ارشيف من : 2005-2008

جدل حول بقاء قوات الاتحاد الإفريقي في دارفور

جدل حول بقاء قوات الاتحاد الإفريقي في دارفور

كتب توفيق المديني‏

يعاني السودان حاليا صراعا دوليا محتدما، أصبح يلعب دورا حاكما في طبيعة التطورات السياسية الداخلية و أيضا الأدوار الإقليمية المحيطة به، حيث يعد التنامي المستمر في معدلات إنتاج النفط السوداني والمتطلبات الأمريكية لمكافحة الإرهاب ـ طبقا للمفهوم الأمريكي ـ إضافة للمشروع الأمريكي في القرن الإفريقي، دوافع مهمة للاعبين الدوليين لتحقيق مصالح سياسية واقتصادية.‏

ومنذ أن تفجرت ازمة دارفور ، تلقفتها الأطر الدولية و أجهزة الإعلام العالمية بفعل سببين رئيسيين هما المطامع الأمريكية و الأوروبية في الإقليم ، و استخدام أزمة دارفور للقول أن هناك إبادة جماعية تستدعي تدخل الحلف الأطلسي. وفي هذا المجال قالت الناطقة الرسمية باسم بعثة الأمم المتحدة راضية عاشوري في مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس أن قلق المنظمة يتزايد مع كل ساعة، خوفا من تطور الأوضاع، "الأمر الذي سيكون له مردود سلبي لا محالة على الأوضاع في منطقة دارفور المجاورة والمتأزمة أصلا"، ودعت إلى إعطاء الفرصة لإنجاح الوساطة التي يقوم بها الاتحاد الإفريقي لنزع فتيل الأزمة.‏

وفيما يتعلق بما يجري في دارفور، فإن الأوضاع الأمنية لاتزال تشهد تدهورا يصل في مناطق إلى ما يمكن وصفه بالمريع، لارتباطه بالنزاعات القبلية وعمليات نهب وسلب لها تأثيرات مباشرة في حياة السكان وحركة المنظمات الإنسانية. وقد شهدت مناطق واسعة في الإقليم حركة نزوح وسط سكانها جراء معارك متفرقة بين القوات الحكومية وقوات تابعة للحركات المتمردة من جهة وبين مليشيات قبيلة من جهة ثانية.‏

وتحدثت التقارير عن هجمات متقطعة شنتها مليشيات مسلحة ضد النازحين في قراهم ومعسكراتهم. ومع ذلك فالوضع الأمني في دارفور في الوقت الراهن ليس مستقرا، ففي بعض المناطق هناك هدوء وفي أخرى هناك تدهور، فمثلا في المنطقة المحيطة بمدينة الجنينة لا تزال الأوضاع الأمنية تشكل تهديدا خطيرا على منظمات الأمم المتحدة والأخرى غير الحكومية العاملة في مجال العون الإنساني، ما يضاعف من معاناة السكان. وهناك اشتباكات متقطعة وقعت في غرب دارفور بين القوات الحكومية ومقاتلين من الحركات المسلحة من جهة وبين الحركات وبعض القبائل من جهة أخرى، وأن حركة نزوح جديدة جرت وسط السكان في المناطق الواقعة إلى الغرب من مدينة الجنينة، وفي مناطق في جنوب الإقليم.‏

في غضون ذلك، يعقد مجلس الأمن والسلم الافريقي اجتماعا حاسما اليوم في أديس ابابا لتحديد مصير قوات الاتحاد الافريقي في دارفور غرب السودان في وقت اعلن مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي خافيير سولانا ان الخرطوم تضع شروطا مقيدة للغاية على الأمم المتحدة كي تتولى مهمة حفظ السلام في دارفور.‏

وقال سولانا بعد اجتماع ثان مع نائب الرئيس السوداني علي عثمان محمد طه في بروكسل انه لا يستطيع ضمان موافقة الاتحاد الافريقي في اجتماعه اليوم على تسليم العملية للأمم المتحدة. وكان سولانا أجرى محادثات مكثفة استمرت يوما مع طه ومسؤولين بارزين من الاتحاد الافريقي والأمم المتحدة والولايات المتحدة الاربعاء في محاولة لإقناع السودان بقبول بعثة أكثر قوة من الأمم المتحدة لوقف عمليات القتل في المنطقة التي تقع غربي البلاد. وقال طه: إن السودان يمكن أن يدرس دورا غير محدد للأمم المتحدة اذا اسفرت محادثات سلام مع المتمردين في العاصمة النيجيرية أبوجا عن تسوية سياسية للصراع لكن سولانا قال: إن ذلك مفيد للغاية.‏

وقال سولانا: "هذا لا يمضي بعيدا بما فيه الكفاية لأنه يعني انه لن يقبل إلا بعد أن تحقق محادثات أبوجا نتائج لكننا لا يمكننا أن نغامر بعدم البدء بالتخطيط اذا تطلب الامر في حال استمرار محادثات أبوجا لفترة طويلة".‏

من جهة اخرى قال الفريق أول عبدالله عوض شقق عضو البرلمان عن المؤتمر الوطني الحاكم :إن اجتماعات اليوم ينتظر ان تخرج ببعض التوصيات والقرارات التي تدفع الى تمكين القوات الافريقية، وذلك بتحويل مهام المراقبة الى عملية تنفيذية ايضا وتوفير الدعم المادي واللوجستي اللازمين لها لتقوم بمهامها بصورة متكاملة بعدما اتضح للجميع فشل عملية المراقبة فقط.‏

ومن جانبه قال العميد عصام ميرغني عضو البرلمان عن التجمع الوطني المعارض:إنه بالرغم من عدم وضوح الرؤية إلا أن الاجتماعات يمكن أن تخرج بقرارات تدعم بقاء القوات الافريقية في دارفور مع توفير الدعم المالي واللوجستي اللازمين لتؤدي القوات مهمتها بشكل متكامل.‏

وفي أبوجا وحتى يوم امس فشلت مفوضية الاتحاد الافريقي في اقناع اطراف التفاوض في التوصل الى اتفاق مبدئي وشيك في دارفور يسبق الاجتماع وأعلنت المفوضية رفضها للشروط المسبقة التي يضعها اطراف التفاوض والتي علقت جلساتها في ابوجا، وأكدت على لسان كبير مفاوضيها سالم أحمد سالم ان قرار احلال قوات دولية سيتم تحديده في اجتماع اليوم في اديس ابابا، موضحا ان المفاوضات لم تحرز حتى الآن التقدم المنشود واتهم اطراف التفاوض بوضع العراقيل والشروط المسبقة كما ان حركة تحرير السودان تشهد خلافات ونزاعات داخلية قد تؤدي الى مزيد من الانقسامات.‏

على صعيد آخر ،شدد ممثلو الدول المانحة للسودان على ضرورة التوصل إلى اتفاق سلام في ولاية دارفور التي تشهد حرباً أهلية، وذلك خلال افتتاح اجتماع عقدوه أمس في باريس للتباحث في موضوع المساعدات التي سترسلها بلدانهم إلى السودان.‏

وتبلغ قيمة المساعدات التي يحتاجها السودان في العام ،2006 بحسب الأمم المتحدة، 1،7 مليار دولار منها 1،5 للمساعدات الإنسانية. وتعتبر المجموعة الدولية أن متابعة برنامج المساعدات الذي بلغ حجماً غير مسبوق هو أمر لا غنى عنه. ويشارك وفد سوداني يترأسه النائب الأول لرئيس السودان سيلفا كير في هذا الاجتماع الذي سينعقد طوال يومين.‏

كما يحضر ممثلون عن الدول الأوروبية والاتحاد الافريقي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي والولايات المتحدة التي قدمت 575 مليون دولار في العام 2005 وهو مبلغ يمثل نصف قيمة المساعدات الإجمالية التي حصل عليها السودان العام الماضي.‏

خاص: 10 آذار/مارس2006‏

2006-10-30