ارشيف من : 2005-2008

نتقدم ...إلى أين!

نتقدم ...إلى أين!

ما أن يظن اللبنانيون أنهم تقدموا خطوة إلى الأمام حتى تنفجر بوجههم المزيد من الهواجس والمخاوف التي تعيدهم خطوات إلى الوراء، وكأن لبنان أصبح كتاباً مفتوحاً تقلب صفحاته حسب اتجاه الرياح، فتارة تتسارع وتيرة فتح الصفحات إلى الأمام عند هبوب رياح شرقية، وأخرى تعيدها إلى الوراء بسرعة أكبر نتيجة رياح غربية، والنتيجة عدم استقرار على طي صفحة من الصفحات!‏

وعلى الرغم من رغبة اللبنانيين في طي كل الصفحات السوداء وفتح صفحات بيضاء جديدة، تصطدم هذه الرغبة بتجارب الماضي وتجاوز الأخطاء ومعالجتها بمزيد من الأخطاء، والوقوع مجدداً في الخطأ نفسه!‏

الدافع إلى هذا الاستنتاج، ربما يكون "النجاح" في تشكيل الحكومة بعد فترة ليست قصيرة من التجاذبات والمماحكات حول الأحجام والحصص، وربما يكون التشكيل المهمة الأسهل إذ أن ما بعده أكثر تعقيداً وتشعباً، ويحتاج مزيداً من النضج للوصول إلى بر الأمان.‏

يدرك الجميع أن سفينة الوطن لا تزال وسط بحر متلاطم من الأزمات والمواقف والرؤى المختلفة التي لا يمكن تجاوزها بالاندفاع إلى الأمام، بحيث نكتفي فقط بالانطلاق إلى المجهول لنقول إننا نتقدم، وإذ بنا نتقدم فقط نحو قلب العاصفة!‏

ثمة أكثر من سبب يدعو للقلق مع كل خطوة إيجابية، إذ أن الأحداث الماضية علمتنا أن عند حدوث إيجابية ما سرعان ما يغطيها حادث دراماتيكي من هنا أو من هناك والنتيجة واحدة، استمرار حالة القلق وعدم الاستقرار، والشواهد على ذلك كثيرة، ولكن العبرة من ذلك تبدو غير حاضرة وبعيدة كل البعد عن الخطاب والأداء السياسي والسلوك والممارسة.‏

أما آن أن ننضج ونستلهم العبر من تجارب الماضي لفتح صفحة مستقبل بيضاء ناصعة ليعود لبنان الأبيض كما كان؟‏

سعد حمية‏

الانتقاد/مجرد كلمة ـ العدد 1119 ـ 22 تموز/يوليو 2005‏

2006-10-30