ارشيف من : 2005-2008

الوصلة الأخيرة من أوتوستراد الحازمية ـ طريق المطار تنتظر التمويل:لُزّمت مرات عدة وتحولت عبئاً وسبباً لازدحام السير بدل حلها

الوصلة الأخيرة من أوتوستراد الحازمية ـ طريق المطار تنتظر التمويل:لُزّمت مرات عدة وتحولت عبئاً وسبباً لازدحام السير بدل حلها

الانتقاد/ تحقيقات ـ العدد 1125 ـ 2 أيلول/سبتمبر 2005‏‏

بعد وضع قسم من أوتوستراد الحازمية ـ طريق المطار في الخدمة مع نهاية العام 1999، بقي القسم الثاني الذي يمتد من منطقة حارة حريك، وتحديداً من ساحة القدس مروراً بالمدرسة المهنية العاملية وصولاً إلى طريق المطار، غير منجز، والحجة عدم توافر الأموال اللازمة لإنجاز المشروع الذي تبلغ كلفته الإجمالية نحو 12 مليون دولار.. بينما التمويل لمشاريع أخرى متوافر وينشط العمل فيها وبوتيرة سريعة!‏‏

المعروف أن الأوتوستراد المذكور جرى تقسيمه على مراحل ثلاث: الأولى تبدأ من بولفار كميل شمعون ـ الحازمية ـ غاليري سمعان، والثانية غاليري سمعان ـ حارة حريك، والثالثة حارة حريك ـ طريق المطار، وهي التي لم ينتهِ العمل فيها بعد، ولا تزال الأشغال متواصلة حتى الساعة في القسم الأول بعدما كانت شهدت توقفاً فترة طويلة. علماً بأن المشروع بدأ العمل به منذ العام 1998، هذا من دون أن يفوتنا أن المرحلة الثالثة لم يُضرب بها "رفش" حتى الساعة.‏‏

وقبل أن يصطدم المشروع بعائق التمويل لاحقاً ـ المرحلة الثالثة ـ ثمة أسباب أولية حالت دون إنجاز هذه الوصلة، عندما كان المطلوب أن يمر المخطط (الأوتوستراد) داخل مخيم برج البراجنة، الأمر الذي جرى الاعتراض عليه بقوة من قبل القوى الفلسطينية، باعتبار أن المشروع ينطوي في مكنوناته السياسية على تشريد اللاجئين الفلسطينيين والسعي لتذويبهم في المجتمع اللبناني مقدمةً لتوطينهم، خصوصاً أن المخطط يطال نحو 700 منزل، وهو ما استعيض عنه بتحوير المخطط أمام المدرسة المهنية العاملية بعد إنجاز الاستملاكات المطلوبة من قبل مجلس الإنماء والإعمار.‏‏

وعدا هذا السبب، ثمة أسباب أخرى أهمها التجاذبات السياسية التي حصلت في تلك الفترة على خلفية الاستملاكات في بيروت وبعض المناطق اللبنانية، والتي جرى بحثها في إحدى جلسات مجلس الوزراء الشهيرة. وكان من نصيب هذا المشروع في جزئه الأخير أن أوقف، على أن تقدم الحكومة المشاريع سلّة واحدة لا بـ"المفرّق".‏‏

إضافة إلى هذه الأسباب، ثمة ثغرة أساسية ارتُكبت من قبل مجلس الإنماء والإعمار على حد قول رئيس بلدية الغبيري الحاج محمد الخنسا، وهي "أن المشروع لم يُلزم دفعة واحدة، بل على عدة مراحل".‏‏

ويوضح الحاج الخنسا بشيء من السخرية: "هناك ثغرة ارتُكبت، وهي أن المشروع قُسّم إلى ثلاثة أجزاء: الجزء الوسطي لُزّم، والجزء الشرقي لُزّم، أما الجزء الغربي الذي يربط حارة حريك بطريق المطار فلُزّم الى شركة إيلي سلوان منذ أكثر من سنة، ولكن للأسف عند سؤالنا عن أسباب عدم الشروع في العمل قيل لا أموال مرصودة! وحسب معطياتنا فإن مجلس الإنماء والإعمار يبحث حالياً مع الجهات المموّلة في توفير الأموال اللازمة، ويفترض خلال الأيام القليلة المقبلة أن يُبت هذا الأمر.‏‏

ويستغرب الخنسا كيف يُلزم المشروع دون أن تكون هناك أموال مرصودة له! ويسأل: لماذا هذا التباطؤ في هذا الجزء من المشروع؟ علماً أن هناك اختناقاً كبيراً تسببه أزمات السير الخانقة، بحيث ان كل الآليات تصب دفعة واحدة في منطقة حارة حريك، عدا الارتباك الذي تعيشه المنطقة جراء أزمات كهذه".‏‏

هذا التباطؤ في عدم إنجاز المشروع بكامله قد يدفع بالخنسا على حد قوله "إلى عدم السماح للآليات بالمرور في القسم المنجز منه، لأن الأوتوستراد بدل أن يكون متنفساً للضاحية الجنوبية أصبح يشكل عبئاً كبيراً لا يمكن تحمله مع استمرار التباطؤ والتلكؤ، إذ لا يجوز أن يستخدم هذا الأوتوستراد إلا بعد إنجازه بالكامل".‏‏

ويعتقد الخنسا أن الأمور ذاهبة باتجاه الحلحلة، وعند التعثر "فإننا في بلدية الغبيري لا نستطيع فعل شيء، لأن هذا المشروع ضمن مخطط "مشروع النقل الحضري لمدينة بيروت الكبرى، وهو من مسؤولية مجلس الإنماء والإعمار.. ونحن تواصلنا مع الفعاليات والنواب والرؤساء مؤخراً من أجل متابعة الموضوع".‏‏

وماذا عن المشاريع الأخرى المنوي إقامتها في الضاحية الجنوبية؟ يقول الخنسا إن هناك عدة مشاريع تنتظر التنفيذ، وإن الدراسات بشأنها قد أنجزت من قبل مجلس الإنماء والإعمار، وهي مشاريع تشمل: إقامة جسر على طريق المطار مكان الجسر الحالي، فيما يؤكد الخنسا أن فعاليات المنطقة تصر على إقامة نفق بدل الجسر، توسيع الأوتوستراد بين المشرفية وجسر المطار، وقد أُنجزت الاستملاكات فيه تمهيداً للمباشرة بالعمل، إضافة إلى استحداث نفق في منطقة الطيونة.‏‏

مصدر نيابي مطلع على المشروع أوتوستراد الحازمية ـ طريق المطار، كشف لـ"الانتقاد" أن الوصلة الأخيرة (حارة حريك ـ طريق المطار) لُزّمت ثلاث مرات من قبل مجلس الإنماء والإعمار، وفي كل مرة كانت حجة في توقف التنفيذ عدم وجود اعتمادات. ويستغرب "كيف أن هذا المشروع في جزئه الأول (أي بولفار شمعون ـ الحازمية) يُعمل فيه حالياً، في حين أن الوصلة الأخيرة ما زالت عالقة"!..‏‏

ويطرح المصدر أكثر من علامة استفهام حول آلية التمويل بقوله: "كيف يُموَّل هذا الجزء من المشروع، في حين أن الجزء الآخر لا تمويل له! كيف تلزّم هذه الوصلة ويبدأ العمل بها، في حين أن الوصلة الأخيرة لُزمّت أكثر من مرة وحتى الآن العمل متوقف؟! وإذا أنجزنا المرحلتين الأولى والثانية وبقيت الثالثة، فماذا نكون قد فعلنا؟ أليس هذا هدراً للمال والوقت في آن معاً؟ أين الاستفادة الاقتصادية من المشروع إذا لم يُنجز كاملاً؟".‏‏

ويجيب المصدر نفسه عن هذه التساؤلات بقوله: "إن مجلس الإنماء والإعمار دأب في العهود الماضية على استبدال المشاريع المخصصة لها اعتمادات بمشاريع أخرى على قاعدة المحاصصة السياسية القائمة في البلد.. إلا أن هذا لا ينفي أن هناك وعوداً قريبة بتمويل هذا المشروع من صناديق عربية وإسلامية".‏‏

ويشير المصدر إلى أن الجلسة العامة الأخيرة للمجلس النيابي كانت قد وافقت على عدد من مشاريع إجازات قروض من صناديق عربية وإسلامية تقدمت بها الحكومة لعدد من المشاريع الإنمائية، من بينها مشاريع في المتن الشمالي ومنطقة الشمال. ويسأل المصدر: لماذا لم تلحظ الحكومة في مشاريعها هذه كيفية تمويل هذا المشروع ما دامت الحجة دائماً هي في التمويل، خاصة أن هذا المشروع الحيوي يربط بين شرق بيروت ومطار رفيق الحريري الدولي؟!‏‏

مجلس الإنماء والإعمار يتلكأ بالاجابة عن سبب التأخير!‏

حرصاً من الانتقاد على احاطة موضوع التحقيق بالجوانب المهنية كافة، أجريت الاتصالات اللازمة مع الجهات المعنية في مجلس الانماء والاعمار منذ صباح الاثنين الماضي بغية الحصول على المعلومات المطلوبة، وذلك من خلال رسالة خطية تتضمن الأسئلة عن سبب التأخير، غير أن المعنيين وبعد اتصالات عديدة ووعود متكررة بقرب تزويدنا بالمعلومات فاجأونا نهار الخميس (أمس) وبعد مضي ثلاثة أيام على تقديم الرسالة الخطية بجواب من أحد الموكلين بالرد على الصحافيين بأن المسؤول المعني لم يتبلغ الاجوبة بعد من أحد المهندسين المشرفين على مشروع اوتوستراد الحازمية ـ طريق المطار، وبالتالي لا داعي للاتصال مجدداً... سنزودكم بالمعلومات فور الانتهاء منها، علماً أن الرسالة تتضمن خمسة اسئلة فقط!!‏

حسين عوّاد‏‏

2006-10-30