ارشيف من : 2005-2008
القانوني والنائب السابق مخايل ضاهر لـ"الانتقاد":استخدام الشارع لإسقاط الرئيس سابقة خطيرة .. ومعنى ذلك نهاية البلد
ينكب القانوني والنائب السابق مخايل ضاهر هذه الأيام على قراءة المرحلة التي تمر فيها البلاد بواقعية بعيدة كل البعد عن الارتجال السياسي الذي بات "غذاء" قوى الأكثرية الواضعة نصب عينيها إسقاط رئيس الجمهورية بكل الوسائل المتاحة لها بما فيها الشارع.
النائب المخضرم ذو الباع الطويل في اللعبة التشريعية، والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية الذي طرح ليكون واحداً من خيارين ،إما ضاهر وإما الفوضى، حذر من إسقاط رئيس الجمهورية عبر الشارع، وتخوف من أن تجر مثل هذه الخطوة البلاد إلى" الخراب والحرب الأهلية وما يتبعها من تهجير".
النائب السابق ضاهر واحد من الذين رفضوا التمديد لرئيس الجمهورية العماد إميل لحود ولم يتعرض للإكراه، ويعتبر "عريضة الإكراه" سابقة وأمراً مخالفاً للدستور، ويؤدي إلى زعزعته.
ضاهر يقرأ جيداً بين سطور قوى الموالاة لذلك هو لا يتردد في اتهام هذه القوى بأنها اتخذت من مشروع إسقاط رئيس الجمهورية "شماعة" لتحويل الأنظار عن الإخفاقات التي منيت بها مؤخراً، وتحديداً الوعود التي قطعتها وفي مقدمتها إجراء تغييرات وإصلاحات في البنية السياسية والاقتصادية والإدارية.
في مكتبه في الأشرفية يتابع ضاهر آخر "ابتكارات" قوى 14 آذار حيث فنّدها وحللها في حديث أجرته معه "الانتقاد" فكان الحوار الآتي:
ـ من وجهة نظرك وكمشرّع كيف قرأت قيام قوى 14 آذار بوضع آلية مشروع لإسقاط رئيس الجمهورية؟
* ما من شيء اسمه إسقاط رئيس الجمهورية، فولايته محددة بالدستور بست سنوات، وهي مُددت ثلاث سنوات بقانون دستوري، ونحن كنا من المعارضين له، ولكن في النهاية لم يطعن به أحد. هذه الولاية ممكن أن تنتهي بالاستقالة، أو بالاتهام بموجب المادة 60 من الدستور في حال ارتكاب رئيس الجمهورية خرقاً دستورياً أو جريمة، ويكون ذلك من خلال اتهامه من قبل ثلثي المجلس النيابي، ويحاكم أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء، عندها إما أن يحكم بالبراءة فيعود لممارسة عمله، أو يعزل بموجب حكم.
ـ إذاً... لا توجد طريقة أخرى لعزل رئيس الجمهورية؟
* هناك طريقة أخرى دستورية وهي اللجوء إلى تعديل المادة الدستورية التي تم على أساسها التمديد بغية تقصير ولايته الممددة، وهذا يحتاج إلى ثلثي المجلس أي 86 نائباً. هذا الأمر كان بالإمكان اللجوء إليه في دورة استثنائية لو أن طلب التعديل جاء بناءً على طلب الحكومة، غير أن الأخيرة لا يمكنها أن تُقدم على ذلك إلا باقتراح من رئيس الجمهورية، وهو لن يقترح بطبيعة الحال. إذاً التعديل يفترض أن يأتي من قبل النواب وفي الدورة العادية التي تبدأ في 21 آذار.. وبالملخص لا شيء قبل 14 آذار كما هم يقولون.
ـ نقرأ في الصحف أن قوى 14 آذار بصدد تقديم عرائض نيابية تثبت أن النواب قبلوا بالتمديد تحت الإكراه والضغوطات؟
ـ أنا أشك أن نائباً يحترم نفسه يوقع على هكذا عريضة، لأن المواطن يفترض في قرارة نفسه أن من يمثّله يفترض أن يكون المثل الأعلى لممثليه، وإلا ما معنى أن يكون خائفاً أو متردداً! وبالمناسبة أنا من بين 29 نائباً لم يمددوا للرئيس لحود ولم نتعرض لأي ضغوطات، وحين يكون هناك إكراه كان يفترض أن يُقدم طعن خلال شهر في حينه أمام المجلس الدستوري الذي يعود له البت بدستورية قانون التمديد. أما أن يأتوا اليوم فيقولوا إننا مددنا تحت الضغط والإكراه فهذه ليست وسيلة قانونية، بل سابقة، لأنها ستسمح في كل مرة لعدد من النواب غير المنسجمين مع رئيس الجمهورية أن يدّعوا أنهم صوتوا له بالإكراه! هذا الأمر مخالف للدستور ويؤدي إلى زعزعته..
ـ ما هي الخلفية الحقيقية لمشروع إسقاط رئيس الجمهورية؟
* تريد الحقيقة.. ما يحصل اليوم هو عمليه إلهاء الناس وتحويل الأنظار عن الإخفاق الذي وقعت فيه الأكثرية، لأن قوى 14 آذار لم تفعل شيئاً حتى الآن. أين الإصلاح الذي وعدت به؟ أين التغييرات التي تحدثت عنها؟ أنا أسأل هذه القوى التي معها الأكثرية في مجلس الوزراء وفي المجلس النيابي، لماذا لم تفعل العجائب؟.. ما يحصل اليوم هو مجرد فقاقيع صابون وعملية تضليل للناس! كل الوعود التي وعدت بها لم تنفذ، وبالتالي وجهت الأنظار إلى رئيس الجمهورية بأنه هو السبب. هذا الكلام دليل عجز وإخفاق وعملية التفاف على الدستور، وهو إسقاط للدستور لا لرئيس الجمهورية في الحقيقة.
ـ أنت تقول باستحالة إسقاط رئيس الجمهورية بالآلية الدستورية التي يجري التحضير لها من قبل قوى الأكثرية؟
* (مقاطعاً) كأنك تقول لي بأنهم سيستخدمون الشارع. بالامكان ذلك ولكن سيخرج بالمقابل اعتصامات مماثلة، وهذا ما مؤداه؟ مؤداه خراب البلد، وهذا ما قاله "السيد حسن" عندما اعتبر أن هناك خطابات تؤدي إلى حرب أهلية. وأتساءل هل هناك شارع واحد في لبنان؟ فإذا اعتصم مليون هنا فهناك ثلاثة ملايين بالمقابل. وأسأل هنا إلى أين يريدون أن يأخذوا البلد؟ ماذا تريدون أكثر من ذلك؟ حققتم الحرية والسيادة.. عظيم ونعمة كبيرة من الله.. فعّلوها، كبّروها، استعملوا حريتكم، استعملوا قراركم..
ـ لكن حجتهم دائماً أن رئيس الجمهورية هو العقبة أمام مشاريعهم؟
* في الأصل رئيس الجمهورية لديه صلاحيات دستورية وهو يمارسها، وبالتالي بإمكانه أن يرد أي مشروع قانون خلال خمسة عشر يوماً إلى مجلس الوزراء أو إلى المجلس النيابي، وفي حال الإصرار من قبل أي من هاتين المؤسستين الدستوريتين على ذلك، فإن المشروع يكون نافذاً بعد انتهاء هذه المهلة. إذاً لماذا القول بأن رئيس الجمهورية يعرقل المشاريع؟ وهل الصلاحيات الدستورية التي أعطيت له هي لأجل أن يمارسها في الفراغ؟ من هنا أقول ليس هناك من عرقلة أبداً بل العكس.
ـ يبدو أن قوى الموالاة متجهة إلى الشارع إذا ما اصطدمت بالعقبة الدستورية لإسقاط الرئيس؟
* هذه سابقة خطيرة .. ومعنى ذلك نهاية البلد. أي العودة إلى الحرب والتهجير، والقضاء على لبنان الذي ما زلنا نحلم به..
ـ لكن البعض يعتبر مطلب إسقاط الرئيس مطلباً شعبياً؟
* هذا ليس مطلباً شعبياً كما هم يدّعون. أيضاً الرئيس لحود لديه حلفاؤه وناسه، عنده حزب الله، عون، أمل، وزعماء كبار في لبنان، وبالتالي الشعب يبدو أنه منقسم!
ـ برأيك هل سيبقون على إصرارهم في استخدام الشارع في هذا الظرف المتشنج الذي تعيشه البلاد؟
* برأيي لن يجرؤوا على استخدام الشارع .. الشارع سلبي، ومن يريد أن يلجأ إليه يفترض عليه أن يعد إلى الألف. نحن نعرف ما يحصل في الشوارع .. وربما يحصل أن يصار إلى فرض طوق بشري لا يعد ولا يحصى حول القصر الجمهوري. ثم هل ستقبل القوى الأمنية والجيش أن يقترب أحد من القصر؟ وهل يستطيع أحد أن ينكر أن بإمكان أخصام قوى 14 آذار أن يحشدوا أكثر من مليونين إذا كانوا يتحدثون عن مليون.
ـ كيف تقرأ تزامن الشروع في إسقاط رئيس الجمهورية مع كلام عن دور فرنسي وإشراف على التحرك خصوصاً من الرئيس الفرنسي جاك شيراك؟ هل نحن أمام تطبيق "أجندة" دولية؟
* أعتقد أن هؤلاء تأثيرهم ضعيف، وبرأيي أن تعليماتهم تكمن في تحريك جماعتهم هنا أو هناك، أي من قبيل تقديم خبرات فنية لا أكثر ولا أقل. لا هم ولا الولايات المتحدة الأميركية ولا الأمم المتحدة يمكن أن يؤثروا في الموضوع الدستوري أو القانوني، أو أن يدخلوا إلى مؤسساتنا الدستورية.
ـ هل تبرئهم من أي "أجندة" دولية...!
* ( مقاطعاً) لا أعرف. لا أعرف. هم أحرار. على كل حال يجب أن يدركوا تماماً أن القوى الخارجية لا تأثير لها على الإطلاق في الموضوع الرئاسي. وهذا الدعم برأيي لا يفيد أبداً في القضايا الدستورية التي يفترض أن تحترم، وإلا لا لزوم لا للدستور ولا لكياننا الوطني، وحين يعمل على خلخلة الدستور فمعنى ذلك أن لبنان "طار".
ـ بالعودة إلى الآلية الدستورية، بعض القانونيين يعتبر أن "نظرية الثلثين" بدعة؟
* أعود وأكرر "الثلثين" هي الصيغة القانونية في الانتخاب أو التعديل. هذا كلام مقدس، وما يقوله الآخرون لا يعنيني، وأعتقد أنهم سيعون ما أقوله.
ـ برأيك أين سيصبح الحوار الذي دعا إليه الرئيس نبيه بري في ظل الحملة على رئيس الجمهورية؟
* أنا خائف من الحوار بهذه الطريقة، خصوصاً أن هناك مواقف متشنجة لا يمكن أن تحل بجلسة عادية على طاولة، وربما قد تجد من يترك الجلسة ليبدأ في المزايدات في الخارج..
ـ من تقصد؟
* لا أعرف .. وساعئتذ يكون قد أساء للبلد. الحوار لا يصح إلا في مجلس الوزراء الذي يمثل جميع الشرائح، وما يجري التوافق عليه يتم وضعه في البيان الوزاري، وكون هذه المواضيع لا تلزم أحداً.
ـ لكن هناك قوى غير ممثلة في الحكومة؟
* صحيح ولكن بالإمكان تمثيلها عبر حلفاء ممثلين في الحكومة.
ـ إذاً إلى أين نحن من هنا؟
* أولاً يفترض أن توضع النقاط على الحروف، والمسؤولية أصبحت مسؤولية الموالاة، التي يفترض عليها القيام بالإصلاحات إذا أرادت..
ـ هذه الموالاة أمامها بند واحد.. إسقاط رئيس الجمهورية لا إصلاحات؟
* أقول لك لا دور لرئيس الجمهورية في الوقت الحاضر، الدور عند الأكثرية..
ـ ما تقوله يدفع إلى القول إن هذه الأكثرية تنفذ "أجندة" خارجية؟
* لا يهمني .. لا أعرف، ومهما كانت ادعاءاتهم وتوجهاتهم، ما يهمني أن الأمور كلها تقف عند هذا الكتاب (الدستور).
ـ سؤال أخير كيف قرأتم وثيقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر؟
* قرأتها بكل ايجابية، وفيها كثير من القضايا الحساسة، ويمكن تقديمها إلى كل الناس لإبداء ملاحظاتهم عليها، وهي خطة مهمة كثيراً على صعيد الحوار بين اللبنانيين.
أجرى الحوار: حسين عواد
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018