ارشيف من : 2005-2008

إنجاز

إنجاز

يستحق الجيش اللبناني كل التقدير والتهنئة على الإنجاز الهام جداً الذي حققه مؤخراً، باكتشاف وإلقاء القبض على الشبكة الاسرائيلية التي نفذت العديد من المهمات الاجرامية الفظيعة ضد عدد من الأهداف اللبنانية والفلسطينية في لبنان، هو إنجاز مميز جداً لعله الأبرز منذ التحرير، لذلك تستحق الجهود التي بذلت في سبيله كل التحية والثناء.‏

وإذا كان العنوان الأبرز في جرائم هذه الشبكة هو اغتيال الأخوين المجاهدين من آل مجذوب في صيدا قبل فترة وجيزة، فإن اللافت أن هذه الشبكة وبحسب الاعترافات الموثقة بالصوت والصورة لعميل الموساد محمود رافع قد نفذت جرائم عدة أيضاً، منها اغتيال المجاهد أبو حسن سلامة في "عبرا" شرق صيدا قبل سنوات، وكذلك المجاهد علي صالح في الضاحية الجنوبية، وقبله المجاهد جهاد أحمد جبريل في بيروت الغربية، فضلاً عن الاعتراف بنقل العديد من حقائب العبوات المعدة للتفجير في غير منطقة لبنانية، ما يعني أن عمل هذه الشبكة ومهامها طالت العديد من المناطق الممتدة على رقعة الجغرافيا اللبنانية.‏

والسؤال المطروح الآن يتمحور حول ما لم يتم كشفه من علاقة هذه الشبكة بالجرائم الأخرى ولا سيما منها جريمة اغتيال المجاهد في المقاومة الاسلامية غالب عوالي، فضلاً عن عمليات الاغتيال والتفجير التي جرت في الساحة اللبنانية في أعقاب الانسحاب السوري واستهدفت رموزاً وشخصيات عديدة، وهو ما يشير حكماً إلى وجود شبكات أخرى لم يتم كشفها بعد، وما زالت طليقة تستطيع أن تعيث إجراماً وتخريباً ومحاولات زرع فتنة في كل وقت.‏

لقد جاءت عملية الكشف عن شبكة الموساد في وقت ذهب فيه البعض بعيداً في تجاهل تأثير العامل الاسرائيلي، أو التخفيف من أهميته في لبنان، لتثبت مجدداً قوة الحضور الاستخباري الاسرائيلي وإمكانياته المتقدمة، وشبكاته الجاهزة لتغرق البلد في حمّى الانقسامات الداخلية والتناخر الطائفي والمذهبي، اقتصاصاً من لبنان واللبنانيين، وكذلك من مجاهدي المقاومة وقادتها الذين أذاقوا العدو مرارة الهزيمة بالنصر المعجزة الذي اجترحوه في الخامس والعشرين من أيار العام 2000.‏

طبعاً، كان علينا أن ندرك منذ البداية أن "العدو الإسرائيلي الذي تربع طويلاً على عرش انتصاراته بفعل الهزيمة النفسية والمعنوية العكسية التي ألحقها بالعرب جيوشاً ودولاً وتجمعات، ما كان له أن يغفر أبداً أو ينسى الرد على الذين ألحقوا به الهزيمة في لبنان.‏

وكان علينا أن نتذكر أن طعم الإذلال الذي ذاقه العدو الاسرائيلي إنما جاء من البلد الذي كان يروّج في أدبياته أنه يستطيع احتلاله بفرقة موسيقى تابعة لجيشه، وليس بفرق عسكرية حقيقية أو ألوية قتالية، فإذا به يفرّ منه ذات عشية هو وقوات النخبة وآلياتها المدرّعة المتطورة.‏

هذا المشهد اللبناني الرائع الذي تنعّم اللبنانيون بثمار نصره المباركة، وتفيأوا ظلال بركاته، هو المشهد الذي يجب أن تختزن مفردات صناعته ذاكرة اللبنانيين، هذه المفردات التي تتضمن معاني الإلفة والوحدة والالتفاف حول الخيارات الوطنية الكبرى التي شكلت المقاومة أحد أهم تمثلاتها، وأبرز عناوينها، فيما شكل النصر عام 2000 أحد أهم تجلياتها وثمارها.‏

كان علينا ويجب علينا دوماً أن ننسى خلافاتنا الصغرى، وحساباتنا الضيقة، وأن نتذكر ميثاق وحدتنا الوطنية، والتفافنا حول ما يجمع عائلتنا اللبنانية الكبرى ويوحدها، لنستعيد ذكريات الزمن الجميل زمن 25 أيار 2000، لعلّنا نستطيع أن نحقق ما يماثله أو نمنع ما سبقه من احتلالات واعتداءات.‏

كان علينا، ويجب علينا دوماً، أن نتذكر أن العدو لا ولن يغفر لمن أسقط أسطورة الجيش الذي لا يقهر!‏

يحيا الجيش، تحيا المقاومة، عاش الوطن…‏

ابراهيم الموسوي‏

الانتقاد/ موضوع الغلاف ـ الاعدد 1166 ـ 16 حزيران/يونيو 2006‏

2006-10-30