ارشيف من : 2005-2008

كسر الحصار

كسر الحصار

العملية الاستشهادية التي نفذها المجاهد الفلسطيني من حركة الجهاد الاسلامي سامي سميح حمّاد في قلب "تل ابيب"، وقرارات الدعم المادي والمعنوي التي توّج بها مؤتمر دعم القدس وفلسطين في طهران أعماله، شكّلاً مساراً اختراقياً لافتاً لكل عربدة الحصار الصهيوني والدولي ـ الغربي تحديداً ضد قضية فلسطين..‏

فقد جاءت العملية الاستشهادية لتسقط وبالملموس أسطورة السور الواقي وما دأبت الدعاية الصهيونية على ترويجه من كفاءته التامة في منع أي اختراق أمني لمنظومة الاجراءات الصهيونية المكثفة .. كذلك فقد أدت العملية إلى كسر المقولة الاسرائيلية التي طالما تبجح قادة العدو بها، وظلوا يرددونها مرة بعد أخرى في الآونة الأخيرة، عن قدرة قواتهم على توجيه الضربة تلو الضربة للفلسطينيين في أي وقت ومكان من دون الخوف من تحمل تبعة أي رد فعل فلسطيني لسبب بسيط حسب زعمهم هو عدم قدرة الفلسطينيين على الرد!‏

وعليه فإن عملية تل أبيب أنتجت كسراً لحالة "الرهاب" المفروضة على الجانب الفلسطيني، ونقلتها إلى الطرف الآخر، أي إلى الجانب الصهيوني، حتى لم يستطع قادة العدو سوى التعبير عن حالة الإحباط واليأس اللتين اعترتا المؤسسات العسكرية والأمنية الصهيونية بعد نجاح العملية. وهكذا تبين مرة جديدة أن المنظومة العسكرية ـ الاستخباراتية الصهيونية بكل امكانياتها النفسية المتطورة لم تستطع وقف أو منع العملية برغم ترقب الأجهزة الأمنية الصهيونية لها، وإعلانها حالة الاستنفار المسبق لمحاولة منعها، وهذا ما يبرهن تالياً على عجز العدو، وعدم استطاعته قهر إرادة الجهاد والمقاومة لدى أبناء الشعب الفلسطيني.‏

أهمية هذه العملية، وما قد يليها من عمليات (حركة الجهاد الاسلامي أعلنت ان هذه العملية هي واحدة من سبعين عملية تنوي تنفيذها) أنها ستفرض نقاشاً جدياً من جانب العدو الصهيوني حول جدوى إجراءاته، وستجبره على الاستنجاد بحلفائه وأصدقائه الغربيين للتوسط بغية مناقشة سبل وقف العمليات، وهو ما سيؤدي لاحقاً وبصورة حتمية إلى كسر الطوق المفروض راهناً على حكومة حماس، ويعزز إرادة الشعب الفلسطيني وقدرته على فرض معادلات جديدة.‏

وفي مقلب آخر، كان لمؤتمر دعم الشعب الفلسطيني الذي نظمته الجمهورية الاسلامية في ايران للمرة الثالثة، صدى ووقع قويان، ترددت أصداؤهما في العالم قبل ان تتردد في الشارع الفلسطيني، إذ وجه المؤتمر رسالة قوية وبليغة لدول العالم، ولا سيما منها المتآمرة على الشعب الفلسطيني وقضيته، أو المتخاذلة عن الوقوف إلى جانبه، بأن هناك من لا يساوم أبداً في القضايا المبدئية، ولا يتراجع أبداً عن دعم القضايا المحقة للشعوب مهما بلغت شدة الضغوطات، أو زادت كلفة التضحيات، وعليه تكون قد اكتملت دائرة كسر الحصار الأمني ـ السياسي ـ التجويعي ضد الشعب الفلسطيني. ولعل الأهمية البالغة للمؤتمر لا تتأتى فقط من مقررات الدعم المالي لتعزيز صمود الشعب الفلسطيني (على وجاهتها)، وإنما بإرادة التحدي والممانعة، وقرارات التصدي والمواجهة التي ظهّرها في مقابل عنجهية الإدارة الاميركية وحلفائها الغربيين التي تحاول ليس فقط فرض الحصار على الشعب الفلسطيني، بل ومحاصرة أي مبادرة لدعمه ومساندته أيضاً.‏

وهكذا من فلسطين إلى طهران تتضح نواة الخط البياني لخارطة الصمود والمقاومة المصممة على مواجهة الاحتلال ومؤامراته، ولكن ما يجب الإلفات اليه أيضاً هو أن خط الممانعة والمقاومة الجهادي المتمثل في العمليات العسكرية ضد الاحتلال في فلسطين، الذي يرفده خط دعم وإسناد سياسي ومادي ومعنوي مركزيته طهران، قد وسّع دائرة مؤيديه، واستقطب حالات دعم وتعاطف عالمية اسلامية وغير اسلامية، من دول آسيوية وأميركية لاتينية، وأحزاب وجمعيات من كل أنحاء العالم، جاءت لتعبر عن مساندتها لخط المقاومة في فلسطين ولبنان، بعد أن بلغت المؤامرات الاميركية وأعمالها العدوانية حد الافتضاح الكامل.‏

ابراهيم الموسوي‏

الانتقاد/ على العهد ـ العدد 1158ـ 21 نيسان/ أبريل 2006‏

2006-10-30