ارشيف من : 2005-2008

"لا تهاجموا إيران"

"لا تهاجموا إيران"

هذه هي خلاصة النصيحة التي يقدمها الخبراء الاستراتيجيون والمحللون العسكريون والساسة المخضرمون على الساحة الدولية للإدارة الاميركية. طبعاً، فإن هؤلاء الخبراء يوردون أمثلة وشواهد عديدة وتحليلات وقراءات عميقة لإقناع البيت الأبيض بعدم جدوى أي هجوم عسكري على ايران، ولعل أبرز ما يقدمونه في هذا المجال يرتبط بالعراق وما جرّه الاحتلال الاميركي لهذا البلد من ويلات وكوارث على واشنطن قبل وأكثر من غيرها من دول العالم، والباحث في هذا المجال لا تعوزه الحيلة ولا الوسيلة، لأن حقيقة حجم الخسائر الكارثية للسياسة التدخلية للولايات المتحدة أكبر من أن تمحوها أية ماكينة دعائية مهما بلغت طاقتها وقدرتها، وتكفي الإشارة هنا إلى ما صرحت به وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس مؤخراً من أن ادارتها قد ارتكبت آلاف الأخطاء التكتيكية في العراق، وهو ما انبرى وزير حربها إلى نفيه بسرعة ليؤكد بالحقيقة الملموسة مدى التخبط الذي تعيشه الادارة الاميركية في معالجة الملف العراقي، وما لم تعبر عنه رايس صراحة قالته وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت بفصاحة سياسية لافتة عندما اعتبرت ان احتلال العراق كان أحد أسوأ القرارات الكارثية للإدارة الاميركية.‏

ما يقوله الخبراء الخائفون من حماقة اميركية جديدة (وبالمناسبة هم من الغربيين الذين تهمهم مصلحة الادارة الاميركية وليس ايران) بأن ما شهدته الإدارة الاميركية من أهوال في العراق حتى الآن سيكون كنزهة حقيقية اذا ما قدرت بما يمكن أن يترتب من تداعيات على أي عدوان اميركي ضد ايران، فهم يقولون الآتي:‏

أولاً: إن ايران دولة اقليمية كبرى تزيد مساحتها على المليون ونصف المليون كلم مربع، وعدد سكانها يقارب السبعين مليوناً، ولديها حكومة وجيش قويان يحظيان بمشروعية ودعم شعبي واسعين.‏

ثانياً: ايران لا تخالف أية مواثيق ومعاهدات أو بروتوكولات تعاون فيما تقوم به من تطوير لمشروعها النووي السلمي، وكل ما يستند عليه الغرب في تعاطيه العدواني معها لا يعدو كونه محاكمة للنيات.‏

ثالثاً: الشعب الايراني موحد بجميع فئاته وشرائحه وتوجهاته السياسية خلف القيادة الايرانية، ويعتبر امتلاك بلاده للتكنولوجيا النووية السلمية أمراً سيادياً يتعلق بالكرامة الوطنية.‏

كذلك فإن هناك عقبات دولية عديدة ومتنوعة تجعل من أي هجوم محتمل على إيران مغامرة غير محسوبة العواقب، يمكن تلخيصها بما أورده مستشار الأمن القومي الاميركي في عهد الرئيس جيمي كارتر، وهي على الشكل التالي:‏

ـ في ظل عدم وجود خطر داهم من جانب ايران فإن أي هجوم يكون عملاً حربياً من جانب واحد.‏

ـ إذا تم الهجوم من دون تفويض من جانب الكونغرس للرئيس فسيكون ذلك مخالفاً للدستور، ويتعرض الرئيس الاميركي للمساءلة، أما إذا حصل الهجوم من دون تفويض من مجلس الأمن الدولي فإن ذلك يعد مخالفة صريحة للقانون الدولي.‏

ـ الهجوم الاميركي سيستتبع رداً ايرانياً قاسياً في العراق وافغانستان وأماكن أخرى من العالم، تكون معها مغامرة العراق أمراً سخيفاً، وستنطلق دورة العنف في العالم لعقد من الزمن.‏

ـ أسعار النفط سوف ترتفع بشكل جنوني، خاصة اذا ما أوقفت ايران انتاجها، ومنعت تدفق النفط عبر الخليج.‏

ـ سوف تكون الولايات المتحدة عرضة للمزيد من الهجمات، لأن العديد من خصوم وأعداء واشنطن في العالم سيرغبون في استغلال أي هجوم اميركي على ايران من أجل تصفية حساباتهم الخاصة.‏

إزاء ما تقدم: فإن الكلمة الفصل جاءت من ايران وعلى لسان السيد القائد علي الخامنئي الذي أكد أن أي اعتداء تشنه الولايات المتحدة على ايران سيفتح أبواب الاقتصاص من المصالح الاميركية في أي مكان في العالم. نصائح وتحذيرات من جهات عدة، فهل ترعوي واشنطن وتكف عن تحدياتها، أم يؤول النفخ الاسرائيلي في الرؤوس الحامية الى تكرار سيناريو أكثر كارثية مما جرى في العراق.‏

ابراهيم الموسوي‏

الانتقاد/ على العهد ـ العد 1159 ـ 28نيسان/أبريل 2006‏

2006-10-30