ارشيف من : 2005-2008

سجال لا يلغي الجمود السياسي وأدواته الملفات الآنية:فتح معارك أم رسائل بالجملة لمن يعنيهم الأمر؟

سجال لا يلغي الجمود السياسي وأدواته الملفات الآنية:فتح معارك أم رسائل بالجملة لمن يعنيهم الأمر؟

الانتقاد/ مقالات ـ العدد 1124 ـ 26/8/2005‏

تغرق الساحة المحلية في حالة من المراوحة والجمود المريب الذي يبدو أن مدته ستطول.. ولم يخرق هذه الرتابة سوى السجال الذي أطل برأسه مجدداً وأخذ شكل الحملات المتبادلة بين ائتلاف 14 آذار من جهة وفريق رئيس الجمهورية من جهة أخرى حول ملف التعيينات الأمنية والقضائية المجمدة حالياً نتيجة الخلافات حولها، واتهام رئيس الجمهورية بعرقلة هذه التعيينات، ورد القصر الجمهوري بإدراج هذا الملف على جدول أعمال مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة رداً على الحملات التي استهدفته مستفيدة من الانفجار الذي حصل في الزلقا للتصعيد.‏

ويبدو أن هذا السجال مرشح للتصعيد، خصوصاً أن الحملات المتبادلة تشعبت لتطال أكثر من جهة، وجرى التراشق فيها بملفات آنية وأخرى لم يحن أوان فتحها بعد بانتظار صدور نتائج لجنة التحقيق الدولية حول قضية اغتيال الرئيس الحريري.‏

ولكن البارز أن هذا السجال ذهب في بعض مراحله إلى الإيحاء بأن معركة رئاسة الجمهورية قد فُتحت عندما حدد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط القوى التي لها وحدها حق تسمية الرئيس الجديد للجمهورية وحصرها بالحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل والقوات اللبنانية، وفي وقت لاحق بنواب قرنة شهوان وحزب الله وحركة أمل. وتزامن هذا الموقف مع هجوم عضو اللقاء الديمقراطي النائب انطوان اندراوس في المناسبة ذاتها (مهرجان رياضي للقوات اللبنانية) على الرئيس اميل لحود، داعياً الى التخلص من النظام الأمني وعلى رأسه رئيس الجمهورية والوزير السابق سليمان فرنجية، وهو ما أوحى بأن هناك هجوماً منسقاً.‏

مصادر متابعة اعتبرت تصريح جنبلاط في هذا التوقيت الدقيق يهدف إلى قطع طريق الرئاسة أمام رئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون وحلفائه، والرد على بعض الدعوات التي رشحت عون.‏

وتتابع المصادر: إن جنبلاط يدرك جيداً أن معركته مع رئيس الجمهورية لن تكون رابحة إذا ما أتى عون أو أي من حلفائه إلى سدة الرئاسة، وهذا يعني أن ما تحقق من انتصارات في الانتخابات وغيرها لم تترجم عملياً على مستوى الإمساك بالسلطة ما دام القصر الجمهوري خارج إطار السيطرة.‏

وتتابع المصادر: أراد جنبلاط التذكير بمواقفه المعروفة من خلال استهدافه ووزراءه ونواب اللقاء الديمقراطي للنظام الأمني، كما أراد أن يقول بحسب المصادر إن ملف الرئاسة لا ينحصر بطائفة معينة، بل إن الأطراف الأخرى المتحالف معها شريكة في هذا الملف. وفي هذا الكلام رسالة موجهة إلى أطراف سياسية وروحية كان لها دورها في في تكريس الواقع الحالي على الساحة المسيحية.‏

لكن الحزب التقدمي نفى أن يكون زعيمه قد فتح معركة الرئاسة أو أنه يرد على العماد عون, وأوضح عضو قيادة الحزب النائب وائل أبو فاعور لـ"الانتقاد" أن كلام جنبلاط "رد سياسي على كلام سياسي صدر بترشيح بعض الأسماء للرئاسة"، من دون أن يسمي الجهة المقصودة. وقال: "إن منطق الأمور يقول إن الكتل النيابية هي التي تقرر، وليس أي إملاء خارجي أو اتصالات خارجية".‏

كما نفى أبو فاعور أن يكون هذا الكلام رداً على عون، مبرراً عدم إدخاله في معادلة القوى التي حددها جنبلاط لكون عون قد أخرج نفسه من التفاهم الوطني الكبير الذي انبثق عن الانتخابات النيابية، والذي يضم كلاً من التقدمي وتيار المستقبل والحركة الإصلاحية الكتائبية وقرنة شهوان وحزب الله وحركة أمل. وبالتالي ـ يضيف أبو فاعور ـ "هذا التحالف هو الذي سيقرر رئيس الجمهورية العتيد".‏

ويؤكد أبو فاعور الذي أبدى احترامه لبكركي وما تمثله "أن الشأن الرئاسي تقرره الكتل النيابية الكبيرة، وبالتالي ليس الكنيسة المارونية".‏

وفي إشارة ذات مغزى، ينفي أبو فاعور أي ربط بين كلام جنبلاط وتقرير ميليس المتوقع، لكنه يأمل أن تكون نتائج التحقيق الدولي معطى جديداً في الموضوع الرئاسي، مع دعوته إلى عدم التسرع في الأحكام وانتظار النتائج حتى تظهر".‏

في المقابل يتهم التيار العوني "البعض" بطرح اسم العماد عون للرئاسة بهدف خلق الإشكالات التي تؤدي إلى إفرازات سياسية يستطيع من خلالها هذا "البعض" اللعب على التناقضات والاستمرار في سياسة الاستقطاب.‏

وينفي بشدة صهر العماد عون جبران باسيل أن يكون عون مرشحاً إلى الرئاسة أو أنه يَطرح نفسه لهذا الأمر، خاصة في هذا التوقيت بالذات، "حيث البلد بحاجة إلى أمور أهم بكثير تتعلق بالأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية".‏

ويلفت في هذا الإطار إلى أن طرح هذا الأمر في هذه اللحظة السياسية يعني الهروب من تحديات تواجه الحكومة على المستويات كافة من خلال توجيه الأنظار باتجاه آخر كلياً, خاصة "أن فتح الملف الرئاسي لم يحن بعد". لكن باسيل يستغرب كيف ينصب جنبلاط نفسه في موقع الوكيل عن جميع اللبنانيين باختيار رئيسهم، مبدياً انزعاج الشارع المسيحي من كلام جنبلاط، مشيراً إلى أن هذا الشارع قد قرر من هو زعيمه السياسي من خلال الانتخابات, ويدعو جميع السياسيين من جنبلاط وغيره إلى الاكتفاء بمن يمثلون فقط، "لأنه ليس في أيديهم مفاتيح السماء".‏

ويختم باسيل بالربط بين هذا الاستعجال وفتح ملف الرئاسة بالتحقيق الدولي بتساؤل عما إذا كانوا يعرفون محتويات التقرير سلفاً، وما إذا كانوا يبنون مواقفهم على أساسه؟!‏

مروان عبد الساتر‏

2006-10-30