ارشيف من : 2005-2008

البطريرك يأمل بأن يفتح موقف نصر الله من "المبادرة" كوة في الجدار : ماذا قال وفد حزب الله لصفير عن الحكومة والشارع والرئاسة؟

البطريرك يأمل بأن يفتح موقف نصر الله من "المبادرة" كوة في الجدار : ماذا قال وفد حزب الله لصفير عن الحكومة والشارع والرئاسة؟

حزب الله يكشف المزيد من أوراقه المخفية التي تدين حكومة السنيورة، كما فعل الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله خلال خطابه أمس الاول علما ان أوساطا مقربة من الحزب تؤكد انه ما تزال في جعبته الكثير من الوقائع التي تنتظر الافراج عنها، وفي المقابل فإن السنيورة لا يتردد في شن "هجمات مضادة" مستخدما أسلحة ثقيلة، ليس معروفا عنه أنه من هواة استخدامها في العادة.‏

وبين جولة وأخرى من المواجهة المفتوحة، يجري الحديث من حين إلى آخر عن مبادرات للتسوية، بعضها يموت قبل ان يولد وبعضها الآخر يولد ثم يموت. وحدها مبادرة بكركي التي عُرفت ببيان ثوابت الكنيسة المارونية بدا ان لها حظوظا في ان تعيش، بعدما استقطبت تأييدا واسعا لها من جهات مختلفة، بالنظر الى "غموضها البنّاء" الذي يتيح لكل طرف ان يرى فيها ما يناسبه.‏

وكان لافتا للانتباه في هذا الاطار، الموقف الايجابي لحزب الله حيال المبادرة والذي عبّر عنه السيد نصر الله شفهيا أمس الاول، ثم تمت ترجمته عمليا البارحة من خلال الزيارة التي قام بها وفد من الحزب الى بكركي حيث التقى البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير، بحضور النائب البطريركي المطران سمير مظلوم وحارث شهاب، وضم الوفد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد وعضو الكتلة النائب حسن فضل الله وعضو المجلس السياسي غالب أبو زينب.‏

وفي المعلومات التي توافرت حول هذا الاجتماع، فإن وفد الحزب قدم عرضا وافيا لتسلسل الاحداث من وجهة نظره، وتحديدا منذ ان التأمت طاولة التشاور وما دار عليها وفي كواليسها مرورا بأسباب انفراط عقدها وصولا الى اتخاذ القرار باستخدام الشارع.‏

وعلم ان الوفد روى للبطريرك قصة الاتفاق الذي لم يكتمل مع النائب سعد الحريري وكيف ان الأخير عرض على الحزب خلال جلسة جانبية على هامش طاولة التشاور ان يأخذ الثلت الضامن وزيادة مقابل ان يحسم موقفه النهائي من مسألة المحكمة الدولية، "فأجبناه اننا معها وعندما يصل مشروع نظامها الداخلي نشكل لجنة مشتركة لدرسه ووضع الملاحظات عليه ثم تتم إحالته بعد ذلك الى مجلس الوزراء، وقد أكدنا له حرصنا على التعاطي الايجابي مع موضوع المحكمة، وحصل اننا تفاهمنا على هذه الصيغة ولكن حلفاءه عطلوها لاحقا، وأصبحنا نحن المُتهمين بعرض المقايضة عليهم".‏

وأبلغ الوفد البطريرك الماروني ان تمسك الفريق الآخر برفض المشاركة الحقيقية التي يفرضها النظام التوافقي المعتمد في لبنان هو الذي أقفل الباب امام الحلول السياسية ودفع المعارضة الى استخدام الحق المشروع في الاعتصام المفتوح للمطالبة بتشكيل حكومة وحدة وطنية، حتى لا يتحرك الشارع من تلقاء ذاته وتحصل تحركات عفوية قد يكون من الصعب ضبطها.‏

وهنا، تدخل صفير معبرا عن مخاوفه من مخاطر الاعتصام المفتوح في وسط بيروت كما هو حاصل اليوم، مشيرا الى ان الشارع يؤدي الى تفاقم الازمة ويثير المخاوف، ودعا الى الاسراع في الخروج منه لتجنب أي انزلاق قد يؤدي الى مضاعفات خطيرة، لان أحدا لا يمكنه ضمان ان يبقى الشارع تحت السيطرة..‏

ولكن وفد حزب الله أجابه بالقول: نحن لسنا خائفين من الشغب او الفوضى او الفتنة او الصدام، لان خطواتنا مدروسة ومحاطة بالعناية، وهدفها فقط إعادة السلطة الى رشدها واتزانها.‏

وشرح الوفد لصفير الاسباب الموجبة لمطالبته بحكومة وحدة وطنية تحوي الثلث الضامن، مشيرا الى ان الحفاظ على النظام الديموقراطي التوافقي الذي تكلمت عنه مبادرة بكركي إنما يتطلب مشاركة حقيقية من كل الاطراف والطوائف الوازنة في لبنان، متسائلا: هل ان وضع الحكومة الحالية سليم؟ وأضاف الوفد: ان فريق السلطة يحور ويدور لرفض المشاركة الفعلية.. إنه يريد ان يكون حضور الآخرين شكليا في مجلس الوزراء حتى يستطيع ممارسة التفرد والاستئثار في الحكم، ونحن نسأل "كيف نطمئن الى المستقبل في بلد شديد التنوع ما دام هناك من لا يقبل بنا شريكا فاعلا في الحكومة؟".‏

وهنا، أشاد وفد حزب الله بالمضمون العام ل"بيان الثوابت" الصادر عن الكنيسة المارونية، مشيدا بتشديده على مبدأ الديموقراطية التوافقية وبدعوته الى تشكيل حكومة وفاق وطني، ونقل الوفد الى صفير ان السيد حسن نصر الله تلقى بإيجابية هذه المبادرة "التي تتضمن نقاطا أساسية هي موضع ترحيب وتأييد من قبلنا، ونحن جاهزون لمتابعتها معكم بعد الاتفاق على أجندة وآلية تطبيقها..".‏

وأبلغ الوفد البطريرك الماروني بأن حزب الله يرى انه من الافضل ان تسير الامور من السهل الى الاصعب، لافتا انتباهه الى ان تشكيل حكومة وحدة وطنية تحقق الشراكة هو أسهل في الظرف الحاضر من الخوض في ملف رئاسة الجمهورية، وخصوصا اننا حاولنا خلال جلسات الحوار الاتفاق على تسوية لهذه المسألة ولم ننجح لان الطرف الآخر يريد منا ان نؤمن له النصاب القانوني لكي يختار هو رئيس الجمهورية.‏

إلا ان صفير لفت انتباه زواره الى انه "سبق لنا في لبنان ان خضنا تجربة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة تفضي الى انتخاب رئيس جديد يتعايش مع الرئيس الموجود حتى انتهاء ولايته، طارحا إمكانية ان يتوافق الجميع على رئيس جديد".‏

وجاء الجواب من وفد "حزب الله" بأنه جرت في الاشهر الماضية محاولة للتفاهم على مرشح لرئاسة الجمهورية ولكنها تعثرت، مشيرا الى ان قوى الطرف الآخر ليست متفاهمة على مرشح واحد، "ثم إذا كانوا لا يقبلون بنا شركاء في الحكومة فكيف سيقبلون بنا شركاء في اختيار رئيس الجمهورية".‏

وحسب مقربين من بكركي، فإن صفير الذي كان مرتاحا الى مسار النقاش خلال اللقاء، أعرب عن قلقه من الوضع العام السائد في البلد، معتبرا ان هناك حاجة الى ترتيب متكامل لهذا الوضع، وخلافا لعادة البطريرك خلال استقبال زواره في الاكتفاء بالتركيز على مبادئ عامة، بدا البارحة مهتما بالخوض في التفاصيل ومناقشتها، وهو قال لوفد الحزب إن المبادرة التي أطلقتها الكنيسة المارونية هي سلة واحدة وإن الترتيب المعتمد في تبويب بنودها ليس تسلسليا، ونقل عنه أحد الذين التقوه بعد مغادرة وفد "حزب الله" أنه يأمل في ان يفتح موقف السيد نصر الله الايجابي حيال مبادرة الكنيسة المارونية كوة في جدار الازمة، لعل تسوية ما تمر عبرها.‏

المصدر: صحيفة السفير اللبنانية‏

2006-12-09