ارشيف من : 2005-2008
الأكثرية النيابية "تبرئ" برصوميان و"تعفو" عن الـ"أم تي في"
الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1123 ـ 19 آب/أغسطس 2005
جملة خلاصات خرج بها المراقبون لنتائج الجلستين العامتين اللتين عقدهما المجلس النيابي يوم الثلاثاء الماضي، حيث جرى في الجلسة الاولى التي تحولت فيها الهيئة العامة الى هيئة محكمة "تبرئة" الوزير السابق شاهي برصوميان من ملف الرواسب النفطية من قبل الأكثرية النيابية. وتم في الجلسة التشريعية التي تلتها اقرار اقتراح القانون المتعلق بتعديل المادة 68 من قانون الانتخابات بما يؤدي الى اعادة فتح محطة (أم تي في).
الجلسة التي جرى خلالها البت في تقرير لجنة التحقيق البرلمانية عقدت بشكل سري بعدما طلب الرئيس نبيه بري من الوزراء غير النواب والصحافيين مغادرة القاعة العامة، واستمرت ساعة فقط جرى خلالها تلاوة تقرير لجنة التحقيق البرلمانية التي كان يرأسها نائب رئيس المجلس السابق ميشال المر، وقد خلص هذا التقرير الى أن التهم التي نسبت لبرصوميان ليست كافية لإدانته.
وبعد مناقشات نيابية بحضور أربعة وتسعين نائباً جرى التصويت بالاقتراع السري على قاعدة "اتهام" "لا اتهام"، وجاءت نتيجة التصويت على الشكل التالي ستة وخمسون صوتاً "لا اتهام"، عشرة أصوات "اتهام"، سبع وعشرون ورقة بيضاء، أي امتناع، وورقة ملغاة، وبدا واضحاً ان الأصوات التي برأت برصوميان جاءت من نواب كتل "14 آذار" وفي مقدمتها كتلتا تيار المستقبل واللقاء الديمقراطي، أما كتلة الوفاء للمقاومة فقد اعطت الحرية لاعضائها بالتصويت بالطريقة التي يرونها مناسب بناءً على قناعتهم في هذا الملف، وهو ما أعلنه رئيس الكتلة النائب محمد رعد، موضحاً أن هذا التوجه ربما يسري في المستقبل على كل ملف له علاقة بالقضاء.
طريقة "تبرئة" برصوميان من قبل "الأكثرية النيابية" قبل أن يصل الى أمام المحكمة المعنية بمحاكمته، وهي المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء طرحت العديد من التساؤلات، وأحدثت نوعاً من الصدمة والاستغراب لدى العديد من النواب حتى الوزراء. وفي هذا السياق تشير مصادر نيابية تابعت الملف الى ان التهم الموجهة الى برصوميان في فضيحة الرواسب النفطية ثابتة بنسبة تسعين في المئة، وكان يجب أن يصل الى المحكمة المختصة ببت الملف، وهي التي تتخذ القرار النهائي في هذا الملف تبرئةً أو ادانةً، بعدما باتت محتوياته واضحة لدى مختلف الافرقاء. ونتيجة ما جرى فإن الأوساط النيابية تتساءل عن مصير الشعارات الكبيرة التي طرحت من قبل العديد من القوى التي تشكل الأكثرية في المجلس النيابي الحالي، وخصوصاً شعارات "الاصلاح والتغيير"، وأين شعار محاربة الفساد وفتح الملفات بعد الذي حصل. ورأت المصادر ان تبرئة برصوميان فيها تبرئة لكل العهد الذي استمر من العام اثنين وتسعين حتى سبعة وتسعين، ورأت أنه كان يفترض بدل تبرئة برصوميان مثول رؤساء سابقين أمام المجلس النيابي في الملف نفسه. وتخلص الأوساط الى أن ما جرى أحدث خيبة أمل بشأن امكانية تغيير الواقع السيئ في ادارات الدولة، وهو استند الى غايات سياسية وتجاهل الوقائع الجرمية الثابتة في هذا الملف.
وفي خلاصات نتائج الجلسة التشريعية فإن الواضح ان عنوان الجلسة كان اقرار اقتراح القانون المتعلق بتعديل المادة الثامنة والستين من قانون الانتخاب، بما يتيح اعادة فتح محطة (ام تي في). واذا كان هذا الاقتراح قد نال اجماع النواب الحاضرين الا ان تساؤلات كبيرة طرحت حول دستورية هذا القانون، وهو ما تناوله النائب ادمون نعيم، وهو المحامي الخبير في الشؤون القانونية والدستورية حيث شكك بدستوريته، وأوضح أنه قابل للطعن به، لأنه لا يجوز لمجلس النواب ان يلغي بقانون قراراً مبرماً للقضاء العدلي، بل يجب أن يعطي امكانية للقضاء ليعيد مناقشة هذه القضية. وحصل سجال بينه وبين النائب بطرس حرب حول هذا الأمر دفع بالأخير الى القول بأن التشكيك بهذا القانون يدفع الى التشكيك بقانون العفو عن سمير جعجع. ورأت بعض المصادر أن موقف نعيم ربما له خلفية اعلامية لجهة كون افتتاح محطة (أم تي في) سيؤثر سلباً على محطة أخرى، حيث ستتنافسان على جمهور واحد من المشاهدين. هذا واعترف عدد من النواب في مجالسهم الخاصة ان هذا القانون غير دستوري، لكن جرى اعتباره بمثابة "عفو" عن الـ"ام تي في".
وفي الخلاصات الأخرى للجلسة التشريعية لوحظ غياب السجال السياسي الحاد في فترة الأوراق الواردة التي توزعت فيها مداخلات النواب بين المطالب الانمائية والقضايا السياسية، فيما سجلت اوساط متابعة ان الرئاسة الثانية سجلت على الحكومة ورئيسها فؤاد السنيورة ان المجلس النيابي يقوم بدوره التشريعي على أكمل وجه، وهو يتابع العمل فيما ان الحكومة لم تدخل بعد في مرحلة العمل الفعلي، حيث ان المشاريع التي جرى قرارها موجودة في المجلس النيابي من أيام الحكومات السابقة، ولم ترسل الحكومة الجديدة أية مشاريع جديدة الى المجلس النيابي لمناقشتها واقرارها.
وترى مصادر نيابية متابعة أن حالة "الكربجة" الموجودة والتي تترجم تجاذبات بين القوى المشاركة في الحكومة تعود الى أن الجميع بات ينتظر نتائج تقرير لجنة التحقيق الدولية في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لأنه بناءً على هذه النتائج، وما سيترتب عليها، ستتحدد معالم المرحلة المقبلة في لبنان.
هلال السلمان
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018