ارشيف من : 2005-2008

بعد تشكيل الحكومة في مواجهة التحديات : اتفاق على الثوابت وتباين في ترتيب الأولويات

بعد تشكيل الحكومة في مواجهة التحديات : اتفاق على الثوابت وتباين في ترتيب الأولويات

بعد عشرين يوماً على تكليفه، تمكن الرئيس فؤاد السنيورة من تشكيل الحكومة بأربعة وعشرين وزيراً من الكتل النيابية الأساسية باستثناء كتلة "الإصلاح والتغيير" التي يترأسها رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون، الذي بقي في صفوف المعارضة.‏‏

وبإعلان التشكيلة الحكومية تبدأ مرحلة جديدة لمواجهة التحديات التي تحدق بلبنان، سواء تلك الداخلية أو الخارجية التي يتوقع أن يعبر البيان الوزاري للحكومة العتيدة الذي بدأت عملياً ورشة إنجازه بعد إعلان التشكيلة الحكومية وتشكيل لجنة وزارية لصياغة البيان بعد انعقاد أول جلسة لمجلس الوزراء وأخذ الصورة التذكارية.‏‏

وبما أن الحديث عن التجاذبات التي سبقت التشكيل وتكثيف الاتصالات واللقاءات المتتالية بين الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية إميل لحود والكتل المعنية لم يعد مجدياً، بدأ النقاش عملياً يتركز على كيفية مواجهة التحديات التي ستواجه عمل هذه الحكومة التي ولدت في ظل ظروف سياسية معقدة وبعد انتخابات نيابية هي الأهم في تاريخ لبنان، وفي ظل احتدام سياسي وصل إلى مرحلة شديدة من التأجج والخطورة على حد قول وزير العمل طراد حمادة لـ"الانتقاد". وباعتقاده فإن هذه الحكومة ستكون أمام مرحلة جديدة من تقديم الحلول والأجوبة عن كثير من المشكلات التي عانى منها لبنان في الفترة الأخيرة، لا سيما في فترة السنوات العشر الأخيرة، خاصة أنها تشترك فيها مجموعة من القوى السياسية الفاعلة في البلاد، وأهمها مشاركة حزب الله مباشرة فيها فضلاً عن المتغيرات الكبيرة التي طبعت هذه المرحلة".‏‏

والواقع أن التحديات الكبرى التي ستواجهها الحكومة العتيدة كثيرة، وهي تحديات سبق أن واجهتها الحكومات السابقة. ولعل أهم ما يمكن الالتفات إليه راهناً ـ حسب قول الوزير حمادة ـ هو تغير العقلية والأداء السياسي الذي كان يحكم عمل مجلس الوزراء في الفترات الماضية، والعمل على إيجاد التوافق حول عمل الحكومة ضمن تنافس سياسي مشروع، لا أن يصار إلى تأجيج الصراعات الداخلية كما كان يحصل في السابق، بحيث ينشغل أعضاء الحكومة في ما بينهم بدلاً من الانشغال بالملفات التي تهم الناس.‏‏

أما التحدي الثاني الذي يواجه الحكومة العتيدة فينطلق من المخاطر الخارجية المحدقة بالبلاد، وفي طليعتها الاحتلال الإسرائيلي لجزء من الأراضي اللبنانية، إضافة إلى التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية على نحو سافر. ويقول حمادة في هذا الإطار: إنه يفترض على الحكومة أن تحافظ على الوحدة الوطنية وعلى التآلف الوطني، واعتبار سلاح المقاومة جزءاً من استراتيجية الدفاع عن لبنان في وجه العدو الصهيوني، وهذا بمثابة تحدٍ أمني سياسي كبير يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار.‏‏

ويبقى أن التحدي الثالث هو تحسين العلاقة مع سوريا وإعادة رسم هذه العلاقة لما فيه مصلحة البلدين على أسس واضحة وجلية، خصوصاً أن هناك تجربة مشجعة في هذا الخصوص.‏‏

أما التحدي الرابع ـ والكلام لا يزال للوزير حمادة ـ فهو الالتزام باتفاق الطائف نصاً وروحاً والعمل على إرساء قواعد ديمقراطية وتطوير وتحديث القوانين التي تربط لبنان بعلاقات مع الدول العربية.. ولا ينسى هنا وزير العمل تحدي الإصلاح ومحاربة الفساد.‏‏

وإذا كان البعض يراهن على الكباش السياسي بين أعضاء الحكومة على خلفية البرنامج السياسي المفترض أن يتضمنه البيان الوزاري الذي يُنتظر أن يبصر النور مساء يوم الجمعة (اليوم) على حد قول حمادة، فإن حمادة يطمئن الى أنه لمس تفاهماً بين أعضاء الحكومة في جلستهم الأولى على الثوابت السياسية الكبرى، على اعتبار أن هناك تفاهماً مسبقاً بين الكتل النيابية الكبرى على هذه الثوابت، وأن النقاط السياسية التي طُرحت في الجلسة أظهرت أن لا صعوبة في صياغة البيان الوزاري، إذ "لم أشعر بأن هناك تباينات عميقة في الطروحات السياسية التي نوقشت بشكل أولي، وإنما هناك خلاف إذا وجد في ترتيب الأولويات بين من يطالب مثلاً بجعل الحريات في مقدمة الأولويات، فيما نطرح نحن المقاومة في رأس هذه الأولويات". مشيراً إلى النقاط الأساسية التي سيتضمنها البيان الوزاري وتتركز على: حماية المقاومة، معالجة الوضع الاقتصادي، محاربة الفساد والقيام بالإصلاحات المطلوبة، تحسين العلاقة مع الشقيقة سوريا، إضافة إلى الحريات العامة ونقاط سياسية أخرى.‏‏

ولعل الميزة الأساسية التي توقف عندها الوزير حمادة هي اشتراك حزب الله للمرة الأولى وبشكل مباشر في التشكيلة الحكومية، "ما يعني أن تغيراً سياسياً كبيراً استجد في الحياة السياسية اللبنانية. وكما أن حزب الله معطاء في جهاده ضد العدو الإسرائيلي سيكون أيضاً مبدعاً ومضحياً في عمله الحكومي".‏‏

حسين عواد‏‏

الانتقاد/ محليات ـ العدد 1119 ـ 22 تموز/يوليو 2005‏‏

2006-10-30