ارشيف من : 2005-2008
لجنة التحقيق الدولية "تصطحب" قادة الأجهزة الأمنية السابقين "كمشتبه بهم"
الانتقاد/ تقرير ـ العدد 1125 ـ 2 أيلول/سبتمبر 2005
تسارعت المستجدات القضائية المتعلقة بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع استدعاء ثلاثة من قادة الأجهزة الأمنية السابقين وقائد الحرس الجمهوري والتحقيق معهم "كمشتبه بهم"، وتوّجت هذه التطورات بمؤتمر عقده رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي ديتليف ميليس حيث تلا بياناً موجزاً، ثم رد بإسهاب على أسئلة الصحافيين وتمنّع عن الإجابة على بعض الأسئلة ذات العلاقة بمجريات التحقيق، وأعقبه مؤتمر آخر في القصر الجمهوري لمستشار رئيس الجمهورية للشؤون الإعلامية رفيق شلالا.
المؤتمر الذي عقده ميليس جرى وسط إجراءات أمنية مشددة اقتضت استبدال مكان المؤتمر الذي كان مقرراً عقده في الكورال بيتش ثم في مقر اللجنة الدولية في فندق المونتفيردي مساء، ومن ثم نقل الصحافيين إلى فندق برينتانيا.
وعلى الرغم من أن المؤتمر دام قرابة الساعة ونصف الساعة في حديثه الثاني مع وسائل الإعلام بعد شهرين من مؤتمره الأول، إلا أن أهم ما يمكن التوقف عنده في ما أورده التالي:
ـ إن التحقيق يسير على قدم وساق، وأحرز تقدما على جبهات عدة، ويتحرك في اتجاهات مع عدد من الخطوط الهامة ومع عدة دول أعضاء في الامم المتحدة.
ـ حددت اللجنة خمسة مشتبه بهم و"أن قرينة البراءة قائمة"، وكرّر أكثر من مرة "أن المشتبه بهم ليسوا مدانين ويجب النظر اليهم كأبرياء".
ـ التوضيح أن الاقتراح على المدعي العام بالتوقيف الدائم لأربعة من المشتبه بهم الخمسة لضمان بقائهم داخل لبنان وألا يغادروا البلد".
ـ اعرب ميليس عن اعتقاده بأن اللجنة لن تتمكن من الانتهاء من عملها في 15 ايلول/ سبتمبر كما كان مقررا.
ـ اللجنة حتى الآن لا تتعامل مع أي مشتبه من سوريا، وأن الطلب من الحكومة السورية هو الاستماع إلى بعض المسؤولين الأمنيين كشهود وليس كمشتبه بهم.
ـ التأكيد بأن ميليس طلب تعاون سوريا، وكان هناك بعض المشاكل، وأبدى تفاؤله بأن هذه المشاكل يمكن التوصل الى حل لها، مشيرا الى انه "من دون التعاون لا نصل الى صورة كاملة"، و"قد قرأت بيان الرئيس الاسد وأنا راغب ومستعد للذهاب الى سوريا".
ـ انه من السابق لأوانه الحديث عن محكمة دولية "فما زلنا في مرحلة التحقيق، وسوف يستغرق الأمر بعض الوقت للوصول الى الخطوة الثانية".
ـ التأكيد أن اللجنة لم تحصل على أي إفادات أو أدلة من "اسرائيل".
ـ "التماس مساعدة قانونية من دول ثالثة"، واعتبر هذا الطلب ضروريا لاستيضاح الامور وليس تدخلا في الشؤون الداخلية لدولة عضو في الامم المتحدة.
وكانت المستجدات القضائية بدأت يوم الثلاثاء المنصرم، عندما استفاق اللبنانيون على تحركات أوحت بأن تطوراً ما قد استجد في التحقيقات التي تجريها لجنة التحقيق الدولية، إذ أوردت وسائل الإعلام أن القوى الأمنية تحركت فجراً في منطقة الجناح والرملة البيضاء وأماكن أخرى، وسرعان ما أوضحت التسريبات المنقولة عن مصادر أمنية لبنانية أنه تم توقيف قادة الأجهزة الأمنية السابقين، مدير عام الأمن العام اللواء جميل السيد، مدير عام الأمن الداخلي اللواء علي الحاج، مدير مخابرات الجيش العميد ريمون عازار، وقائد الحرس الجمهوري العميد مصطفى حمدان، والنائب السابق ناصر قنديل.
وفي وقت لاحق أوردت وكالات الأنباء أن عملية التوقيف جاءت بناء لطلب رئيس لجنة التحقيق الدولية القاضي الألماني ديتليف ميليس، وأن القوى الأمنية استدعت قادة الأجهزة السابقين وتم استحضارهم صباحاً إلى مقر لجنة التحقيق الدولية في المونتفيردي بعد مداهمة منازلهم، في حين أن قائد الحرس الجمهوري وصل إلى مقر لجنة التحقيق بمفرده بعدما تبلغ ضرورة حضوره للمثول أمام اللجنة. وكذلك تم استدعاء النائب السابق قنديل الذي لم يكن موجوداً في منزله، وتبين أنه في دمشق فتم الاتصال به وأبلغ بضرورة حضوره أمام اللجنة فكان أن حضر وتم الاستماع إليه ومن ثم أطلق سراحه.
إلى جانب تحرك القوى الأمنية الميداني، كان ميليس يتحرك باتجاه السراي الكبير حيث التقى رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وأطلعه على آخر المستجدات القضائية لمدة ساعة غادر بعدها من دون أن يدلي بأي تصريح، ثم عقد رئيس الحكومة اجتماعاً مع قادة الأجهزة الأمنية الحاليين بحضور وزير الداخلية حسن السبع والدفاع بالوكالة يعقوب الصراف، وأطلعهم على الأجواء الأمنية والقضائية المستجدة. وفي سياق متصل عقد السنيورة اجتماعاً قضائيا حضره وزير العدل شارل رزق ومدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا.
بعد ذلك عقد الرئيس السنيورة مؤتمراً صحافياً بحضور مسؤول إعلام الأمم المتحدة في بيروت نجيب فريجي وتلا بياناً مكتوباً قال فيه انه اطلع من ميليس على "الإجراءات التي اتخذتها اللجنة صباحاً نتيجة التحقيقات التي اجرتها"، وأوضح أن اللجنة قررت استدعاء كل من السيد والحاج وعازار وحمدان، وذلك"للتحقيق معهم كمشتبه بهم"، وأنه "تم استدعاء النائب السابق قنديل للتحقيق معه كمشتبه به، ولكن تبين أنه ليس موجوداً في لبنان".
وقال السنيورة "أبلغت من ميليس، ان التحقيق مع جميع هؤلاء سيحدد الخطوات اللاحقة التي ستتخذ بحقهم".
وأوضح "أنه كانت قد جرت هذا الصباح (الثلاثاء) وبموافقة النائب العام التمييزي عملية تفتيش لمنازل الأشخاص المذكورين من قبل لجنة التحقيق الدولية تؤازرها قوى الأمن الداخلي، وقد تم على الأثر اصطحابهم إلى مركز لجنة التحقيق الدولية للتحقيق معهم".
ولفت الرأي العام اللبناني إلى "أن هذه الخطوة تأتي في سياق عمل لجنة التحقيق الدولية الذي لم يستكمل بعد".
وبعد اجتماعه برئيس الحكومة، قام ميليس بلقاء وزير العدل شارل رزق بحضور القاضي ميرزا وجرى التداول خلال اللقاء في ما حصل يومي 29/8/2005 و30/8/2005، وتعهد ميليس بحسب بيان لوزارة العدل "بإطلاع النائب العام التمييزي على نتائج التحقيق مع الأشخاص المذكورين أعلاه والأدلة المتوافرة بحقهم، واقتراح اللجنة بشأنهم، تاركاً للقضاء اللبناني اتخاذ القرار المناسب في ضوء القوانين اللبنانية وقرار مجلس الأمن الدولي 1595، ومذكرة التفاهم الموقعة بين هيئة الأمم المتحدة والجمهورية اللبنانية".
وقال البيان الصادر عن وزارة العدل "إن لجنة التحقيق الدولية المستقلة طلبت بتاريخ 29/8/2005 من النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا إعطاء الموافقة على الاستعانة بقوى الأمن الداخلي لتنفيذ مداهمات وتفتيشات واصطحاب أشخاص إلى التحقيق، وقد أعطيت الموافقة".
وأضاف البيان أن النائب العام التمييزي تلقى صباح اليوم (الثلاثاء) من المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي كتاباً يبلغه تنفيذ المهمة الموكلة إلى عناصر قوى الأمن الداخلي.
وفي وقت لاحق أصدر مركز الأمم المتحدة للإعلام في بيروت بياناً أكد المعلومات التي أعلنها رئيس الحكومة في مؤتمره الصحافي وما أوردته وزارة العدل.
وفيما عاد النائب ناصر قنديل فجر الأربعاء إلى منزله كان قادة الأجهزة الأمنية الثلاثة السابقون وقائد الحرس الجمهوري يخضعون للاستجواب، وقال بيان لوزارة العدل "ان المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا تسلم قرابة الساعة الثانية عشرة ظهراً (الأربعاء) الملفات العائدة لبعض المستجوبين أمام لجنة التحقيق الدولية المستقلة المكلفة بالتحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري".
وأوضح البيان "أن جميع الملفات باللغة الإنكليزية وتبلغ مئات الصفحات، ويجري العمل على ترجمتها إلى اللغة العربية تمهيداً لدراستها واتخاذ القرار المناسب في شأنها وفقاً للأصول القانونية".
وذكّر البيان بمبدأ قرينة البراءة الذي بموجبه يقتضي اعتبار كل انسان سواء أكان مشتبهاً به أو متهماً بريئاً حتى تثبت إدانته بموجب حكم قضائي.
وفي التدابير الميدانية أيضاً قامت اللجنة الدولية للتحقيق بمؤازرة القوى الأمنية بمداهمة (يوم الأربعاء) إحدى الشقق في حي معوض في مبنى الصفاء فوق غاليري نصار وأوقفت صاحب الغاليري وناطور البناء وزوجته وشخصاً ثالثاً، ولكنها ما لبثت أن تركتهم جميعاً واعتذرت منهم معترفة بأنها تلقت بلاغاً كاذباً حول الشقة.
وفي الوقت نفسه شهدت منطقة خلدة مداهمة شقتين الأولى في مشروع نائل السكني قرب الطريق الرئيسية، كما دهم منزل خلف مطعم هارون الرشيد في منطقة خلدة، وتم توقيف اثنين من المشتبه بهم.
ويوم الخميس أعادت القوى الأمنية مداهمة شقة في حي معوض.
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018