبها‏‏

على المسار التاريخي للأحداث في منطقتنا والعالم.
‏‏

ليس ميردال باحثاً ومفكراً كونياً وحسب، وإنما هو من نوع خاص من أولئك المفكرين، إذ‏‏

هو اختار أن ينحاز إلى قضايا الشعوب بدل أن يكون في صف الحكام والمتسلطين في بلده‏‏

السويد وفي أنحاء العالم.
‏‏

ومنذ أن "لوّن بالأحمر" قبل أن يبلغ العشرين من العمر، والحرب العالمية الثانية‏‏

كانت لا تزال مستعرة، وحتى أيامه الحاضرة، ستون عاماً قضاها ميردال يدرس ويبحث‏‏

ويستقرئ الأحداث التي شهدها العلم، ليصل إلى خلاصات وضعها في كتبه التي ترجمت إلى‏‏

عشرات اللغات، وأعيد طبعها عشرات المرات.
‏‏

وها هو المفكر الكبير ابن الشخصين اللامعين الحاصلين على جائزتي نوبل (أبوه جائزة‏‏

نوبل في علم الاقتصاد، وأمه جائزة نوبل للسلام) يقرأ بعض خلاصاته في المقابلة التي‏‏

خص بها صحيفة "الانتقاد"، والتي عمل بعض أصدقاء الجريدة في السويد ـ مشكورين ـ على‏‏

إجرائها وترجمتها من السويدية إلى الإنكليزية.
‏‏

يشرفنا أن نمنح قراء جريدة الانتقاد هذه المقابلة الحصرية مع جان ميردال، حيث‏‏

سيتحدث عن المسائل الراهنة المهمة مثل المسألة الفلسطينية، المؤامرات الامبريالية‏‏

ضد الشرق الأوسط وضد العالم الإسلامي، والمطلوب عمله لمقاومة هذه الاستراتيجيات.
ـ أهلا بكم سيد جان ميردال، وشكرا على هذه المقابلة مع الانتقاد.
‏‏

* يسرني اغتنام هذه الفرصة للتحدث والتعبير عن آرائي حول الأسئلة العامة المتعلقة‏‏

بالجمهور المسلم المناهض للامبريالية. أنا لست مسلما، ولهذا من المهم إيضاح ذلك من‏‏

البداية لأن هناك بروباغاندا امبريالية قوية تقول بوجود ثغرة لا يمكن ردمها بين‏‏

أشخاص مثلي والمسلمين. وأنا أقول ان الأمر ليس كذلك.
‏‏

سأحاول من خلال هذا الحديث متابعة ما حاولت دائما قوله أثناء المؤتمرات المختلفة في‏‏

ستوكهولم، باريس، إسطنبول، والأردن: ان الصراعات الدائرة ليست صداماً بين الحضارات‏‏

او حرباً بين الثقافات.
‏‏

سأكون أكثر توضيحا. أثناء عقد جلسة في إسطنبول حول الحرب على العراق، تم اعتبار بوش‏‏

وبلير مذنبين بجرائم شبيهة بتلك الجرائم التي تمت إدانتها في محاكمات نوريمبيوغ ضد‏‏

الرؤساء النازيين. هذان الرئيسان السياسيان يتحدثان دائما عن معتقداتهم ومفاهيمهم‏‏

العليا؛ بوش كما يقال مسيحي مولود من جديد، ويقال ان بلير صلى قبل اتخاذه قرار‏‏

الحرب. ولكن أفعالهما لا تعبر عن الإيمان المسيحي. هما ليسا سوى منافقين.
‏‏

حربهما ليست حربا مسيحية دينية ضد الإسلام. لقد كانت جدتي المتوفية مسيحية مخلصة.‏‏

هناك الملايين مثلها في بلادنا. هؤلاء المسيحيون المؤمنون ليسوا أعداءً لبلادكم‏‏

وشعوبكم، وليسوا الأشخاص الذين شنوا الحرب.‏

لدى بوش وبلير وأمثالهما "أجاندا" بسيطة جدا. صراعهم يهدف الى المحافظة على‏‏

الاستعلاء، السيطرة الاقتصادية، وتأمين المصادر الطبيعية، خصوصا النفط المتوافر في‏‏

بلادكم.
‏‏

وفي هذا الخصوص، الحالة الراهنة لا تختلف كثيرا عن العصور السابقة التي سادت خلال‏‏

القرنين التاسع عشر والعشرين. كما نحن في بلادنا، أنتم في بلادكم يجب عليكم رؤية‏‏

تلك الحقيقة بوضوح، كوضوح الشمس. لا يجب ان ندع أنفسنا تُخدع بالحديث وكأن سياسات‏‏

بوش تم إقرارها من خلال اهتمامه بـ"حقوق الإنسان" أو "الديمقراطية" أو معتقداته‏‏

الدينية المسيحية. ولأن المسألة ليست كذلك؛ لهذا هي تتعلق بالنفط والقوة، الاقتصاد‏‏

والقوة العسكرية. (شركة) هاليبيرتون كما تعلمون جميعا تجني أرباحا ضخمة جدا من هذه‏‏

الحرب على العراق.يجب زرع ذلك المفهوم بوضوح في العقل. دعوني أذكركم أن تشيني، نائب رئيس الولايات‏‏

المتحدة الحالي (ورئيس هاليبيرتون السابق)، قام في أيار/مايو 2000 بتقديم تقرير حول‏‏

أمن النفط في الولايات المتحدة. وبحسب ادعاء تشيني، سوف ينخفض الانتاج الداخلي من‏‏

8.5 مليون برميل يوميا في ذلك العام الى 7 ملايين برميل يوميا في عام 2020، ولكن في‏‏

نفس الوقت سوف يرتفع مستوى الاستهلاك من 19.5 برميل يوميا الى 22.5 مليون برميل.‏‏


لذا وجب وضع مسألة تأمين هذه المصادر من الطاقة على رأس أولويات السياسة الخارجية‏‏

للولايات المتحدة. كلنا يعلم ـ وكما أنتم خبرتم بأنفسكم ـ كيف تم تطبيق هذه‏‏

السياسات. اذا قمتم بوضع علامات، على خارطة العالم، على الخمسمئة والسبعين قاعدة‏‏

عسكرية للولايات المتحدة سوف تجدون كيف تم تجميعها حول خزانات النفط الاحتياطية‏‏

وخطوط أنابيب الضخ في ارجاء العالم. وبالطبع، حاول رؤساء الولايات المتحدة المفترسة‏‏

التعتيم على الموضوع. وبما أن البلاد الإسلامية في الشرق الأوسط غنية بالنفط، فهم‏‏

يحاولون إخفاء صراعهم على النفط من خلال حملتهم ضد الإسلام او "حرب بين الثقافات"‏‏

("حملة صليبية"، كما قال بوش او "نشر الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان" كما وصفها‏‏

بلير).
‏ هذه الحملة ضد الإسلام كديانة والمسلمين كمؤمنين هي حملة حقيقية. فهي تضفي ألوانا‏‏

على الاعلام الضخم والأحاديث السياسية في بلادنا. وهي تستخدم في السياسات الداخلية‏‏

ضد الأقليات في بلادنا في أوروبا (مثلا، أبناء الضواحي في فرنسا). لهذا يتوجب علينا‏‏

أن نظهر من خلال المقالات، المحادثات، والمؤتمرات، ان هذه الإيديولوجية او النظرية‏‏

مزيفة.
‏‏

لنعد الى الوراء. لو رجعنا الى كتب التاريخ، سوف نقرأ عن حروب الديانات في أوروبا‏‏

في القرنين السادس عشر والسابع عشر. صحيح أنه كان هناك الكثير من الأحاديث عن‏‏

الدين. لذلك نجد مثلا من خلال الدعاية ان الملك السويدي غوستافوس ادولفاس، البطل‏‏

البروتستنتي العظيم، أتى من الشمال ودخل ألمانيا في سبيل الدين. ولكن، هل فعل ذلك‏‏

حقا؟ هو يدّعي ذلك، كما أنه كان يعتنق المذهب البروتستنتي وحارب ضد جنرالات‏‏

الكاثوليك، ولكنه فعل ذلك بدعم من الكاردينال ريتشيليو (الكاثوليكي) في فرنسا.‏‏

استخدم ذلك الكاردينال الملك السويدي البروتستنتي في صراعه مع الإمبراطور الألماني‏‏

الكاثوليكي في فيينا. الحقيقة خلف ذلك المظهر الخادع للحرب الدينية تكمن في كونها‏‏

مرحلة جديدة من الصراع على القوة والسيطرة في أوروبا!

أنا أقول ذلك لأنه يجب علينا توضيح حقيقة تقول إنه لم تكن حرب المسيحيين (مثل‏‏

الملايين في أوروبا ـ وأجزاء أخرى من العالم ـ الذين هم مسيحيون مؤمنون مثلما كانت‏‏

جدتي)، ولكنها كانت حرب القوى الامبريالية التي من خلال اهتماماتها الأنانية استغلت‏‏

الاديولوجيات المختلفة. هم يسمونها "حقوق الإنسان"، ويستطيعون التحدث ـ مثل اليمين‏‏

الديني المتطرف في الولايات المتحدة ـ حول ديانتهم، ولكن في الحقيقة هي مسألة‏‏

الربح، السيطرة، والمصادر الطبيعية.
‏‏

هذا يعني ان عامة الناس في الغرب لديهم في الحقيقة نفس الرغبة حيال السلام وتبادل‏‏

الاحترام، وليس حرب السلب كتلك الحروب الجارية في بلادكم. الأمر يعود إلينا ككتّاب‏‏

ومفكرين لتوضيح هذا الموضوع والعمل ضد الوعي الزائف.
‏‏

دعوني أضرب مثلاً آخر لتوضيح ذلك. نسبة السكان في السويد هي صغيرة، ولكن بلادنا‏‏

تملك 15% من مصادر اليورانيوم في العالم. ولقد قررنا عدم استخدام ذلك سياسياً. حتى‏‏

أن الولايات المتحدة قامت مرة بالضغط علينا كثيراً حتى لا نقوم بتطوير ـ في ذلك‏‏

الوقت المليء بالاهتمامات العلمية ـ برنامجنا الخاص بالتكنولوجيا الذرية، وأننا يجب‏‏

ان نعتمد عليها. كما قلت في عام 1964: لو حاولت السويد ان تنحى منحى استقلاليا في‏‏

هذا الأمر لاتّحدت الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية على ضربنا بالقنابل!
‏‏

ولكن في مرحلة معينة، سوف تحاول الولايات المتحدة ـ عندما تنخفض مصادر الطاقة وتبقى‏‏

حاجتها لهذه الطاقة عالية ـ وضع اليد على هذه المخزونات السويدية من اليورانيوم.‏‏


هذا الأمر متوقع حاليا بالرغم من الاعتراضات الحالية.
‏‏

اذا لم نسمح للولايات المتحدة باستخدام مصادرنا الطبيعية من أجل مصالحها وأرباحها‏‏

الخاصة وحاولنا التمسك بحقنا في الاستقلال بدون تجهيز قدرة دفاعية حقيقية تستطيع‏‏

(مثلا كوريا الشمالية!) ردع الولايات المتحدة، فإنها بالتأكيد ستضع يدها على موادنا‏‏

الخام النفيسة. فهم يستطيعون اختلاق الأعذار المختلفة. مثلا، يمكنهم قول ان السويد‏‏

يحكمها منذ أكثر من سبعين سنة حكومة ديمقراطية ـ اجتماعية، وهي بالنسبة لهم لا‏‏

تحترم الملكية الخاصة، وأن السويديين يحتاجون الى التحرر للدخول في سوق اقتصادية‏‏

حقيقية. أو ـ بما أن المخزون الطبيعي لليورانيوم في الشمال ـ يمكنهم قول ان نفس‏‏

السكان (الأصليين ذوي الأقلية في السويد) هم مضطهدون ويجب مساعدتهم بواسطة القوة‏‏

العسكرية للولايات المتحدة من أجل بناء دولة مستقلة.
‏‏

أنا أقول هذا لأنكم يجب أن تفهموا أنكم لستم الوحيدين المعرضين لسياساتهم. مثلا‏‏

أنظر الى يوغوسلافيا! طالما أن الولايات المتحدة كانت تستفيد أثناء الحرب الباردة‏‏

من وجود تيتو المناهض للاتحاد الروسي، فقد دعموا يوغوسلافيا سياسيا واقتصاديا، كما‏‏

مدحوا الدولية اليوغوسلافية. عندما ربحوا تلك الحرب الباردة، قاموا بتغيير سياستهم.‏‏

لقد كان من مصلحتهم ـ ومن مصلحة ألمانيا ـ تقسيم دولة يوغوسلافيا. فرِّق تَسُد!‏


ـ ما هي الاستراتيجيات التي تستخدمها القوى الامبريالية اليوم من اجل السيطرة‏‏

والغلبة، من خلال العملاء المحليين بطريقة غير مباشرة أم من خلال الحكم المباشر،‏‏

وما هي الشعارات التي يستخدمونها لإخفاء مطامعهم التسلطية؟
‏‏

* كما في بلادنا، يوجد في بلادكم مجموعات معينة تستفيد من السيطرة الامبريالية.‏‏

كانت تسمى هذه المجموعات "كومبرادورز" (وكيل أو مستشار وطنيّ تستخدمه مؤسسة أجنبية)‏‏

في زمن الاستعمار في الصين وفي بلاد أخرى. وكانوا يسمون "العملاء" في فرنسا‏‏

المحتلة. مفكرون ورجال أعمال لهم صلة مباشرة بالقوى ـ الاستعمارية او الاحتلالية ـ‏‏

الحاكمة.
‏‏

لو نظرنا في تاريخ استعمار الهند، لوجدنا أنه كان يوجد دائما جزء كبير من المجتمع‏‏

الهندي الذي كان مقربا جدا من الامبريالية البريطانية، وقد استفاد منها: مثل أمراء‏‏

الإقطاع، المرتزقة، البيروقراطيين، ورجال الأعمال. وقد ساد هذا الأمر في بلادكم‏‏

بأجمعها. هذه الجماعات الاجتماعية لا تزال موجودة، ونحن طبعا يوجد لدينا نفس‏‏

الجماعات أيضا. في بعض الحالات، يمكنها ان تمثل خطرا كبيرا. اليوم على سبيل المثال،‏‏

يمكنهم التخفي، بشكل متعمد او آخر، تحت أسماء مثل: "المؤسسات غير الحكومية التي‏‏

تعنى بحقوق الإنسان"..الخ. تاريخ تفكك الاتحاد السوفياتي السابق ودور "جماعات حقوق‏‏

الإنسان" الممولة أجنبيا مثال غني جدا.
‏‏

فيما يتعلق بحقوق الإنسان، يجب ان نعرف شيئا، عندما يتحدث رؤساء الغرب عن "حقوق‏‏

الإنسان"، فإن الحق الإنساني الذي يأبهون له فقط هو حق التملك، ولا نتكلم هنا عن حق‏‏

الممتلكات الفردية (كالمنزل، حسابات التوفير، والدكاكين الصغيرة)، إنما نتحدث عن‏‏

السيطرة الخاصة على المصادر الطبيعية والبنوك، الاحتكار والودائع. وهم جاهزون بشكل‏‏

جيد من اجل خنق او كبح أي إطار شرعي في الخارج بما يبقي حقوقهم الاستملاكية مقدسة.‏‏


لنأخذ مثلا حملتهم ضد كوبا. لم يغفر الرؤساء المتعاقبون في الولايات المتحدة لكوبا‏‏

لأن الولايات المتحدة فقدت سيطرتها على كوبا (كما أن بيوت الدعارة والقمار التي‏‏

كانوا يمتلكونها هناك تم اقفالها). ومع ذلك، يمكن رؤية نسبة بقاء الأطفال الكوبيين.‏‏


فالأطفال الكوبيون بقوا على قيد الحياة لأنه تم القضاء على تأثير الولايات المتحدة‏‏

(كما تم طرد عملائهم).
‏‏

ما هو الحق الإنساني الرئيسي؟ الحق الإنساني الرئيسي هو حق الإنسان في الوجود، في‏‏

البقاء. يمكننا مثلا مشاهدة فظائع "الأجاندا" الليبرالية المحدّثة حول العالم أجمع.‏‏


أنظر الى روسيا الفقيرة ـ فأنا مثلا لم أكن معجبا بسياسات الروس كما نعلم ـ حيث‏‏

انخفاض السكان تحول الى حقيقة من نوع الإبادة الشعبية! أما رؤساء الغرب، فهم ـ‏‏

بعدما قام حفنة من الأفراد الفاسدين بسرقة ثرواتهم العامة، وبعد انخفاض متوسط العمر‏‏

لعامة الروسيين بشكل كبير ـ يطلقون على مصير الشعب الروسي بعد إدخال السوق‏‏

الاقتصادية اسم الانتصار للديمقراطية وحقوق الإنسان!
‏‏

لهذا، يجب أن يكون الواحد منا حذرا حيال مسألة "حقوق الإنسان". فهي صالحة للاستخدام‏‏

في الصراعات ضد التعذيب والاستغلال، ضد الأمراض والفقر، وذلك من اجل البقاء والحياة‏‏

اللائقة. هذه هي حقوق الإنسان. ولكن الذين يخدمون المصالح الامبريالية حاليا وبشكل‏‏

منفتح ومتعمد نوعا ما، سيعملون على استخدام "حقوق الإنسان"، "الديمقراطية"، وغيرها‏‏

كغطاء لمكائدهم.

ـ ألا يمكن لمسائل ما يسمى "بحقوق الإنسان" أن تكون انتقائية بشكل كبير، حيث أن‏‏

بعض الناس بالنسبة للغرب هم أكثر قيمة من غيرهم؟
‏‏

* طبعا، فمثلا، اذا كان الصراع على استصلاح الأراضي الزراعية في بلد ما في أفريقيا‏‏

يمكن أن يودي بحياة عشرة من المستوطنين البيض، سيصبح هذا الأمر مسألة حقوق إنسان في‏‏

الغرب، بينما وفاة مئة ألف طفل إفريقي غير مهمة، وهذا الأمر طبيعي بالنسبة لهم.
‏‏

اذا كنت تمتلك رخصة براءة لدواء يشفي من مرض مميت معروف، يمكنك جني ربح وفير جدا،‏‏

ويمكنك حينها إبقاء سعره مرتفعا. فأنت لن تسمح للأدوية الرخيصة بإنقاذ حياة‏‏

الاطفال. وإذا بدأ بلد ما في العالم الثالث بإنتاج الدواء بنفسه لإنقاذ سكانه من‏‏

المرض والموت، فسوف تطلق حكومة الولايات المتحدة صرخة ضد هذه الجريمة، وستستخدم كل‏‏

إمكانياتها العسكرية ضد هذا البلد السارق.
‏‏

الحقيقة الصرفة تقول ان عددا صغيرا من الجماعات التابعة لقوى الامبريالية في الغرب‏‏

(والتي تعدّ بلاد كاليابان وقوى محتكرة صغيرة مثل السويد جزءا منها) تستفيد عبر قهر‏‏

واستغلال العالم المسمى بالعالم الثالث (بشكل مباشر ومن خلال ما يعبر عنه بـ"شروط‏‏

التجارة").
‏‏

بقولنا هذا، أنا أريد مرة اخرى الإشارة إلى ضرورة رؤية الاختلاف بين عامة الناس في‏‏

بلادنا وأولئك المنتمين للدوائر المسيطرة.
‏‏

(يتبع)
‏‏

في العدد القادم:

ـ الفلسطينيون لديهم عدة أسلحة لمواجهة حرب الإبادة التي تواجههم: القتال والوقت‏‏

والتضامن العالمي.. والديموغرافيا.
‏‏

ـ عندما تتغير مصالح الولايات المتحدة في المنطقة فهي قد تُقل من دعمها‏‏

لـ"إسرائيل".
‏‏

ـ الولايات المتحدة حاولت استعمار العراق.. ولكنها فشلت
‏‏

ـ توقعت حصول الثورة في إيران قبل سنوات من وقوعها بسبب ضغط الشاه على المواطنين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*) تنشر "الانتقاد" نص المقابلة مع المفكر الكبير جان‏

ميردال على موقعها على الإنترنت كاملة باللغة العربية على الموقع التالي‏ :www.intiqad.net وعلى الموقع الإنكليزي www.intiqad.com/english .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
‏‏

الهوية‏

الشخصية

جان ميردال، المولود في سنة 1927، واحد من أفضل المفكرين والكاتبين المشهورين في‏‏

السويد على مدى العقود الأربعة الماضية. ويمثل ايضا واحدا من أهم الأصوات في‏‏

الدوائر اليسارية في أوروبا الغربية. لقد اكتسب ميردال لنفسه شهرة الكاتب الذي شارك‏‏

في الإجابة عن أسئلة تتعلق بالعالم الثالث، الصراعات التحررية الاقليمية، معاداة‏‏

الامبريالية، وكناقد لاذع لما يسمى بالحرب الأميركية على "الإرهاب". وهو أيضا كاتب‏‏

شارك في المسائل التي تتعلق بحرية التعبير وحرية التفكير. لقد ألف جان ميردال‏‏

ثمانين كتابا ومقالات لا تحصى حول هذا الموضوع ومواضيع أخرى؛ وفي العديد من‏‏

المناسبات، حاربته القوى القاهرة التابعة لسياسة الفكر الصهيوني.
‏‏

يتحدّر جان ميردال من عائلة أنجزت العديد من المطبوعات حول المجتمع السويدي‏‏

المتمدن: عمل والده غَنّار ميردال بروفيسورا في تدريس الاقتصاد العالمي، ووزيرا‏‏

للاقتصاد، وحاز جائرة نوبل تقديرية في علوم الاقتصاد في سنة 1974 (بعد مشاركته في‏‏

"جائزة نوبل في علوم الاقتصاد"). أما والدته ألـ?ـا ميردال، فقد كانت سياسية،‏‏

وواحدة من ذوي المراتب العليا في السلك الدولي الدبلوماسي، وناشطة سلام، حازت جائزة‏‏

نوبل للسلام في سنة 1982. وقد كان للأبوين ميردال دور بين الآباء المؤسسين لرؤية‏‏

الحزب الاجتماعي الديمقراطي، وهو الحزب الحاكم في السويد.

2006-10-30