ارشيف من : 2005-2008

الأسرى المحررون يدينون من معتقل الخيام العفو عن العملاء

الأسرى المحررون يدينون من معتقل الخيام العفو عن العملاء

الانتقاد/ ملف "العملاء أداة إسرائيلية ـ العدد 1121 ـ 5 آب/أغسطس 2005‏‏

لاقت الدعوات التي صدرت مؤخراً بالعفو عن العملاء اللحديين، وكان آخرها ما صدر من بعض النواب أثناء الجلسة النيابية الأخيرة التي خصصت لمناقشة البيان الوزاري، موجة استنكار كبيرة وعارمة من قبل الأسرى المحررين وعائلاتهم الذين عبّروا عن استيائهم الشديد لمثل هذه الخطوة بأن توجهوا بالعشرات إلى معتقل الخيام، واعتصموا هناك منددين، ومستذكرين كل الآلام التي عانوا منها على أيدي هؤلاء العملاء قبل أن تطلقهم أيادي مجاهدي المقاومة الإسلامية. وكان معتقل الخيام غص مجدداً، بالمئات من الأسرى المحررين وعائلاتهم، الذين توافدوا إليه من مختلف المناطق اللبنانية والجنوبية، ليعربوا عن أشد استنكارهم، للأصوات "الهاتفة من هنا وهناك، الداعية للعفو عن العملاء".‏‏

أمس، عاد العشرات، بل المئات، من الأسرى والأسيرات المحررين، إلى زنزاناتهم، التي كوت أجسادهم تحت سيل التعذيب وأعتى أنواع القهر، التي مارسها العملاء بحقهم، فاعتصموا في داخل هذه الزنزانات، وأمام أعمدة التعذيب، وفي ساحات المعتقل، وهتفوا ضد العملاء والجلادين و"إسرائيل".‏‏

بعدها تجمعوا في "استراحة المعتقل" يتقدمهم النائبان مروان فارس وعبد المجيد صالح والنائب السابق نزيه منصور ورئيس بلدية الخيام علي زريق؛ وحشد من مسؤولي حزب الله وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي والجماعة الإسلامية والحزب السوري القومي الاجتماعي، ومن مختاري القرى والبلدات والهيئات النقابية والاجتماعية والإنسانية.‏‏

وتحدث الأسير المحرر ديغول أبو طاس من رميش باسم الأسرى فقال: "من هنا، من المكان الذي أصبح شاهداً تاريخياً على جرائم العدو وعملائه، نطلق في وجوه بعض الذين ينادون بالعفو عن العملاء، صرختنا، ونقول لهم: لا تمعنوا في نكء جراحنا حتى لا تتحول دماملها قنابل متفجرة؛ ولا يغرينّكم صمت أعمدة التعذيب هنا، فتظنون أنها بلا ذاكرة، إنها تكاد من كثرة وقاحتكم وتصلفكم أن تنتفض وتصفع وجوهكم. اسألوا زنازين العتمة لو نطقت! اسألوا الضحية قبل حنوكم على القاتل! اسألوا الأرض عن ساحات التعذيب التي ما زالت تختزن حفيف أقدامنا وأجسادنا العارية والأنفاس الأخيرة التي لفظها شهداؤنا الذين سقطوا جراء التعذيب الوحشي، على أيدي تلامذة بني صهيون من عملاء لحد وزمرته، من حاملي الجنسية الإسرائيلية والذين لم يتسن لهم الحصول عليها بعد...".‏‏

ثم تحدث النائب عبد المجيد صالح باسم حركة أمل والنائب السابق نزيه منصور والنائب مروان فارس باسم الحزب السوري القومي الاجتماعي والمسؤول السياسي للجماعة الإسلامية في الجنوب الأسير المحرر بسام حمود، ثم الشيخ حسن عز الدين باسم حزب الله، فاعتبر ان "قضية العملاء هي قضية سياسية بامتياز، وأن أي مشروع عفو عن العملاء وقتلة المؤمنين والأبرياء يدخل لبنان في فتنة ومزيد من الانقسام، ويجعل الساحة اللبنانية مستباحة أمام العدو الصهيوني. إن العميل لا هوية أو طائفة أو دين له سوى الخيانة، إن اليد التي تمتد حاملة سلاح العدو ضد لبنان يجب قطعها بمقتضى القوانين الدولية والوطنية والأعراف والشرائع السماوية".‏‏

هيئة الأسرى ترفض العفو عن العملاء و"عاصمة المقاومة" تؤكد شجبها‏

لمناسبة مرور 23 عاماً على مواجهة الاجتياح الإسرائيلي لبيروت، وتكريماً لشهدائها وجرحاها، نظم تكتل الجمعيات والهيئات الأهلية لدعم المقاومة والانتفاضة لقاءً أهلياً في مقر نقابة الصحافة تحت عنوان "بيروت عاصمة للمقاومة"، شارك فيه عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب أمين شري والنائب مروان فارس وحشد من ممثلي الجمعيات والهيئات الأهلية البيروتية، وممثلون عن المنظمات والهيئات الفلسطينية، وحشد من الشخصيات والأهالي.‏

وألقيت كلمات عدة توقفت في معظمها عند مشروع العفو عن العملاء اللحديين، فشدد المدير العام "لرابطة أبناء بيروت" إبراهيم كلش على رفض "أي مشروع للعفو عن العملاء الذين ساعدوا وساهموا ودعموا استمرار احتلال العدو الصهيوني لأراضٍ شاسعة".‏

وأكد محمد أنور البعاصيري باسم "لقاء بيروت الاجتماعي" دعم المقاومة واستمرار التوحد حولها في وجه كل القرارات الدولية ومخططات العدو.‏

وكانت هيئة ممثلي الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الإسرائيلي قد أصدرت بياناً استنكرت فيه الأصوات الداعية إلى استصدار قانون للعفو عن العملاء الذين أمعنوا على مدار أكثر من خمسة وعشرين عاماً تعذيباً وتنكيلاً بالمدنيين والأسرى في الجنوب المحتل، داعية الحكومة اللبنانية والسلطات القضائية المختصة إلى حجب الجنسية اللبنانية عن كل الخونة الذين فروا مع الاحتلال في العام 2000 وحازوا الجنسية الإسرائيلية.‏

وأكد البيان أن القانون الدولي لا يحمي العملاء والخونة لكونهم مجرمي حرب، ولكونهم مارسوا كل أصناف التعذيب، والإبعاد، والطرد التعسفي من مناطق الشريط المحتل، هذا فضلاً عن قتل المدنيين والتمثيل بجثث المقاومين.‏

وحذر البيان باسم تسعة آلاف أسير لبناني تعرضوا إلى أقسى أنواع التعذيب النفسي والجسدي على أيدي هؤلاء من فتنة يكون سببها تلك الأصوات الداعية إلى استصدار قانون العفو عن هؤلاء الخونة الذين قتلوا الأسرى تحت التعذيب، وعوّقوا القسم الأكبر منهم دونما أية مراعاة لكبر سنهم والأمراض التي تعتريهم جراء تعذيبهم والتنكيل بهم.‏

ولام البيان الحكومة لأنها تسمح لهذه الأصوات أن ترتفع في حين أن عدداً كبيراً من الأسرى المحررين الذين ضحوا بسنوات عمرهم داخل سجون العدو الصهيوني وعملائه لم يحصلوا على تعويضاتهم بعد من وزارة المالية منذ صدور القانون في العام 2001.‏

مواقف منددة بالسعي للعفو عن العملاء‏

النقاش الذي أثير مؤخراً في الجلسات النيابية الأخيرة حول مطالبة بعض النواب بالعفو عن العملاء اللحديين أثار موجة استنكار عارمة في الأوساط السياسية والشعبية على حد سواء، وفي هذا الإطار تساءل نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم عن الهدف من طرح هذه الفكرة في هذا التوقيت بالذات؟ من هو المحرض لها في لبنان وخارج لبنان؟ ومن الذي يفكر أن يعيد لبنان إلى دائرة الفتنة من خلال وجود هؤلاء الذين يمثلون الأيادي السوداء في "إسرائيل"، والذين كانوا سببا لمجازر وقتل وآلام كثيرة سببوها للشعب اللبناني الأبي.‏

وقال "في قناعتنا أن كل تفجير حصل أو سيحصل في هذه المرحلة في لبنان هو إما من صنع إسرائيلي، وإما أنه يحقق هدفا إسرائيلي".‏

وأكد أن قضية العملاء قضية سياسية وليست قضية إنسانية، فهؤلاء أسسوا جيشا كان في خدمة "إسرائيل"، وهؤلاء قبضوا الرواتب من أجل أن يقتلوا، وهؤلاء حصلوا على تعويضات أجراً لخدماتهم، وقبضوا مقطوعات مالية مختلفة ثمنا لجرائم متنقلة أحدثوها في بلدنا، ومن كان بريئا فليذهب إلى القضاء اللبناني ويثبت براءته. أما من كان مجرما فيجب أن يحاكم ويعاقب لنمنع إمكانية الإجرام أو إعطاء الأوسمة للخونة في لبنان، وإلا سنعوِّد بلدنا وسنعوِّد الكثيرين على أن يكونوا عملاء لـ"إسرائيل". وسأل إذا كانت فرنسا وأميركا والدول الأوروبية رفضت أن تستقبل العميل انطوان لحد عندها لأنهم رأوا فيه وباءً خطراً على الأمن في بلدانهم، فكيف نقبل به نحن وهو الذي صنع ما صنع في لبنان!، وقال هل تعلمون أن بعض هؤلاء حصلوا على جنسية إسرائيلية، ويفترض أن من حصل على الجنسية الإسرائيلية أن يجرد من الجنسية اللبنانية لأنه اختار بلدا عدوا، ولأنه اختار اتجاها لا يصلح التعاطي معه على الإطلاق.‏

من جهته أكد الوكيل الشرعي للإمام الخامنئي في لبنان سماحة الشيخ محمد يزبك أنه لا يعقل أن يقال إن المصالحة الوطنية تتوقف على إصدار عفو عن لحد ومن معه من العملاء"، متسائلا: "لماذا لا يقبل إحالتهم على القضاء اللبناني؟ وهل في ذلك منقصة؟ أيريد البعض إعطاء هؤلاء مكافأة على ما اقترفوه من جرائم؟ وماذا تقولون لعوائل الشهداء والجرحى وللدماء التي لا تزال جارية على ارض الجنوب؟ وماذا يقال للمعاقين؟ أليست خيانة لهم؟، لافتاً إلى أنه "حتى بعض قادة العدو قال بعدما اتهم لحد "إسرائيل" بالتخلي عنه، انه لا يمكن للمجتمع الصهيوني أن يتقبل أناسا خانوا وطنهم.‏

وسأل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد "لماذا آثر العملاء الذهاب إلى "إسرائيل" برفقة عيالهم وأطفالهم، ولم يسلموا أنفسهم إلى القضاء اللبناني. وقال "ان الذين يطلبون العفو لهؤلاء، يريدون منا أن نمنحهم الجوائز، ونعتذر عن الجلاد والقاتل، وعلى الذين يتحركون في هذا الاتجاه، أن يذعنوا لمنطق العيش المشترك ومنطق المصالحة الوطنية والحفاظ على الوحدة الوطنية في هذا البلد".‏

وأكد مسؤول منطقة الجنوب في حزب الله فضيلة الشيخ نبيل قاووق ان "ملف العفو عن العملاء لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالمصالحة الوطنية، بل ان طرح هذا الملف يشكل خطرا على المصالحة الوطنية والاستقرار، ويمكن ان يشكل استدراجا للضغوط الخارجية". ولفت إلى أن "حزب الله ليس ضد العودة للعملاء إلى المحاكم والسجون، لأننا لسنا من اختار لهم البقاء تحت مذلة العيش مع الإسرائيليين". وقال "إن قضية العملاء لا تتعلق بطائفة وليست قضية المسيحيين أو الشيعة أو السنة أو الدررز". وأكد الإصرار على "ضرورة محاكمة العملاء المجرمين الذين خانوا وطنهم"، مذكرا بأن "قضية العفو عن العملاء لا ترتبط بمنطقة، إنها قضية وطنية بامتياز، والموقف الوطني منها يفرض على جميع الشرفاء المطالبة بمحاكمة العملاء".‏

ودان لقاء الأحزاب والقوى اللبنانية في الجنوب "الأبواق الإعلامية والأصوات التي صدرت في الآونة الأخيرة مطالبة بعودة العملاء اللحديين إلى لبنان"، مؤكداً في بيان له "أن موضوع العفو عن العملاء هو فتنة جديدة، ويشكل خطرا على الأمن الوطني والقومي ويهدد السلم الأهلي".‏

2006-10-30