ارشيف من : 2005-2008
إبادة اطفال فلسطين
ما يقوم به العدو الاسرائيلي هذه الأيام من خلال الموجة المكثفة لتصفية أطفال فلسطين، هو محاولة للقضاء على شعب بأكمله. ما يجري في فلسطين اليوم هو حملة تطهير مبرمجة لأطفال فلسطين، ماذا يعني قتل الأطفال؟ هو اغتيال الأمل والثقة بالغد والقضاء على المستقبل، انها حملة تطهير للأطفال وتيئيس للكبار، مدروسة ومبرمجة لتبلغ ذروتها وسط صخب الانشغال بحمّى المونديال، ولقد استطاع الهدّاف الاسرائيلي أن يحقق في مرمى أطفال فلسطين أهدافاً قاتلة أكثر مما استطاع هدّافو مونديال 2006 مجتمعين، وأنه الجنو سايد الفلسطيني، فهل من يريد أن يسمع أو يرى!
عندما تشن قوات الاحتلال الاسرائيلية حملات القتل ضد الأطفال، فإنها تعلن على الملأ هزيمتها وفقدانها القدرة على مواجهة مجاهدي المقاومة من شباب ورجال ونساء فلسطين، لذا تلجأ إلى الخيار الأسهل: قتلهم وهم أطفال، مسترجعة شريط مجازرها الذي لا ينتهي بدءاً ببقر بطون الحوامل ونحر الأجنّة وقتل الأطفال في دير ياسين، وحيفا، وعين الزيتون ـ صفد، وأبو شوشة ـ الرملة، وبيت دراس، غزة، والطنطورة، واللد، والمجدل ـ الجليل والصفصاف، وجيز (1948)، وبيت لحم (1952)، والبريج (1953)، وبئر السبع، ودير البلح، وقلقيلية، وكفرقاسم وخان يونس (1956) والتي قتل نتيجتها الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء، مروراً بمذابح صبرا وشاتيلا ـ بيروت عام 1983، والتي ذهب ضحيتها ما يزيد على الثلاثة آلاف فلسطيني ولبناني، ومجازر قانا والمنصوري والنبطية وسحمر في لبنان عام 1996، وصولاً إلى المجازر اليومية المتنقلة في فلسطين هذه الأيام.
عندما يصم العالم آذانه، ويشيح بوجهه عن مشاهد القتل اليومي لأطفال فلسطين، فإنه يثبت أنه عالم مصاب بعمى الألوان، ويثبت أنه عالم متآمر ومتواطئ.
نريد أن نصدّق أن هناك مجتمعاً دولياً متحضراً، ونريد أن نصدّق أن الدول التي تجلدنا بالحديث عن مؤسساتها ومبادراتها الإنسانية وتشريعاتها الديمقراطية لحماية حقوق الانسان، وتفرض علينا شروطاً قاسية كي تؤهلنا للارتقاء إلى مستوى الانتساب إلى مصافها كدول متحضرة، تستطيع أن تفعل شيئاً لحماية أطفال فلسطين.
وعندما تقوم هذه الدول بأية مبادرة جدية لحماية أطفالنا توازي نصف ما تقوم به على مبادرات لحماية الحيوانات المهددة بالانقراض، ساعتئذٍ قد نصدّق أن أطفالنا ونساءنا ورجالنا يمثلون قيمة ما في ميزان حساباتها! إذاً فلتفعل هذه الدول شيئاً ملموساً، ولترينا بعض صدقيتها بدل التشدق بانتمائها الحضاري وممارساتها الديمقراطية ليل نهار!
عندما تكفّ الولايات المتحدة الاميركية وحلفاؤها عن اعتبار قاتلي الأطفال أبطال سلاح ودعاة حضارة، تبدأ رحلتها الحقيقية مع الحقيقة، وعندما يتوقف تمييزها بين إنسان وإنسان، بحيث يصبح الدم العربي موازياً لأي دم آخر، والطفل الفلسطيني يساوي أي طفل آخر، تبدأ مشوارها مع المصداقية ونبذ المعايير المزدوجة، وعندما تقوم الدول الغربية بإدانة المحتل الاسرائيلي أو تقبل بإسقاط اعتراض إدانته على جرائمه بدل تبرير جرائمه الفظيعة والتستر عليها وتقديمه للعالم على أنه ضحية، ساعتئذٍ نصدّق أن هذه الدول تهتم بحقوق الإنسان حقاً.
إبراهيم الموسوي
الانتقاد/ على العهد ـ العدد 1167 ـ 23/6/2006
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018