ارشيف من : 2005-2008
القرار 1614 آلية عملانية لتطبيق أحد بنود القرار 1559:واشنطن تتسلح بقرار جديد للضغط على لبنان
الانتقاد/مقالات ـ العدد 1122ـ12آب/أغسطس 2005
انضم قرار جديد إلى لائحة القرارات الدولية التي يراد منها تكبيل لبنان وفرض مزيد من الضغوط المتعددة الأوجه بتحريض مباشر من الولايات المتحدة الأميركية التي لا تترك مناسبة من دون استغلالها لتحقيق مصالحها. وآخر القرارات الدولية القرار 1614 الصادر عن مجلس الأمن الدولي في 2972005.
شكل استحقاق التمديد لقوات الطوارىء الدولية العاملة في جنوب لبنان فرصة جديدة لتمرير بعض الآليات التي من شأنها تطبيق القرار 1559 ولو جزئياً، وذلك من خلال ما تضمنه القرار المذكور، حيث مُدد بموجبه للقوات الدولية مدة ستة أشهر جديدة متجاوزاً الطابع الروتيني للتجديد على خلاف المرات السابقة، مع محاولة أميركية واضحة للاستفادة منه كأداة ضغط جديدة إلى جانب القرار 1559، أو على الأقل يتكامل معه بتحديد آلية تنفيذه عن طريق الإحالة.
وإذا كان ما حمله هذا القرار من دعوة للحكومة الى بسط سلطتها على الحدود مع فلسطين المحتلة ووقف عمليات المقاومة ليس جديداً مع دأب المنظمة الدولية على تكرار مثل هذه الدعوات، إلا أن الجديد في القرار المؤلف من 15 بنداً أمران:
الأول وضع آلية لبحث هذا الموضوع مع الحكومة اللبنانية من خلال الممثل الشخصي للأمين العام في جنوب لبنان غير بيدرسون، الذي جال بالفعل على المسؤولين اللبنانيين عقب صدور القرار لبحثه معهم بصفته "الموظف" المسؤول عن ادارة المفاوضات مع الجانب اللبناني في هذا الشأن.
والثاني يتعلق بإعطاء الأمين العام للأمم المتحددة خلافاً لقرارات التمديد السابقة، الحق في إعادة النظر في مهلة بقاء القوات الدولية في لبنان، بحيث إذا اقتضى الأمر تقصير المدة فإن مجلس الأمن لا يمانع ذلك.. وفي ذلك إشارة ضمنية الى الحكومة اللبنانية بأن هذا التمديد للقوات الدولية قد يكون التمديد الأخير!..
وجاء القرار ترجمة عملية لما ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الذي رفعه إلى مجلس الأمن عشية اتخاذ القرار الذي تناول فيه الوضع "الهش" في لبنان، إضافة إلى التغيير السياسي "الإيجابي" الحاصل فيه، مستغلاً هذا الأمر ليمارس نوعاً من التحريض والضغط المباشرين على "القوات المسلحة اللبنانية التي عليها أن تبرهن الآن أن في وسعها الحفاظ على الأمن الفعلي في كل أرجاء البلد".
وإمعاناً في الضغط على الحكومة اللبنانية اعتبر أنان في تقريره "أن الاستقرار في المنطقة يعتمد اعتماداً كبيراًَ على قيام حكومة لبنان بممارسة بسط سلطتها على كامل أراضيها".
ومن باب الحرص الذي أبداه أنان على "الاستقرار" في لبنان و"السلام" فيه، أمل "أن تغتنم حكومة لبنان المشكّلة حديثاً، الفرص التي يتيحها الوضع السياسي الذي تغيّر في لبنان وأن تستجيب لدعوة مجلس الأمن إلى بذل جهود قوية لإعادة بسط سلطتها الفعلية والكاملة على كل مناطق الجنوب، بما في ذلك نشر القوات المسلحة اللبنانية على الحدود.. وأن تبذل قصارى جهدها في كفالة استتباب الهدوء".. وشدد على "الحاجة الملحة إلى أن تفرض الحكومة سيطرتها على استخدام القوة في كامل أراضيها، وإلى أن تمنع شن هجمات من لبنان عبر الخط الأزرق".
وفي هذا الإطار يرى أستاذ العلاقات الدولية الدكتور شفيق المصري أن القرار 1614 يمثل آلية مباشرة لتنفيذ أحد بنود القرار 1559 الذي يدعو الحكومة الى بسط سلطتها في الجنوب, ووضع أيضاً الآليات العملانية للقرار 1583 الذي مدد بموجبه للقوات الدولية في الجنوب حتى 3172005, حيث إن القرار الأخير طالب الحكومة اللبنانية بنشر الجيش على الحدود ووقف علميات المقاومة من دون تفويض أي أحد بالقيام بمفاوضات بهذا الشأن, ومن دون تمكين الأمين العام إعادة النظر بالفترة المحددة لهذه القوات. أما القرار 1614 فقد وضع آلية لمباشرة المفاوضات مع الجانب اللبناني لتنفيذه خلال مهلة أقصاها ستة أشهر.
ويلفت المصري إلى أن وضع لبنان تحت ضغط الوقت بهذه الطريقة حتى قبل نهاية الأشهر الستة يعني أن دول الوصاية جادّة في تنفيذ هذين الشرطين، أي نشر الجيش على الحدود ووقف عمليات المقاومة، الأمر الذي يضع لبنان في مأزق مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ويُعرض بالتالي جدياً هذه القوات لإمكانية سحبها من الجنوب.
وإذ يشير المصري إلى نوع من القبول الدولي لا سيما الفرنسي والأميركي لسلاح حزب الله في الداخل، لكنه في الوقت نفسه يلفت الى وجود إصرار على نشر الجيش على الحدود مقابل ذلك.
ويشير مصدر مطلع إلى أن هذا القرار يتضمن النيات السياسية التي تبتغيها واشنطن من خلال تجييرها قرارات مجلس الأمن لمصلحة "إسرائيل", ويؤكد مرة أخرى أهداف القرار 1559 الذي صيغ ووُضع لمصلحة "إسرائيل" بالكامل ولضمان أمنها، في وقت لا يوجد أي قرار أو حتى بند في القرار 1614 يضمن أمن لبنان واللبنانيين سوى تمنيات وآمال تطلقها المنظمة الدولية للتعمية ليس أكثر. ويلفت المصدر هنا إلى أن هذه القرارات ما هي إلا خطوات تحاول من خلالها واشنطن تنفيذ القرار 1559 ولو تدريجياًَ من خلال الضغوط، حتى يتسنى لها تطبيقه بالكامل.
ويعتقد المصدر أن الجيش اللبناني يرفض الانتشار على الحدود ليكون عامل حماية لـ"إسرائيل" التي تنتهك يومياً الأجواء السيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً، وهي ما زالت تحتل جزءاًَ من الأراضي اللبنانية في مزارع شبعا.. ويؤكد أن الجيش اللبناني والقوى الأمنية موجودة في الجنوب باستثناء الخط الأزرق، وهي تمارس كل صلاحياتها الأمنية والسيادية.. ويعتبر أن التهويل بسحب القوات الدولية فيه مبالغة، لكون وجود هذه القوات في الجنوب حاجة دولية وإسرائيلية بالدرجة الأولى أكثر مما هي حاجة لبنانية، وبالتالي فهم يمارسون الابتزاز والضغط على لبنان لأمر هم بحاجة إليه أكثر منه.
مروان عبد الساتر
أرشيف موقع العهد الإخباري من 1999-2018