ارشيف من : 2005-2008

"الانتقاد" تتابع نشر ملفات العملاء الفارين(4) ـ عملاء الداخل: تخريب الإقتصاد الوطني وصفقات مالية مع العدو

"الانتقاد" تتابع نشر ملفات العملاء الفارين(4) ـ عملاء الداخل: تخريب الإقتصاد الوطني وصفقات مالية مع العدو

الانتقاد/ ملفات ـ العدد1124 ـ 26ـ آب/أغسطس 2005‏

لا تقتصر شهوة المطالبة بالعفو عن العملاء عند البعض، على الحرص على أولئك المنضوين عن قناعة راسخة وإدراك تام، في ميليشيا أنطوان لحد، بل تتعدّاهم لتشمل سياسيين ورجال أعمال ومال واستخبارات، لطالما أساؤوا عن قصد وعن سوء نية، إلى لبنان، دولة وشعباً ومؤسسات، وارتكبوا جرائم عنصرية مقيتة، وحضّوا على الذبح على الهوية، وإزهاق الأرواح من دون هوادة، واختلاس الأموال العامة، وادعاء الإفلاس الإحتيالي لنهب لقمة عيش الفقراء، وتمويل شبكات التجسّس التخريبية، وقتل رجالات الدولة كالرئيس الشهيد رشيد كرامي، ووضع سيّارات مفخّخة لقتل الأبرياء من المواطنين كيفما كان، وكيفما اتفق، وذلك في سبيل تهيئة الأجواء السياسية والأمنية المريحة للعدو الإسرائيلي.‏

فلو قيّض لقانون العفو المزعوم أن يبصر النور، فإنّه يطال أيضاً، شخصيات سياسية وحزبية يؤكد انتماؤها أنّ المطالبة بالعفو ليست وليدة المصادفة والتحنّن على عملاء لحد، بل هي مدروسة في أروقة سفارات دول الوصاية الجديدة، خصوصاً إذا ما دقّقنا ملياً في الأسماء المقترحة لمثل هكذا عفو.‏

فمن مراجعة السجلات الموجودة بكثرة، في المحكمة العسكرية الدائمة، يتضحّ أنّ هنالك أحكاماً صدرت بالجملة والمفرق، وبعقوبات مختلفة، وأزمنة متعدّدة، وملفات متنوعة، على كلّ من العملاء رئيس تنظيم "حرّاس الأرز" إتيان قيصر صقر المكنّى بـ"أبي أرز"، ورجل الاستخبارات الأميركية وصديق الصهيونية في الشرق الأوسط الملياردير روجيه تمرز، ورئيس جهاز الأمن في ميليشيا "القوات اللبنانية" غسّان توما. ولكلّ واحد منهم حكايته "المشوّقة" في التعامل مع قوّات الاحتلال وجهاز "الموساد" بدرجة رفيعة تنمّ عن احتضان واسع لهم، وذلك لما لهم من "أيدٍ بيضاء" في خدمة الكيان الصهيوني.‏

فصقر كان مقرّباً من شخصيات بارزة، وتمرز هو حليف "مرشد" اتفاق 17 أيار /مايو المذلّ ديفيد كيمحي، وتوما كان الساعد الأيمن الأمني والتنفيذي لتحقيق كلّ ما يطلبه منه سمير جعجع عندما كان أحد أمراء الحرب الأهلية اللبنانية.‏

فهل غاية المتباكين على العملاء والمتحمّسين للعفو عنهم، إحياء الشعارات السمجة التي دأب العميل بامتياز، صقر، على إطلاقها، والداعية إلى قتل الفلسطينيين بأعصاب باردة وإبادتهم عن بكرة أبيهم لئلا يفكروا يوماً في العودة إلى أرضهم وديارهم وحقّهم المقدّس، وإحداث مجازر شبيهة بمجزرة صبرا وشاتيلا التي لطالما تباهى بمشاركته فيها، وتطبيق نصوص اتفاق 17 أيار (مايو) من العام 1983، مع ما تتضمّنه من إهانة سياسية واجتماعية للبنان الذي نريده حراً ومستقلاً وسيّد نفسه وقراراته وزمام أموره؟ وهل الدافع تعويم اتفاقيات جديدة بشخصيات قديمة معروفة بباعها الطويل في هذا المجال، وسحق الكرامة العربية القائمة على رفض المحتلّ ومقاومته حتّى الرمق الأخير؟‏

إذاً، من هم هؤلاء العملاء البارزون؟‏

ولد تمرز في العاصمة المصرية القاهرة في العام 1940 (والده إدوار، من مواليد مدينة صيدا، والدته مارغريت، ورقم سجلّ نفوسه 612 الباشورة) وهو من أصول كلدانية. سافر إلى الولايات المتحدة الاميركية في العام 1963، واستطاع أنْ يحصل على جنسيتها.‏

يحفل تاريخ تمرز بالكثير من الموالاة للسياسة الأميركية والارتباط بوكالة استخباراتها ال"سي.أي.أيه" والاتصال بزعماء الصهيونية وقادة العدو، ولم يتأخّر للحظة واحدة عن الارتهان لهم حتّى خسر شخصيته، فتعامل وتعاون معهم على غير صعيد أمني وسياسي ومالي، ما أهّله لأن يلعب أدواراً مختلفة في لبنان وخارجه.‏

فقد كشف تمرز أثناء مثوله أمام القضاء الفرنسي عن أنّه عمل بإرادته وكامل وعيه، عميلاً للاستخبارات الأميركية، وأنّه حافظ على مصالح أميركا في الشرق الأوسط من خلال حضوره القوي في المؤسسات المالية، إذ أنّه كان يملك بنك "الاعتماد اللبناني" قبل أن تضع الدولة يدها عليه وتبيعه في شهر تموز/ يوليو من العام 1997، وانتخب عضواً في مجلس إدارة بنك "المشرق" التابع لشركة "إنترا" للاستثمار، في 5 أيلول/ سبتمبر من العام 1982، ورئيساً لمجلس الإدارة في 9 كانون الثاني/ يناير من العام 1983 ولغاية 18 كانون الثاني/ يناير من العام 1989، وتمكّن من اختلاس بعض أمواله، فأصدر القضاء اللبناني بحقّه خمس مذكّرات توقيف غيابية.‏

ففي 28 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 1990 أصدر رئيس محكمة الإفلاس في بيروت القاضي عدنان عضوم قراراً أعلن فيه توقّف البنك المذكور عن الدفع، ثمّ أصدر النائب العام التمييزي القاضي موريس خوّام مذكّرة بحث بواسطة الأنتربول الدولي، بحقّ تمرز واسترداده إلى لبنان بتهمة إساءة الأمانة.‏

التقى تمرز رئيس وزراء العدو الأسبق مناحيم بيغن في شهر نيسان/ أبريل من العام 1983، لوضع نظام من أجل "التوصّل إلى السلام"، وشارك بشكل خفي في توقيع اتفاق 17 أيار.‏

طارد القضاء العسكري تمرز منذ 9 كانون الثاني من العام 1996 عندما أصدر قاضي التحقيق العسكري الأول رياض طليع مذكّرة توقيف غيابية بحقّه بسبب اتصاله بالعدوّ الإسرائيلي وإجرائه صفقة مالية معه، وظهوره في العام 1993 مع السفير الإسرائيلي المتجوّل وصديقه الحميم ديفيد كيمحي الذي طلب منه مبلغاً من المال مقداره 400 مليون جنيه إسترليني من أجل تعويم شركة روبرت ماكسويل في العاصمة البريطانية لندن. وماكسويل هذا، هو من ساعد اليهود السوفيات على الانتقال إلى فلسطين المحتلة لتحصين الاحتلال بالمستوطنين والمستعمرات والزيادة الديموغرافية، وقد قضى غرقاً بعد اختفائه في ظروف غامضة من يخته الخاص في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 1991، وكان كيمحي قد عرّفه إلى تمرز للاستفادة من خيراته المالية.‏

وأصدرت المحكمة العسكرية الدائمة حكماً غيابياً بوضع تمرز في الأشغال الشاقة مدّة 15 عاماً بتهمة الإتصال بالإسرائيليين، وجرّدته من حقوقه المدنية.‏

علي الموسوي‏

2006-10-30